والي البحر الأحمر.. هل كسب رهان المركز؟ علي حامد.. في مواجهة الأمواج العاتية

عندما صدر القرار الرئاسي بتعيين علي أحمد حامد واليا على الأحمر قبل نحو عام بدأت الصفوف هناك تتمايز وسريعا اخذ أنصار الوالي السابق محمد طاهر إيلا يبحثون عن سيرة الرجل وما لبثت ذات المجموعات أو قل بعضها في زراعة الأشواك على طريق القادم من نهر النيل في أول يوم جاء فيه لتولي مهامه حين قامت مجموعة برشق موكبه بالحجارة عند مدينة أروما لكنها ثورة سرعان ما خمدت، إلا أن رجل الأمن يبدو أنه قد فهم الرسالة، ومن هنا كانت أولى مهامه في كيفية التعاطي مع مثل هذه الواقعة ثم إن علي أحمد حامد قد ورث ملفات شائكة في ولاية شهدت تنمية وطفرة يحسبها البعض أنها لم تكن متوازنة بأي حال من الأحوال، لهذا كان طبيعيا ألا يجد علي حامد طريقه مفروشا بالورود بل واجه عقبات مصنوعة، وحظي الجنرال بدعم كبير في فترته الأولى من مختلف مكونات الولاية السياسية والاجتماعية، ورغم أن سياسته اتسمت بالبطء الذي يرقى لدرجة التردد إلا أنه تمكن من الحفاظ على نسيج الولاية متماسكا بل وقاده إلى تجاوز الكثير من مرارات الماضي الذي خلفه سلفه.

رجل مؤسسات

ومع مرور عام على تسلم حامد ملف الولاية فقد جرت كثير من المياه تحت جسرها إلا أن مراقبين يصفون الفترة الماضية أنها شهدت انفتاحا على كافة المستويات وهذا ما جعلها ايضا تشهد استقرارا بين مكوناتها المختلفة، ويرى القيادي آدم سلل بأن علي رجل مؤسسات غير أنه كما يقول سلل إن المؤسسية ظلت غائبة عن الولاية في ظل وجود مجموعات ليس لديها ولاء تنظيمي بل هو ولاء شخصي لأفراد ولمجتمعات، وقال إن علي حامد يعمل وفق سياسة حكيمة بالرغم من أن هذه الطريقة جلبت له في كثير الأحيان إخفاقات، وقال هنالك كثير من المؤسسات قائمة على هياكل الحزب مثلا المكتب القيادي والمجلس التشريعي ولجانه وهنالك مؤسسات تعمل دون المستوى المطلوب وفي مجال الخدمات يقول سلل هناك جهد واضح في مجال المياه والآن الولاية يوجد فيها توافق مجتمعي كامل، والولاية الآن تعيش في أفضل حالاتها، أما بخصوص التأخير في تنفيذ عمليات الإصلاحات فقد عزا سلل ذلك ما اعتبره الدولة العميقة، وقال كانت هذه الولاية طيلة العشرة أعوام بحكم الفرد على حد تعبيره والآن لكي تحكم بالمؤسسية يعتبر ليس بالشيء السهل، وقال نتمنى أن يكون هنالك اهتمام أكبر في مجال الخدمات خاصة في مجال المياه والهيئة القومية للكهرباء ووزارة المالية ومؤسسات التمويل الأصغر وهنالك بعض المؤسسات تحتاج إلى إعادة هيكلة خاصة في بعض الوزارات مثلا نحن كمواطنين

وزراء خلف القاطرة.

ويقول مراقبون للشأن العام بالولاية لا نعرف أي نشاط ملموس للوزراء والمعتمدين إلا وزير الشؤون الاجتماعية ومعتمد طوكر ومعتمد بورتسودان، وهؤلاء يعملون بإستراتيجية دولة وعمل هيكلة في الوزارة والمحليات ومن الواضح هناك إشكاليات كبيرة في وزارة المالية ووزارة الصحة وهو ما دعا هذه القيادات مناشدة الوالي لإحداث تغيير حقيقي في هذه الوزارات حتى تواكب الأداء المميز لبقية الوزارات.

سياسة النفس الطويل

هنالك انطباع عام عن الوالي على أنه شخص ملتزم ويتعامل بسياسة النفس الطويل وفي نفس الوقت يريد أن يتعامل مع كافة الناس بمسافة واحدة وهذه الطريقة يصفها البعض بغير الموفقة خاصة وقد عرف عنه العمل بمجموعات يمكن أن تدافع عنه وعن برنامجه وأبرزها الإعلام على عكس ما كان يجري في عهد حكومة الوالي السابق، والتي كانت تعتمد على مجموعات متخصصة في متابعة ما ينشر في الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي عن سياسات الحكومة والرد عليها.

وهنالك من يرون بأن علي حامد ليس لديه قدرة المتابعة عكس الوالي السابق أيلا الذي كان يصدر ويظل متابعا له حتى نهاية أي قرار إلا أن القيادي بالوطني ناصر الطيب وخلال حديثه لـ”الصيحة” يرى عكس ذلك مستشهدا بحادثة الشمندورة حيث أكد أن الوالي أصدر قرارا والذي اعتبره قرارا شجاعا، قال إنه أكد من خلاله هيبة الحكم وسمعة الولاية إلى جانب اتخاذه قرار السفريات الخارجية إلى لجان إعادة شبكة المياه التي ظل متابعا لها خلال هذا الشهر، وأبان ناصر نشهد للوالي تفاعله مع قضية مياه بورتسودان، وقد بدأت الآن في الانفراج وكثير من الأحياء لم تكن المياه لتصل إليها لفترات طويلة، وأشار إلى الوالي يشرف بنفسه وحتى ساعات متأخرة من الليل على العمل في محطة خور أربعات بصحبة مدير الهيئة وطاقمه.

تجديد دماء

عرف عن الجنرال علي حامد أنه رجل هادئ البال ويسعى بكل ما يملك في اتجاه الاستقرار ويتجاوز كل ما يؤدي إلى الخلافات، وواحدة من إشراقاته ايضا في تكوين حكومته من عناصر جديدة بنسبة 90% وليس لديها علاقة بالحرس السابق وبعض منهم كانوا مهمشين في حكومة أيلا وأصبحوا بالنسبة له أدوات جديدة في إطار حكومته، والخلافات بين مجموعة أيلا وحكومة علي حامد ظهرت خلال مهرجان السياحة بصالة الشمندورة ومن الملفات التي حقق فيها نجاحا واضحا هو ملف قضية المياه، وهنالك أحياء لها عشرات السنين لم تدخلها خدمة المياه وبفضل الله علي حامد كان له دور كبير وأولاها اهتمامه، وبعض المحليات قام بحفر آبار ايضا الملف الثاني الذي أولاه اهتماما خاصا يتمثل في قضية حقوق المعاشيين وحقوق العاملين، وتوفير وسائل نقل للدستوريين واهتمامه بالجهاز السياسي الذي يعيش حالة من الاستقرار.

تقصير تجاه المعدنين

من الملفات التي انفتحت على مصراعيها في عهد علي حامد وفشل في التعامل معها بالسرعة المطلوبة ملف الرسوم التي فرضتها وزارة المعادن على المعدنين بالولاية، وهي التي بسببها تظاهروا خواتيم الشهر الماضي أمام أمانة الحكومة، وطالبوا مقابلة الوالي إلا أنه ارسل لهم معتمد بورتسودان، وهنا يشير عضو المجلس التشريعي محمد محمد نور محمدوية إلى أنه ليس من المنطق والعدل أن تتحصل وزارة المعادن عبر الشركة على ثلاثة جرامات عن كل عشرة جرامات يتحصل عليها المعدنون، ويصف هذه الرسوم في حديث لـ(الصيحة) “بالجباية التركية” وذلك لأنها بحسب ما قال لا يوجد مبرر موضوعي لفرضها، وأضاف: المعدنون يبذلون جهودا غير طبيعي في اجواء شاقة وخطيرة وذلك من اجل إيجاد الذهب ويصرفون نظير هذا أموالا طائلة في الإعاشة ودفع الرسوم المحلية وبدلا عن أن تعمل الدولة على تشجيعهم فإنها “تجلس في الضل” وتأتي لتفرض رسوم ثلاثة جرامات على كل عشرة جرامات يتحصل عليها المعدن ولا نعرف ماهي الأسانيد والمعايير التي ارتكزت عليها وزارة المعادن في تحديد هذه النسبة ويلفت محمدوية إلى أن الولاية تشكو من بطالة خانقة وأن التنقيب عن الذهب وفر فرصا كبيرة للأيدي العاملة وإن هذا يحتم على الدولة دعم المعدنين بدلا عن تنفيرهم وإعادتهم إلى الجلوس على رصيف البطالة، وأكد أن موقف الوالي كان ضعيفا في هذه القضية ولم يقف بجانب المواطنين المغلوبين على أمرهم.

طوكر تنتفض

ما إن تسلم علي أحمد حامد أمر ولاية البحر الأحمر، حتى عاد اسم طوكر يتصدر أخبار الولاية، وهي بذلك قد وجدت اهتماما على غير ما كان سابقا حيث كانت بجنوبها وشمالها خلال فترة الوالي السابق منطقة ملتهبة تخرج الشكاوى من أبنائها بحرقة واسى حيث كانت في نظرهم مثل المناطق المقفولة التي يخشى كثيرون الحديث عنها أو حتى مجرد التفكير لزيارتها خاصة الإعلام وخلال عهد الوالي السابق ما أن يذكر اسم طوكر إلا وجاء نقص الخدمات والفجوة الغذائية مرادفا له كان ذلك فيما مضى وفي عهد علي أحمد حامد اختلف الوضع تماما وهذه من الملفات التي تمكن من إحداث اختراق حقيقي على جدرها وذلك عبر زيارته لطوكر وعقيق ورعايته لمؤتمر اقيم خصيصا لتنمية المنطقة، هذا بخلاف اهتمامه بتأهيل مشروع طوكر بالإضافة إلى وضعه تشييد الطريق الرابط بين حاضرة الولاية وعقيق نصب اهتماماته رغم أن الولاية لا تساهم ماديا في تشييده وهنا يشير آدم سلل إلى أن الوالي علي أحمد حامد أفرد اهتماما واسعا لقضايا المنطقة التي أكد أنها حظيت بتمييز إيجابي في عهد الجنرال كاشفا عن استمرار العمل في الطريق بوتيرة متسارعة في مرحلة الردميات ورغم ابتعاد مساره عن عدد كبير من القرى بدأ سعيدا بالعمل في الطريق.

عروس البحر

ايضا بذات القدر تحتاج محلية بورتسودان إلى عمل دءوب واهتمام أكبر وهنالك بعض الأحياء مازالت قابضة على الجمر مثل القادسية وأم القرى إشادة خاصة بمدير هيئة الموانئ في دعمه الاجتماعي للمواطنين في جنوب طوكر، ويعمل الآن في مسألة معالجة أوضاع الكهرباء، من الملفات الشائكة التي ورثها علي أحمد حامد ملف كهرباء أحياء القادسية وأم القرى والمطار ببورتسودان وهي التي بسببها تم الزج بعشرات المواطنين في السجون ورغم أن تدخل الوالي جاء بعد أربعة أشهر من توليه الحكم إلا أنه وقف في صف المواطنين، وذلك حينما أصدر قرارا بإيقاف إيداعهم السجون، بل وجه وزير ماليته بوضع حد لهذا الملف، وبحث أمر مديونية البنوك التي تقترب من الخمسة مليارات جنيه بحسب المستندات وهي عبارة عن نسبة الـ25% التي التزمت بها الحكومة السابقة ولم تف بها، وهنا يشير منسق لجان الكهرباء بأحياء القادسية وأم القرى والمطار آدم سلل في حديث لـ(الصيحة) إلى أن الوالي قطع خطوات جيدة في هذا الملف لتفهمه القضية حيث أصدر قرارا بإيقاف البلاغات وعدم الزج بالمواطنين في السجون، ووجه وزير ماليته بحل القضية إلا أن وزير المالية بالولاية بحسب منسق لجان الكهرباء وضع العديد من العراقيل أمام جهود حل الملف، ويشير سلل إلى أن كل اللجان المتعثرة تبلغ مديونيتها خمسة مليارات و500 مليون جنيه، وهي عبارة عن نسبة الـ25% التي تعهدت بدفعها الحكومة السابقة للبنوك، إلا أنها نكصت عن عهدها وتم تحميلها للمواطنين، وقال إن وزير المالية أثار حيرتنا ودهشتنا لأنه بدأ وكأنه يريد عرقلة جهود انتهاء هذه القضية، وذلك لأنه كل مرة يزيد من المبلغ للجهات التي تستفسره عن المديونية ومنها صندوق إعمار الشرق الذي أفادهم الوزير أن المديونية تبلغ 24 مليار جنيه، فيما أشار إلى مدير هيئة الموانئ البحرية الذي تدخل جادا لحل القضية أن المبلغ 18 مليار جنيه، ونعتبر أن هذا الأمر متعمد ومقصود من الوزير، لتعجيز هذه الجهات وغيرها حتى لا تتدخل لحل القضية عبر دفع المبلغ، وقد ذكرنا لكل الجهات أننا نتحدى الوزير بأن يأتي بكشف تفصيلي يحوي أرقام مديونية البنوك والمبالغ التي ذكرها لهيئة الموانئ وصندوق الإعمار وغيرها من جهات أبدت حُسن النية لحل القضية والمساهمة بدفع المبلغ، فهو تارة يتهم اللجان بالفساد وأخرى يزيد المبلغ وكل هذا من اجل وضع العراقيل أمام حل القضية ويلفت سلل إلى أن البنوك توقفت عن الزج بالمواطنين في السجون وفي انتظار القرار النهائي للوالي في ظل تعنت وزير المالية.

بالونة اختبار

من أكثر القضايا التي وضعت الجنرال علي أحمد حامد في مواجهة سهام النقد عليه كانت تلك المتعلقة بالجرافات المصرية حيث وجدت القضية تفاعلا كثيفا حتى كادت أن تشق صف حكومة الولاية، في وقت نشط فيه اتحاد الصيادين بالولاية لإجهاض العقد، واعتبر أنه مخالف لكثير من اللوائح، فضلا عن كونه أفسح المجال لجرافات مصرية، أكد الاتحاد حينها بجلب كثير من الأضرار تتصل بالبيئة والسياحة والاقتصاد، مع عدم وضع أي تحوطات أمنية لمراقبة عمل هذه الجرافات غير القيادي بالوطني ناصر الطيب، اعتبر أن ما أثير لا يعدو أن يكون حملة منظمة قادها البعض لإفشال سياسة الوالي، وليس إجهاض عقود الجرافات كما يتبادر للذهن، ويدفع ناصر بجملة من الشواهد حول عدم جلب مضار من قبل الجرافات

تجاوز الدولة العميقة.

بحسب مراقبين فإن علي حامد نجح وبذكاء واضح في تجاوز عقبة تيار الأيلاويين الذي وضع متاريس في طريقه حتى يفشل، إلا أنه وبانتهاج سياسة النفس الطويل تمكن من تحجيم هذا التيار وإبعاده عن المشهد، ومثلما نجح علي حامد في ملفات كهرباء أم القرى والقادسية وطوكر ومياه بورتسودان، إلا أنه وبشهادة عدد كبير من المواطنين الذين التقيناهم في بورتسودان فإنه أخفق في ملفات أخرى، ويعتقدون أن التردد الذي يشوب طريقة أدائه أظهره بمظهر الضعف ومحاولة إرضاء الجميع، إلا أنهم ورغم إقرارهم بعدم تحقيقه لإنجاز حقيقي على الأرض، إلا أنهم يعتبرونه أفضل حالا من سابقه خاصة على صعيد اهتمامه بالنسيج الاجتماعي والإبقاء عليه متماسكا، بيد أنهم يتوقعون أن يشمله التغيير مستقبلا.

محمد أحمد الكباشي: صحيفة الصيحة

Exit mobile version