أقر الأمين العام لمجلس التخصصات الطبية بتأثر القطاع الصحي بهجرة الأطباء، وكشف عن ضوابط جديدة لتنظيمها، ووصف ماتقوم به مكاتب الاستخدام بغير القانوني واتهمها بالاستغلال والسمسرة، وقال إن (9) آلاف طبيب هاجر إلى السعودية و(2500) في بريطانيا وايرلندا، وفي المقابل يرى أطباء أن المجلس عجز عن حماية منسوبيه من الطرد والاتهام بالقتل وتوفير بيئة عملية جيدة، واعتبروا الحديث عن مكاتب الاستخدام فشلاً في إيجاد حلول للحد من الهجرة وشماعة يعلق عليها المجلس تقصيره في اداء ماعليه من التزام.
أزمة عمل:
يقول الطبيب بدول المهجر عبد الخالق محمد: إن قناعته بالهجرة جاءت بعد تفاقم أزمة فرص العمل التي انحصرت على جهات معينة، كما لعبت الانتماءات السياسية دورها، وإهمال قضايا الأطباء دفع بي للخروج والبحث عن حياة كريمة علمياً وعملياً، وبالطبع سافرت عبر أحد مكاتب الاستخدام الذي قام بكافة الاجراءات من توثيق وتذاكر وغيرها مقابل عمولة وصلت لـ(11) الف جنيه، وبالطبع سهل لي مقابلة اللجان ومتابعة الأوراق حتى بعد وصولي للبلد المعني اكمل مندوبهم ماتبقى من اجراءات، ولكن في بعض الأحيان تستعصى المبالغ المطلوبة وتستغل مكاتب حاجة الطبيب للخروج، ودعا الجهات المعنية لتحسين بيئة العمل حتى يؤدي الطبيب رسالته على أكمل وجه.
طرق علمية:
يقول رئيس قسم العظام بمستشفى الخرطوم د. مبارك مكي عووضة: إن التعامل مع هجرة الأطباء يتم بطرق علمية أولها توسيع مواعين التدريب، والعمل بنظام الانتداب حتى تكون الاستفادة من الخبرات بأعلى مستواها، حيث يمكن للأطباء افتتاح مستشفيات خاصة توفر كل التخصصات، أما مكاتب الاستخدام فهي تجارة مثل البقية تأخذ عمولة مقابل خدمة تقدمها، ولا ضير في ذلك، فهناك بنود واتفاقيات دولية، ودعا الوزارة إلى الالتفات للأوراق والبحوث الموجودة في الأدراج لتحسين القطاع الصحي.
معاناة:
لاعلاقة لمجلس التخصصات بالحديث عن السفر والوكالات، هكذا بدأ اختصاصي التخدير والمتابع للشأن الصحي سيد قنات، مواصلاً، بموجب القانون تنحصر مهمة المجلس في التدريب ومنح درجة الدكتوراة للأطباء، وتوفير بيئة ومناخ مناسب للتدريب والتحصيل، وارجع قنات سبب حديث أمين عام المجلس إلى النقص الذي يعانيه في المدربين خلاف الكم الهائل من المتدربين، وله عدة أسباب أبرزها المقابل الذي يتقاضاه من التدريب، ولا ننسى بأن معظم مراكز التدريب محصورة في العاصمة وتعاني التردي من استراحات ومعدات يحتاجها المتدربون، وبهذا لم يلتفت المجلس الى المسؤولية التي تقع على عاتقه، بل أصبح بوقاً لوزارة الصحة، حيث يمتنع عن منح الأطباء شهاداتهم حال عدم اجرء مخالصة مالية مع وزارة الصحة وكأنه وكيل مالي لها.
اتفاقيات ثنائية:
يضيف قنات المجلس يقوم بتدريب الأطباء في المستشفيات العامة دون اي تأثير عليها، حيث يرفع يده عن المساهمة في خلق بيئة مناسبة من توفير احتياجات ومعدات رغم تحصيله على أموال سنوياً، وأشار قنات إلى وجود اتفاقيات ثنائية من شأنها العمل على تقليل الهجرة والمضي في استبقاء الكوادر، ولو تم تحفيزهم وتحسين أوضاعم، بالطبع لن يهاجر اي طبيب فهم فقط ينشدون العيش بكرامة بعيداً عن الذل واطلاق النار والسب والشتائم، وأرى أن مجلس التخصصات لم يقم بحماية منسوبيه من الطلاب كما حدث لنواب مستشفيات كوستي ومدني وام درمان، الذين اتهموا بالقتل، ورغم ذلك يريد الحجر على هجرتهم، فالمجلس تبنى أدواراً أخرى.
ومثل هذه المعالجات تتم بعد دراسة المشكلة وتشخيصها لوضع العلاج الناجع بطرق أخرى.
عجز وفشل:
ويرى أطباء استطلعتهم الصحيفة أن عمل المكاتب لايقتصر على وظائف الأطباء فقط وما يتقاضونه مقابل الخدمة التي يقدمونها منطقي ومعقول وشبه متفق عليه، ولا يتم تغييره كل عام كما يفعل المجلس ، واستنكر آخر اتهام المكاتب بالاستغلال، وقال إن ما يتقاضاه المجلس مقابل التدريب يمثل أضعافاً، واتجاه المجلس لهذا المسلك يدل على عدم اقراره بالتقصير في حق الكوادر، وأضاف أنها تمثل طوق نجاة تخرجهم من الغرق في النظام الصحي المتردي.
ظاهرة طبيعية:
قال عميد المركز الاقليمي لدراسات الهجرة واللجوء والتنمية بجامعة المغتربين خالد لورد: إن الاتجار بالبشر له عدة أنماط والقاسم المشترك بينهم هو الاستغلال المادي، أما فيما يتعلق بهجرة الكفاءات فلا يمكن وقفها وهي ظاهرة طبيعية موجودة منذ الازل، وهجرة الكفاءات من التحديات التي تواجه الدول النامية، ولها أسباب عدة منها تحسين الأوضاع الاقتصادية أو الأكاديمية مثل فرص التأهيل والتدريب أو المشاركة بورش ومؤتمرات، وتقل الأسباب السياسية، واضاف لورد أن الدول المتقدمة تعاني فجوات متفاوتة في سوق العمل وتحتاج لكفاءات من الدول النامية، التي تبحث الكفاءات فيها عن ظروف اكاديمية واقتصادية أفضل، وتقوم الدول المتقدمة بانتهاج سياسات جاذبة لهذه الكفاءات، والسياسة من الأنماط حيث تقوم الدول بمنح وخلق فرص ومقاعد للدراسة وتدويل العملية التعليمية، ومن ثم تمنح مهاجري الدول النامية جنسيات وتقدم لهم اغراءات للاستفادة من علمهم.
تأثير مختلف:
يضيف لورد للهجرة تأثيرات سلبية وإيجابية، والأولى إذا عجزت الدولة النامية (المرسلة) عن إدارة ملف الهجرة بشكل علمي وراشد لسد الفجوات، أما أن تعمل على نقل المعرفة من المهاجرين بإقامة دورات وندوات وورش عمل بالطبع سيكون أثرها إيجابي ويضمن استمرار الكفاءات، خاصة وأن المهاجرين يستفيدون لأنفسهم.
غير شرعي:
قال الأمين العام لمجلس التخصصات الطبية د. الشيخ صديق: إن النظام الذي تعمل به مكاتب الاستخدام غير شرعي، فالرسوم التي يتقاضونها غير قانونية- حسب منظمة العمل- حيث لا توجد تكلفة في استيعاب اي جهة لأشخاص، ومايحدث يوقع ضرراً على الأطباء فبعضهم يبيعون ممتلكاتهم، ولنتجنب ذلك لابد من الاتفاق على الوظائف المطلوبة عبر وزارة الصحة دون اي وسيط والتزام، وسبق لنا أن عملنا بذات النظام مع ليبيا والسعودية وتم تشكيل لجنة وتسلموا عقوداتهم دون دفع اي تكاليف.
وأضاف أن الاتفاقيات التي نوقعها مع السعودية شاملة بها شق التدريب، وهو من صميم عمل المجلس، بجانب تنظيم الهجرة وهو يتبع لوزارة الصحة والعمل وجهات أخرى، وليس لدينا خلط بين الاختصاصات.. وكشف عن إقامة وزارة الصحة لوحدة خاصة بتنظيم الهجرة ونحن جزء منها، وعن توفير المعدات واحتياجات الدارسين أجاب بأن المجلس ينظم التدريب فقط ويمنح شهادات وينظم امتحانات، كما يقوم بتوزيع الطلاب على المستشفيات لدورات تدريبية، ومتابعته حتى الامتحانات النهائي، والرسوم التي يتقاضاها المجلس يصرفها في وجهات معلومة من تنظيم امتحانات وتكاليف اجر (60 – 70) ممتحن خارجي من مختلف الدول في امتحانات 44 تخصصاً، بجانب تصريفها في إقامة قاعات ومكتبات ووسائل تعليمية، وفي إجابته عن وجود أفرع للمجلس بالولايات قال إن هناك فروعاً جديدة لأول مرة في تاريخ المجلس، (سنار، شمال كردفان، الفاشر، البحر الأحمر) وتتفاوت معيناتها حسب إمكاناتها.
والهجرة ظاهرة طبيعية لها سلبيات وفوائد منها التأهيل واكتساب الخبرات والتجارب، وازديادها يؤثر كما حدث لنا في التدريب حيث فقدنا استشاريين في تخصصات نادرة، والحديث عن دفع أجر مجزي لا علاقة له بالمجلس، والسودان من الدول التي تعيش أوضاعاً اقتصادية معلومة لدى الجميع، ولدينا ثلاثة محاور متعلقة باستبقاء الكفاءات بمنح ميزات بوسائل مادية، وهناك اتفاقيات تتيح لنا الاستفادة من الكوادر المهاجرة بعد رجوعها وفي عطلاتها بالمشاركة في التدريب، بجانب سياسة الإعارة التي تضمن للطبيب المهاجر الوظيفة حتى يعود دون أن يفقدها.
نظام عالمي:
نفى الأمين العام للمجلس اتهامهم بجمع وتحصيل الأموال بدلاً عن وزارة الصحة، وقال إن الوزارة تشترط عدم منح الطلاب لشهاداتهم إلا بموافقة الجهة الممولة وهي الوزارة، وهذا اجراء ونظام طبيعي معمول به في عدد من الدول، ولا يوجد غرض مع الأطباء.
مبادرة وتحرك:
وفي رده على اتخاذ المجلس الصمت ستاراً في قضايا منسوبيه من مستشفى مدني وكوستي وام درمان، الذين تم اتهامهم بالقتل العمد.. قال: إن من حق الولايات رفض النواب وارجاعهم للمجلس حسب قوانينهم وكل تلك القضايا تم النقاش فيها.
عمل منظم:
يقول مندوب استقطاب بأحد مكاتب الاستخدام مفضلاً حجب اسمه، إن عمل المكاتب شرعي ولا غبار عليه بشهادة الجهات المعلومة، حيث تكون هناك تصاريح من الدولة وتصل المكاتب المعتمدة إلى 8 مكاتب، حيث يقوم مالكوها بارسال خطابات لتقنين الأوضاع والإعلان عن فتح فرص ولا يكون متروكاً لأي شخص ويتم وفق ضوابط معينة، وبعدها يقوم الطبيب بالتقديم بناءاً على رغبته، ومن ثم يتم ادخالة للمعاينات، ونقوم عنه بكل شيء حتى توثيق الشهادات وقطع التذاكر له، ونأخذ عمولة مقابل عملنا حيث لا تتعدى الـ(12) الف جنيه تقسم على قسطين الثاني يسلم بعد الوصول للمندوب في الدولة المعنية.
تحقيق:معاوية عبد الرازق
صحيفة آخر لحظة