يبدو أن النائب المستقل ممثل الدائرة 7 عد الفرسان محمد طاهر عسيل، قد آثر العمل في صمت بعد أن أثارت تصريحاته التي وصفت نواب البرلمان بـ”الكومبارس” ضجة لدرجة أن خصصت جلسة كاملة لمساءلته فقد اختار عسيل طريق العمل البرلماني لإنجاز ما يريده للبرلمان وقد استخدم الرجل لائحة البرلمان وأخذ في تفعيل مواد الاستدعاء عبر تقديم المسائل المستعجلة والاسئلة للوزارة حول قضايا مهمة كان آخرها امس عندما استدعى وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي سمية ابوكشوة بشأن تصاعد العنف داخل الجامعات، ودخول الأسلحة النارية الحرم الجامعي والمسؤول عنها، وكيفية دخولها؟، إذ أنه يرى أن الاختلاف السياسي في الجامعات بين القوى السياسية الحاكمة والمعارضة ظل قائماً منذ سنين، والسجال فيه يتم وفق المنطق والحجة دون اللجوء للعنف القاتل أو استخدام السلاح أيَّاً كان نوعه، لافتاً إلى أن مقتل طالب واحد في جامعة الخرطوم عام 1964م أدى لتفجير ثورة جماهيرية عاتية قلبت نظام الحكم بأكمله.
اطمئنان
في بداية ردها على سؤال عسيل حول أسباب العنف الطلابي بالجامعات وأسباب دخول السلاح الناري سوحها، طمأنت وزير التعليم العالي والبحث العلمي البروفسور سمية أبو كشوة أعضاء المجلس الوطني قاطعة بعدم وجود نية من الحكومة أو رغبة أو اتجاه لبيع مبنى جامعة الخرطوم، وطالبت المجلس الوطني بضرورة سن القوانين واللوائح التي تحظر دخول الأسلحة النارية والبيضاء كـ”السراطير والسكاكين والعصي”, مشددة على ضرورة تطبيقها للحد من هذا السلوك، كاشفة عن جامعات حكومية لا يوجد بها “سور” ناهيك عن أبواب الكترونية لفحص السلاح وكاميرات المراقبة عازية الأمر لضعف تمويلها، خلافاً للجامعات الخاصة التي تتوفير فيها الكاميرات والابواب الإلكترونية، وقالت إن طلاباً ينتمون للحركات المسلحة “يجيدون” استخدام السلاح بالجامعات رغم قرار رئاسة الجمهورية بحظره.
اقتحام من الخارج
يبدو أنها كانت أكثر شفافية عندما قالت للنواب إن الإجابة التي تقولها لهم حالياً حول العنف الطلابي ودخول السلاح للجامعات إجابة غير نهائية، لكن الوزيرة حاولت أن تضع بعض النقاط على حروف السؤال فقالت إن اقتحام الجامعات بالسلاح يأتي من أشخاص من خارج الجامعات ليس بالضرورة لهم علاقة بالجامعة، عازية العنف بالجامعات إلى الممارسة السياسية غير الراشدة وتابعت: “يدخل السلاح الجامعات عندما ينفرط عقد الأمن وتدخل مجموعة من الطلاب تقودها مجموعات من الخارج يحملون السلاح يدخلون عبر البوابات لعدم تسليح الحرس الجامعي”. ونوهت الوزيرة إلى أنه من بين (150) جامعة وكلية حدث العنف في أربع منها فقط، وقالت أبوكشوة إن عدداً من الجامعات طالبت بمزيد من التعزيزات القانونية لحماية الطلاب والجامعات من العنف الطلابي، قاطعة بعدم وجود سلاح مخزَّن داخل الجامعات وأردفت: “لا يمكن بأي حال تخزين السلاح بالجامعات لكن غالباً يخزن في أماكن السكن التي لا تخضع لمراقبة الوزارة “. ونوهت إلى أن سلطة وزارتها على الجامعات التي يعين مدراءها رئيس الجمهورية تنسيقية فقط، وليست هنالك جهة لها سيادة على الجامعات، مشيرة إلى أنهم يعملون على أن تكون الجامعات خالية من السلاح من خلال تكثيف الأنشطة الثقافية والاجتماعية وتابعت: “بعض الكليات 80% من طلابها من البنات لذلك لا يمكن أن يسيطر العنف السياسي على الجامعات “.
فصل الطلاب
هذه الأحداث تعتبر قليلة إذا قورنت بالنشاط السياسي الكبير الذي يتم في الجامعات، بالرغم من أن القوانين تتيح للجامعات حظر دخول الطلاب الذين يحملون السلاح كما يحق لها أيضاً فصل الطالب الذي ثبت تورطه في قضية ما لعام أو عدة أعوام، لكن ليست هذه الإشكالية وإنما القضية عندما يتم فصل طالب واحد وهو متورط بالفعل تقوم الدنيا ولا تقعد وتكون هنالك تدخلات من خارج الجامعة بالرغم من أن الأمر يتعلق بقانون الجامعة.
أساليب “الثورية”
رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان الفريق شرطة أحمد إمام محمد التهامي اتهم طلاب الحركات المسلحة بالتحريض واستخدام أساليب العنف، وهي ذات الأساليب التي تنتهجها الجبهة الثورية في التخريب يطبقها طلابها بالجامعات في تدمير الجامعات، معتبراً سلوكهم هذا لا يشبه سلوك الطلاب، وطالب التهامي بمحاسبة أي طالب يقوم بالتحريض على العنف بالجامعات وتابع: “ما يقوم به الطلاب يعتبر دليل انتماء للحركات المسلحة”. منتقداً السماح لقادة الحركات المسلحة بالحديث عبر مكبرات الصوت في الندوات وأركان النقاش التي يقيمها طلابهم داخل الجامعات، واصفاً الأمر بالاستفزازي لبقية الطلاب.
مراجعة ثورة التعليم
القيادي بحزب المؤتمر الوطني عضو البرلمان الفاضل حاج سليمان طالب بضرورة مراجعة ثورة التعليم العالي بعد مرور سنوات على تطبيقها معتبراً ما يحدث في الجامعات من عنف واستخدام للسلاح أحد إفرازات ثورة العليم العالي وتابع: “آن الآن لمراجعة ثورة التعليم العالي حتى نعلم أين وصلنا تقييماً للتجربة ودعم التعليم وجودته، وقبل لحظات كانت تتحدث الوزيرة عن بعض إفرازات ثورة التعليم العالي حيث العنف الطلابي واستخدام السلاح بالجامعات والاعتداء على الأساتذة وغيرها. كل هذه الافرازات لم تكن موجودة من قبل وأسوأ أمر “الإعتداء على الأساتذة”، صحيح كانت هنالك مظاهرات يقوم بها الطلاب لكن ليس هنالك اعتداء”. وطالب الفاضل المجلس الوطني بعدم اللجوء لعبارات الإشادة والثناء بل يجب سن قوانين لإصلاح أمر التعليم العالي خاصة عملية إيلاء الداخليات لمراقبة الوزارة وهذا أمر مهم للغاية. وأضاف: “من أقبح الأشياء التي صاحبت التعليم العالي الاعتداء على الأساتذة”.
الخرطوم: صابر حامد
صحيفة الصيحة