(أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً) مثل يبدو أنه فصل بالمقاس لتلك الصناديق التي تحتل المباني والعمارات الشاهقة بأسماء يبدو في ظاهرها أنها صناديق كونت لخدمة الشرائح المقصودة بها اسماً، لكنها في الحقيقة ليست صناديق وإنما هي (توابيت) للأفكار المحنطة والمشاريع الميتة، وخلوني كدي أحكي ليكم قصة السيدة “ابتسام” التي استضافها برنامج (مع كل الود والتقدير).. البرنامج رقم واحد في الفضائيات السودانية وهو ينحاز بالكامل للغبش ويبحث عنهم في الأزقة والأحياء ويقدمهم من داخل بيوتهم الفقيرة البائسة بعيداً عن الاستوديوهات المكيفة وأيادي خبيرات التجميل اللائي يقدمن الضيوف والمذيعات في أبهى صورة، والسيدة “ابتسام” بائعة الشاي قالت إنها إلى جانب عملها في بيع الشاي تعمل فراشة في المحلية براتب قدره (515) جنيهاً، ولا تستغربوا إن هي لم تنس هذه (الخمستاشر) جنيه، إذا إنها مؤكد من الأهمية بمكان لتسد لها فرقة وتقضي لها حاجة. وللسيدة “ابتسام” تسعة من الأبناء جميعهم تركوا الدراسة لأنها لا تملك المال الذي يعينهم على ذلك في بلد (يفلقنا) مسؤولوه صباح مساء حديثاً عن مجانية التعليم ليقف هؤلاء الأطفال أكبر شاهد على أكذوبة هذا الشعار! المهم أن واحدة من بنات هذه السيدة تركت الدراسة في السنة الثالثة من جامعة أم درمان الإسلامية لأنها عجزت عن دفع ثلاثمائة وخمسين جنيهاً إضافة إلى مصاريف ابنتها من مواصلات إلى فطور الخ.. وقالت إنها ذهبت إلى عميدة الكلية التي رفضت استثناء الطالبة من الرسوم مما اضطر البنية أن تترك الدراسة وتمكث بالمنزل رغماً عن ما وصفته السيدة بأنه واجع قلبها!! وقالت إن العميدة زولة صعبة شديد ولم تتجاوب معها!! وبالطبع لم تجد ابنتها مناصاً من قطع دراستها والجلوس في المنزل. هذه الطالبة تفقد مستقبلها وتعاني من حاضرها.. أيها السادة (في صندوق دعم ورعاية الطلاب) عن أي طلاب تتحدثون؟ هل أولئك القادرين على دفع إيجار الداخليات التجارية المكندشة؟ أم طلاب في بلد ثانٍ لا نعرفهم؟؟ ابنة “ابتسام” هذه (عينة) من عشرات إن لم يكن مئات وآلاف الطلاب في هذا البلد (الممكون)، قطعوا دراستهم الجامعية لأنهم لا يملكون بضع مئات من الجنيهات لإكمال دراستهم مش ملايين الملايين في الجامعات الخاصة!! أليس لهذا الصندوق أذرع وأيادي ونوافذ داخل الجامعات لمساعدة مثل هذه الحالات التي لا عائل لها حتى تخرج بنفسها وأسرها من مستنقع الفقر وزلة الحاجة والسؤال؟! وبعدين (الهانم) عميدة الكلية لماذا لم ترحم دموع السيدة التي جاءت تترجاها لتكمل ابنتها آخر سنة دراسية في الجامعة (أمانة في ذمتك) لو أنك دفعت الثلاثمائة جنيه من راتبك ح تعمل ليك شنو؟!
أنا شخصياً أعتقد أن شاكلة هذه البرامج تفضح زيف ونفخة بعض الجهات التي هي مجرد واجهات لم تف بالغرض الذي أنشئت من أجله، وفالحين فقط في تلميع أنفسهم بالإعلانات مدفوعة القيمة من شاكلة سوينا وعملنا، والواقع والحقائق يمدان لهم لسانيهما سخرية وتهكماً!! قال رعاية ودعم الطلاب قال!!
{ كلمة عزيزة
أكثر إدارة شهدت إحلالاً وإبدالاً في الفترة الماضية في دوائر الشرطة هي إدارة المرور وتعاقب عليها أكثر من مدير، لكن رغم ذلك لم تشهد تطوراً ملحوظاً في الأداء العام لها وما زالت تمارس ذات أساليب ضبطيات المخالفات التقليدية في منتصف النهار، وفي نص الشوارع، لتساهم بذلك إدارة المرور في عرقلة المرور لتتحول عن مسارها الأساسي في تنظيم وتسهيل وضبط إيقاع الشارع إلى واحدة من مؤسسات الجبايات رغماً عن أنف الزمان والمكان!!
في العموم أتمنى أن نشاهد تحولاً في أسلوب ضبط الشارع وكفاية جداً يكون في عسكري أو اثنين على أحسن الفروض لتنفيذ الحملة في نقطة ما، لأنه أحياناً عدد الأفراد أكبر من عدد السيارات المارة نفسها!!
{ كلمة أعز
منذ أن بدأ بث برنامج (أمنا حواء) تلقيت العديد من الإشادات والتهاني والكلمات المحفزة والداعمة من أشخاص أكن لهم كامل التقدير والاحترام، لكن بشكل استثنائي احتفيت بمكالمة هاتفية من الدكتور “محيي الدين تيتاوي” نقيب الصحفيين السابق والصحفي المخضرم الذي يرقد مستشفياً بمنزله وهو يهنئني على نجاح البرنامج، وأنه من المتابعين المداومين لكل حلقاته.. فشكراً أستاذنا “تيتاوي” على الاهتمام والمتابعة والمهاتفة، وألف لا بأس عليك وأجر وعافية.