> ما يحدث في جنوب السودان الآن أمر متوقع ولم يكن بعيداً عن تحليلات المراقبين للساحة السياسية والعسكرية في الدولة الوليدة التي لم يمض على وجودها بضع سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة ، وفي ما يبدو بعد المشاهد الدموية في غرب بحر الغزال وما سبقتها من ولايات أخرى في أعالي النيل الكبرى والبحيرات وأجزاء من الإستوائية ، أن خاتمة المطاف قد بدأت بالنسبة للتركيبة الحاكمة في جوبا، وقد تتلاشى الدولة الجنوبية تماماً إلا إذا حدثت معجزة ما في زمن غابت فيه المعجزات. > بطبيعة الحال، لم يكن الفرقاء الجنوبيين في مجموعة الرئيس الحالي سلفا كير ومجموعة غريمه الشريك معه الآن في السلطة د. رياك مشار، على قدر المسؤولية في قيادة دولة وشعب اختار الانفصال وأسرف في حلم ببناء دولة على أسس سليمة وتنعم بثروة بترولية كانت ستسهم في نهضتها، لكن تبخرت كل تلك الآمال التي عقدت على الحركة الشعبية، وتم تقديم أسوأ أنموذج للحكم في القارة الإفريقية من حيث الفساد والمحسوبية والولوغ في الدماء والخلافات المسلحة والفشل في إنجاز أي شيء في دولة لا تجد حتى قوت يومها. > ويمكن القول أن دولة الجنوب تواجه ثلاثة احتمالات فقط في غضون الأيام القادمة، وهي التي تحدد ما إذا كانت ستبقى دولة قائمة إذا ما نفذت الاتفاقية وسد منافذ الخروقات، أو تنهار بسقفها فوق رؤوس أهلها وشعبها المسكين. } أولاً: الاحتمال الأول هو قيام عدد من القادة العسكريين في قيادة الجيش الشعبي من أبناء الدينكا بتنفيذ وعيدهم بتصفية رياك مشار والتخلص منه وإزاحة سلفا كير من السلطة والسيطرة على مقاليد الأمور في الدولة، وهو ما بدأت نذره تلوح في جوبا منذ الأمس، فعدد من كبار الضباط وعلى رأسهم رئيس هيئة الأركان بالجيش الشعبي أبدوا تذمرهم ورفضهم من فترة مبكرة الاتفاق مع رياك مشار، واعتبروا ما قام به سلفا كير هو صفقة لضمان وجوده في السلطة، ولا يرون حلاً في هذا الاتجاه إلا عن طريق تحقيق تفوق عسكري على المعارضة وتصفية رموزها، ولن تستطيع قبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار مواصلة الحرب للظروف التي تمر بها حالياً، ولخلافات مشار مع قيادات عسكرية كبيرة من قبيلته لن تتحمس للأخذ بثأره أو القتال من أجله، ففي حال حدث هذا الاحتمال، فإن دولة الجنوب برمتها تكون قد دخلت في نفق مظلم، وستستعر فيها حرب ضروس لا هوادة فيها، وتصعب السيطرة على المجموعات المسلحة بعد الانفراط الكامل في عقد الأمن والسلام والطمأنينة. } ثانياً: الاحتمال الثاني أن تنجح قوى دولية وإقليمية بما تبقى لها من نفوذ، في فرض وصناعة واقع سياسي جديد في الجنوب والتخلص من الغريمين سلفا كير ومشار، وتنصيب أحد الجنرالات رئيساً بمعاونة ما تسمى المجموعة الثالثة التي كانت تضم عدداً من أبناء قرنق، وهذا الاحتمال ضعيف للغاية، فأولاد قرنق ( باقان، دينق ألور، نيال دينق، وياي دينق، جون لوك، وآخرون) لهم صوت عالٍ لكنهم بلا قاعدة شعبية أو وزن حقيقي حتى داخل قبائلهم وعشائرهم الصغيرة، وأغلب الظن أن هذه المجموعة لن تستطيع إدارة الدولة وستحاصرها الأزمات والمشكلات وستنهار الدولة عليها، هذا بالرغم من أن هناك أصواتاً داخل الإدارة الأمريكية بدأت تعيد النظر في تعاملاتها مع (أولاد قرنق) وتحملهم مسؤولية ما جرى في دولة الجنوب. } ثالثاً: وهو الاحتمال الأرجح، أن تتفق فصائل من المعارضة الجنوبية المنقسمة على نفسها، في الالتفاف حول قائد جديد غير مشار، يستطيع جمع الصف المعارض وتوحيد الجنوبيين في الأقاليم الرئيسة الثلاثة (أعالي النيل، بحر الغزال، الاستوائية) ثم يتحرك لدك كل ما تبقى لحكومة الحركة الشعبية واحتلال العواصم في الولايات والزحف لجوبا وطرد الحركة الشعبية وجيشها منها، وإقامة نظام جديد، يتمكن من استعادة عافية دولة الجنوب وإنشاء مؤسسات دولة وتحسين العلاقات مع الجيران، وهذا الخيار الأخير يتطلب قيادة لم تتورط في المذابح والدماء التي سالت منذ تمرد 1983م ولم تتلوث أياديها وتتلطخ بدم الجنوبيين. التقديم الالكتروني للحج > شهدنا أمس مع السيد مدير إدارة الحج والعمرة الأخ الكريم المطيع محمد أحمد، بداية التقديم الالكتروني للحج لهذا الموسم، بمقر الإدارة بالخرطوم، شيء مدهش تفعله الهيئة من تطوير وتحديث في خدماتها لحجاج بيت الله الحرام، سهولة في الإجراءات وتبسيطها، فالتقديم اللكتروني اختصر الزمن والعنت والجهد والنصب الذي كان يلاقيه الحجاج في السابق من الوقوف في صفوف طويلة ومطاردة وكالات السفر أو الإدارات المتخصصة التابعة للحج والعمرة في الخرطوم الولايات، ومئات الموظفين ورجال الشرطة والتأمين والفحوصات الطبية غيرها من الإجراءات، أصبحت كل الإجراءات تتم في (45) ثانية فقط عبر الشبكة الالكترونية، ومن أي مكان وفي أي وقت يستطيع المتقدم للحج أن يفتح الصفحة في موقع التقديم على الحاسوب أو اللاب توب أو الهاتف الذكي ، ليقدم في ثوانٍ معدودات، يدخل اسمه وولايته ومحليته الموجودة جاهزة أصلاً مع كل ولاية، ثم الرقم الوطني والوسيلة التي يريد السفر بها، وفي ثوانٍ يعطى الكترونياً رقماً للمتابعة، ويوجد في مركز التحكم لإدارة هذا التقديم فريق عمل متخصص يعمل على مدار الساعة بثلاث ورديات يقوم بالرد على الهواتف والاستفسارات، ويشرف على عمل الشبكة في كل ولايات السودان ومراكز التقديم في القطاعات المختلفة. ويتم حفظ كل البيانات وتصنيفها في معلومات متكاملة عن المتقدم للحج .. وفي أقل من نصف ساعة من بدء التقديم تقدم أكثر من (1300) مواطن للحج. > هذا العمل المتطور والتحديث الذي يدخل عامه الثاني هو تجربة فريدة ومتقدمة سهلت للناس شعيرة الحج، ووفرت الوقت وقللت التكلفة، وأشاعت الرضاء، وهي توفيق من الله وفضل.