قرأت قبل سنوات عن أسترالي عاقبه القضاء بالسجن عشر سنوات، بعد إدانته بتهمة تتعلق بالشرف، وكان الشاكي زوجته، وكانت التهمة أنه اغتصبها عدة مرات. خلي بالك معي زين وركز كويس: زوجته واغتصبها!! كيف؟ تقول الزوجة إن الزوج كان يعطيها أقراصاً منومة ثم «يعتدي على شرفها»، ومسائل الشرف في المجتمعات الغربية (وأستراليا مجتمع غربي رغم أنها تقع في شرق الكرة الأرضية) مطاطية وهلامية، ولهذا لم أفاجأ بأن القانون البريطاني أيضا يجعل من مواقعة الزوجة من دون رضاها جريمة تودي الزوج في داهية السجن.
وبالمقابل سأسرد لكم تفاصيل حكاية أخرى تؤكد أننا قوم «حمشون» -ومفردها حمش على وزن جحش- ولا نتلاعب في مسائل الشرف.. تعالوا نقرأ ما أوردته صحيفة كويتية محترمة عن سيدة عربية دخلت مخفر الشرطة وهي في حالة هستيريا، مما جعل كافة رجال الشرطة في المخفر يلتفون حولها ويحاولون تهدئتها ليعرفوا مأساتها التي جعلتها تبكي وتنتحب في تشنج، ولبعض الوقت ظن الشرطيون أنها جاءت تشكو زوجها الذي كان يقف إلى جوارها مكسور الخاطر ورأسه منكس مما جعل رجال الأمن يحسبون أنه ارتكب «عَمْلة مهببة»، فكان من الطبيعي وحاله كذلك أن يخضعوه للتحقيق والسين والجيم.
سألوا الزوج: وش فيها المدام.. خير.. ماذا حدث؟ ولكن الرجل همهم بما معناه أنه يريد لزوجته ان تعرض شكواها، فازداد رجال الشرطة حيرة وتيقنوا أن الزوجة تعرضت لكارثة ألجمت حتى زوجها، وبعد أن استهلكت المدام كل مناديل الورق الموجودة في المخفر وبعد ان كف أنفها عن إفراز المواد اللزجة -كعادة الأنوف عند البكاء- تكلمت المرأة بصوت متقطع: هتكوا عرضها.. المسكينة البريئة البكر… هنا تحسس رجال الشرطة أسلحتهم لأنّ هتك العرض جريمة خطيرة.. وصاحوا في صوت واحد: تماسكي يا مدام واعطينا التفاصيل على وجه السرعة، حتى نتحرك فوراً ونلقي القبض على المجرم الحقير.. قالت الست: هما اثنان.. وليس مجرما واحدا.. طمأنها رجال الشرطة بأنهم بمجرد حصولهم على المعلومات التفصيلية عن المجرمين سيتحركون للقبض عليهما وتقديمهما للقضاء، حتى لو كان السفلة الحقيرون مسنودين بقوات المارينز الأمريكان.
وبدلاً من الإدلاء بالمعلومات المطلوبة شرعت الست المكلومة في العويل مجدداً ولاحظت الشرطة أنها تنظر إلى زوجها نظرات تنم عن حقد وكره، فوجهوا إليه سهام الاتهام والأسئلة مجددا، ولكنه تجاهلهم وواصل النظر إلى أسفل وكأنه أضاع عدسة لاصقة كان يستعين بها على رؤية الأشياء. وهكذا فقد أحد الضباط أعصابه وقال لها: يا ست كلما تأخرت في الإدلاء بإفادتك صعب علينا الإمساك بالمجرمين.. ذبحتينا.. حرام عليك! تكلمي حتى نتحرك بأسرع ما يمكننا لأنّ الجريمة التي تتحدثين عنها خطيرة، ولكن الست طمأنته بأن المجرمين لن يستطيعا الهرب لأنهما محبوسان في البيت عندها.
وشيئا فشيئا بدأت الست تحكي واقعة انتهاك الشرف التي جعلتها تفقد السوائل من فرط البكاء: عندي يا جماعة قطة صغيرة بريئة وعند زوجي قطان (ذكران)، وتآمر القطان على قطتي المسكينة البكر وهتكا عرضها.. واااااااااا يا لهوي.. أودي وشي فين! سأل رجال الشرطة الزوج ما إذا كان ما تقوله زوجته صحيحاً وما إذا كان كل البكاء يتعلق بأن قطتها العذراء تعرضت لاغتصاب، فكان رد الزوج بالإيجاب. ولو كنت أعمل في سلك الشرطة في الكويت للفقت تهمة للزوجين تتسبب في إبعادهما عن البلاد ليمارسا بلادتهما في بلدهما.. أوطاننا تتعرض لهتك العرض ولا نسمع حتى صيحة «عيب» وتريد الست هانم من الشرطة أن تحمي شرف قطتها؟ يا لهوي.