تتحرّى معظم الدول الإسلامية هلال العيد (شوال 1437 هـ) مساء اليوم الإثنين ، التاسع والعشرين من شهر رمضان ،حيث سيراقب ، المُترائين والفلكيين ، وخُبراء رصد الأهلة ، الهلال ومُتابعته مبينين انه في هذا اليوم سيغيب القمر قبل الشمس في معظم الدول الإسلامية؛ ما يجعل رؤية الهلال مستحيلة من هذه المناطق، وعليه من المفترض أن يكون يوم الثلاثاء 5 يوليو هو المكمل لشهر رمضان، ويكون يوم الأربعاء 6 يوليو يوم عيد الفطر منبهين من عدم الالتباس بكوكب الزهرة على أنه هلال شهر شوال مجمعين على أن عيد الفطر لهذا العام 1437 هـ ، هو يوم الأربعاء ، وأنَ غداً الثلاثاء هو المُتمم لشهر رمضان المبارك .
تدعو للتحري
وقد دعت المحكمة العليا إلى تحري رؤية هلال شهر شوال لهذا العام 1437هـ، مساء اليوم الاثنين التاسع والعشرين من شهر رمضان الجاري ، وترغب إلى عموم المسلمين في جميع أنحاء المملكة تحري رؤية هلال شهر شوال مساء اليوم ، وترجو المحكمة العليا ممن يراه بالعين المجردة أو بواسطة المناظير، إبلاغ أقرب محكمة إليه، وتسجيل شهادته لديها، أو الاتصال بأقرب مركز لمساعدته في الوصول إلى أقرب محكمة.
العيد غدا بتركيا
وأكّد المهندس محمد شوكت عودة، رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة، بأن إمكانية رؤية الهلال يوم الإثنين 4 يوليو مستحيلة من قارات أستراليا وآسيا وأوروبا وشمال إفريقيا.
وأضاف: رؤية الهلال في ذلك اليوم ممكنة بصعوبة عن طريق التلسكوب فقط من أجزاءٍ من أمريكا الجنوبية، وبسبب إمكانية الرؤية هذه، فقد أعلنت تركيا والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أن يوم الثلاثاء هو يوم العيد في تلك المناطق.
الأربعاء أو الخميس
وأشار إلى أن يوم 29 رمضان سيكون يوم الثلاثاء في كل من سلطنة عُمان والمملكة المغربية والهند وباكستان وإيران وبروناي وبنجلادش وسريلانكا، وبعض الدول الإسلامية في إفريقيا، مبيناً أن هذه الدول ستتحرى الهلال يوم الثلاثاء، ليكون بذلك العيد عندهم إما الأربعاء أو الخميس، وحيث إن رؤية الهلال يوم الثلاثاء ممكنة بسهولة بالعين المجردة من مناطق واسعة من العالم الإسلامي، فمن المتوقع أن يكون العيد يوم الأربعاء في جميع العالم الإسلامي، ما عدا تركيا ودول البلقان التي أعلنت من الآن أن العيد عندهم سيكون يوم الثلاثاء.
لاداعي للتحري
ولفت عودة؛ إلى أن عديداً من الفقهاء والفلكيين يرون أنه لا داعي لتحرّي الهلال بعد غروب شمس يوم الإثنين من المناطق التي يغيب فيها القمر قبل الشمس؛ لأن القمر غير موجود في السماء وقتئذٍ، وعليه فإن رؤية الهلال مستحيلة في ذلك اليوم استحالة قاطعة من تلك المناطق، وهذا معروف مسبقاً من خلال الحسابات العلمية القطعية.
وقال: لقد كانت إحدى توصيات مؤتمر الإمارات الفلكي الثاني الذي حضره فقهاء ومتخذو قرار من عديد من الدول الإسلامية ما نصه: “إذا قرر علم الفلك أن الاقتران لا يحدث قبل غروب الشمس أو أن القمر يغرب قبل الشمس في اليوم التاسع والعشرين من الشهر فلا يُدعى إلى تحرّي الهلال”.
وأضاف: لقد أقرّ الفقهاء عن وجود تعارض بين هذه التوصية وبين سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، بتحرّي الهلال، إذ إن هذه التوصية متعلقة فقط بالحالات التي نعلم فيها مسبقاً أن القمر غير موجود في السماء بناءً على معطيات قطعية، وبالتالي فإن تحرّيه ونحن متأكدون أنه غير موجود قد يبدو وكأنه تهميش للعقل والعلم.
وأردف: من بين الفقهاء الذين دعوا إلى مثل هذه التوصية حتى قبل انعقاد المؤتمر، الشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كِبار العلماء في المملكة العربية السعودية ومستشار الديوان الملكي، إضافة إلى أن هذه التوصية معتمدة بطبيعة الحال في بعض الدول الإسلامية التي تعتمد رؤية الهلال أساساً لبدء الشهر الهجري.
معايير فلكية
وكان قد خَصّ المشرف على جمعية “آفاق” لعلوم الفضاء “hsss”، الدكتور شرف السفياني، “سبق” بالمعايير الفلكية لهلال شوال من العام الجاري؛ مؤكداً حدوث الاقتران الفلكي -بإذن الله- اليوم الاثنين 4 يوليو 2016 الموافق 29 رمضان عند الساعة 02:02 ظهراً بتوقيت السعودية؛ مفصلاً أسباب التأكيد على أن الأربعاء أول أيام العيد فلكياً.
وقال لـ”سبق”: “بالنظر إلى إحداثيات مكة المكرمة؛ فالشمس تغيب يوم الاثنين 29 رمضان الساعة 07:07م بتوقيت السعودية؛ بينما يغرب القمر الساعة 07:04 مساء بتوقيت السعودية؛ أي أن القمر يغرب قبل الشمس بفارق 3 دقائق، ولن يكون هناك هلال بعد الغروب للتحري”.
وبيّن: “جميع الدول العربية والإسلامية يغرب فيها القمر قبل غروب الشمس بفارق ثلاث دقائق تقريباً ما عدا الصومال الذي يغرب فيها الهلال بعد غروب الشمس بفارق ثلاث دقائق، والسودان بفارق دقيقة واحدة”.
وأضاف: “بناءً على هذه الحسابات الفلكية، يكون الثلاثاء ٣٠ رمضان هو المتمم لشهر رمضان المبارك، والأربعاء هو أول أيام عيد الفطر المبارك لهذا العام 1437هـ”.
ثلاث فئات
وأشار “السفياني”، إلى أن القائلين في إثبات الأشهر القمرية ينقسمون لثلاث فئات: الأولى تعتمد على الرؤية الخارقة بالعين المجردة، وهي فئة لا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها وحساباتها قبل يوم التحري.. وفئة تجمع بين الحساب والرؤية وتطوع الحساب في تمحيص وتدقيق مسألة الرؤية، وهي ترى استحالة رؤية هلال شوال اليوم الاثنين الموافق التاسع والعشرين من رمضان يوم التحري، وبالتالي ترى إتمام الشهر ثلاثين يوماً ليكون الأربعاء أول أيام عيد الفطر المبارك لهذا العام.
وتابع: والفئة الثالثة تعتمد الحسابات الفلكية لإثبات الأشهر القمرية، وتشرط شرطين أساسيين لدخول الشهر الجديد: الشرط الأول: حدوث الاقتران الفلكي وولادة الهلال الجديد قبل غروب شمس اليوم الاثنين التاسع والعشرين من رمضان، وهذا الشرط متحقق في الاثنين ، والشرط الثاني: غروب الهلال بعد غروب الشمس ولو بفارق دقيقة واحدة حسب إحداثيات مكة المكرمة؛ لكن هذا الشرط غير منطبق على اليوم الاثنين التاسع والعشرين”.
وقال: “بناءً عليه يكون لديهم الثلاثاء 30 رمضان متمماً لشهر رمضان، والأربعاء أول أيام عيد الفطر المبارك لهذا العام 1437هـ”؛ مختتماً حديثه بقوله: “إذاً يكاد يكون هناك إجماع من المختصين في الفلك على أن شهر رمضان لهذا العام 1437هـ سيكون كاملاً ثلاثين يوماً، والأربعاء هو غرة شهر شوال، وأول أيام عيد الفطر المبارك لهذا العام 1437هـ، تقبل الله من الجميع وكل عام وأنتم بخير”.
يغرب قبل الشمس
ومن جهته أكد الباحث الفلكي ، ملهم بن محمد هندي ، عضو الإتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء ، عضو سديم الحجاز الفلكي ، بأنَ هذه الدعوة تأتي في ظل إستحالة الرؤية للهلال ، كون الهلال يغرب قبل الشمس على جميع مناطق المملكة بين 7 دقائق إلى دقيقتين ، والإستحالة هي عدم وجود هلال لترائيه ، وذلك وفق الحسابات الفلكية القطعية الدقيقة .
وقال الفلكي هندي لـ “سبق” : الحسابات الفلكية دقتها ليس لقوة علم علماء الفلك وقدراتهم ، ولكنها دقيقة لأن الله هو سبحانه خالق الأرض والشمس والقمر ، وجعلهما في نظام دقيق فسرهُ علماء الفلك بمعادلات دقيقة تحسب حركة الشمس والقمر مصداقًا لقوله تعالى ( الشمس والقمر بحسبان ).
وأشار إلى أن الحسابات الفلكية بغروب الهلال قبل الشمس تجعل الإستحالة قرينة لنفي أي شهادة قد يتقدم بها أحد ، وهذه النتيجة كانت مُتبعة منذ عصور قديمة ، وقد ضمنها شيخ الإسلام إبن تيمية في فتواه حول الإستهلال، ومنذ مؤتمر مكة للأهلة الذي عقده المجمع الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي تبنت الممكلة النتائج التي تأخذ بالحساب الفلكي في النفي في حالة الإستحالة كما في أحوال هلال العيد هذا العام ، وتأخذ بالرؤية في حالة إثبات دخول الأشهر مثل ماحدث في إستهلال شهر رمضان الحالي .
وبين الفلكي هندي بأن الهلال ولدَ مساء اليوم الإثنين الساعة 2 بعد الظهر ، والولادة هنا أو الإقتران مركزي أي بالنسبة لمركز الأرض والفرق بين الإقتران المركزي والسطحي المحلي هو السبب لتفسير غروب الهلال قبل الشمس بعد الولادة على أغلب الدول الإسلامية .
وأضاف : تأتي ظروف الإستهلال على مناطق السعودية بغروب الهلال قبل الشمس بـ 6 دقائق في الرياض وتبوك ، و بـ 7 دقائق في الدمام وبـ 3 دقاىق في مكة ، ودقيقتين في جازان ، حيث يقل الفارق كلما أتجهنا جنوبًا لأن الهلال يماني .
وتابع : يُصادف بعد غروب الشمس مباشرةً وجود كوكب الزهرة اللامع في الأفق الغربي وسيبدوا كنجمة لامعة ، حيث لا يمكن الخلط بين الهلال وكوكب الزهرة ، ومن الخطأ التعويل على ذلك أو التنبيه منه ، فالفرق واضح بينمها .
وأكدَ هندي أنه وبناءً على المعايير الحسابية الفلكية الدقيقة التي تحقق معايير الرؤية الشرعية ، يكون الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر المبارك فلكيًا ، وبالرؤية التي تدخل في إطار ( إذا غُمَ عليكم ) ، والثلاثاء المتمم للشهر الكريم .
منازل القمر
كما أكدَ الفلكي ، وخبير رصد الأهلة بمرصده الفلكي بجبل شهدان للأهلة بثقيف التابعة لمحافظة ميسان جنوب الطائف، محمد بن ردة الثقفي، بعد أن اختتم متابعة مراحل منازل القمر الأخيرة، صباح اليوم الاثنين، أن غداً الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان المبارك، والعيد الأربعاء.
وأضاف أن اقتران القمر مع الشمس سيبدأ بإذن الله من الساعة 11 صباحاً وينتهي الساعة 2 بعد ظهر هذا اليوم الاثنين، وستتم ولادة الهلال الساعة 2:2 مساءً، ويكون عمره حتى غروبه 5 ساعات و5 دقائق، وفي هذه الحالة يدخل الهلال في وهج الشمس فيغرب بعد غروب الشمس مباشرةً في أقل من 3 دقائق، ووصفه بأنه يميلان قرناه ما بين السماء وجنوب الكرة الأرضية وإضاءة ضئيلة فيستحيل رؤيته بالعين المجردة، أو المناظير أو التلسكوب، ويُدرك الغروب الساعة 7:3 مساءً بتوقيت مكة المكرمة، لذا فإن يوم الثلاثاء هو أول شهر شوال حسب المعطيات الفلكية لمنازل القمر فلكياً، ولا يُعتد به؛ لكون رؤية الهلال تشترط فيه أحكام الرؤية الشرعية بالعين المجردة، ويُعتبر هذا اليوم المكمل ثلاثين يوماً من رمضان الجاري استناداً لقوله سبحانه وتعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}، وفي الحديث لقوله صلى الله عليه وسلم: “أفطرو لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً”.
وأكد “الثقفي” أن يوم الأربعاء 1/ 10/ 1437 – 6/ 7/ 2016 هو أول أيام عيد الفطر المبارك شرعاً.
لا تلتبسوا بالزهرة
من جهةٍ أخرى، وجّه الفلكي “الثقفي” جميع المراصد الفلكية في المملكة، وكذلك المحتسبين لرؤية الهلال، بعدم الالتباس بكوكب الزهرة على أنه هلال، والذي سوف يغرب بعد غروب الشمس والهلال، ويكون أعلاهما يميل قليلاً لجهة الشمال، وحثّ من حباه الله حدة البصر على المساهمة والخروج للأماكن المكشوفة الأفق لترائي الهلال، والاجتهاد في الرؤية الشرعية، متوقعاً أن تُعلن المحكمة الشرعية العليا في هذه البلاد الطاهرة مساء اليوم الاثنين إكمال عدة شهر رمضان لهذا العام 1437هـ ثلاثين يوماً بيوم غدٍ الثلاثاء المُتمم للشهر الكريم، وأن عيد الفطر سيكون بإذن الله الأربعاء.
سبق