نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا، أعدته الكاتبة أشيفا قاسم من إقالويت في محافظة نونافوت القريبة من المحيط الشمالي المتجمد، تقول فيه إن شهر رمضان يوشك على نهايته، مشيرة إلى أن المسلمين الذين يقيمون في أطراف الكرة الأرضية، حيث لا تغرب الشمس عنهم حتى في منتصف الليل، سيتذكرون أيامه الطويلة جدا.
وتقول قاسم إن “فصل الصيف في المحيط الشمالي الكندي المتجمد يتميز بالضوء الساطع، الذي يغطي السهول الجرداء لمدة 20 ساعة، وبالنسبة للكثيرين، فإن هذا التغيير موضع ترحيب، لأنه أتى بعد أشهر الشتاء الحالكة، لكن بالنسبة للمسلمين، الذين يزداد عددهم في إقالويت في محافظة نونافوت، فإن الحياة في ظل الشمس الساطعة حتى منتصف الليل، تمثل تحديا كبيرا لهم أثناء شهر رمضان”.
وينقل التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، عن عبد الكريم (29 عاما)، الذي يعتمد في توقيت صيامه على شمس المحيط المتجمد، منذ انتقاله إلى إقالويت من مدينة أوتاوا عام 2011، قوله: “لم أشعر بالإعياء أبدا”، حيث إنه في هذا العام يتناول سحوره الساعة الواحدة والنصف قبل شروق الشمس، ويتناول إفطاره حوالي الساعة الحادية عشرة قبل غروبها.
وتورد الصحيفة نقلا عن عبد الكريم، قوله إن السبب الوحيد الذي يدعوه للتوقف عن الصيام هو إن كان يؤثر في صحته، ويعلق ضاحكا: “لا أعتقد أن الصيام يؤثر في صحتي”.
وتعلق الكاتبة قائلة إن “طول النهار في إقالويت أدى إلى تحول في كيفية الصيام، حيث إن معظم المسلمين يتبعون التقويم الذي يعتمدونه أهل أوتاوا، التي تبعد 1300 ميل عن المحيط المتجمد، أي يتبعون نصيحة العلماء، وهي الصيام والإفطار بحسب تقويم مكة، أو تبعا لتوقيت أقرب مدينة مسلمة لهم، وهذا يعني صيام 18 ساعة”.
ويشير التقرير إلى أن عاطف جيلاني، الذي انتقل للعيش في المدينة قبل أقل من عام، يقول: “ساعات الصيام طويلة، لكن يمكن تحملها”.
وتفيد الصحيفة بأن المسلمين يقومون بالإفطار معا في المسجد الجديد، الذي أكمل إنشاؤه حديثا، وتكون درجة الحرارة منخفضة إلى ما دون الـ50 درجة مئوية، لافتة إلى أنهم يبدأون بتناول الطعام من تمر وكاري بلحم الضأن، حيث تتسلل أشعة الشمس من نوافذ المسجد.
وتلفت قاسم إلى أن هناك مشاهد شبيهة لتلك في أنحاء كندا كلها، حيث يحاول المسلمون التكيف مع جغرافية البلاد، مشيرة إلى أن المسلمين، البالغ عددهم 300 في يلونايف في المناطق الشمالية الغربية، لديهم أكثر من خيار، بحسب ناظم عوان من المركز الإسلامي في المدينة، باستثناء النساء الحوامل والمرضى، ويقول: “قد يكون هناك أناس خارقون يريدون صيام 23 ساعة، لكن الخيار الآخر هو اتباع توقيت أقرب مدينة، أو توقيت مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة”.
ويذكر التقرير أن هناك كثيرين يتبعون توقيت مدينة ألبرتا أو إدمنتون، مشيرا إلى أن عوان يتبع توقيت مكة، حيث يأمل بتشجيع ابنه على صيام ساعات من النهار يمكن تحملها، حوالي 15 ساعة مقارنة بـ 18 ساعة في إدمنتون، ويقول: “لو صمت بناء على توقيت يلونايف أو إدمنتون، لقال لي ولدي: (بابا) هل أنت مجنون، ماذا تفعل؟”.
وتنوه الصحيفة إلى أنه بالنسبة للمسلمين، البالغ عددهم 100 في إنوفيك، التي تقع على بعد 125 ميلا شمال الدائرة القطبية، فإنهم يتبعون توقيت إدمنتون.
وتنقل الكاتبة عن أحمد الخلاف، قوله: “لدينا الآن 24 ساعة من النهار، حيث كان أول رمضان لي هنا في كانون الأول/ ديسمبر، وكان كله في الليل، ولهذا اتبعنا توقيت إدمنتون”، وأضاف أن توقيت الصيام باتباع الساعة بدلا من الجو خارج البيت يمثل تحديا نفسيا، ويقول: “من المفترض أن تفطر عندما تغرب الشمس، وأن تبدأ صيامك عندما تشرق الشمس، ومن غير المعتاد أن تفطر والشمس مشرقة”.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى أن عبد الكريم وغيره سيرتاحون بعد سنوات عندما يحل شهر رمضان في الشتاء؛ لأن رمضان يتبع التقويم القمري، حيث تقل ساعات الصيام، ويحل الظلام لمدة طويلة لا تشرق فيها الشمس إلا لثلاث ساعات.
عربي21