أكد لي من أثق به ثقتي بنفسي أن المبعوث الأمريكي للسودان ولدولة جنوب السودان دونالد بوث والملحق السياسي الأمريكي ديفيد اسكوت قد أكد له أن الرئيس باراك أوباما يسعى لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان فيما تبقى من أشهر رئاسته، كما أن المقال الخطير الذي نشرته دورية (الشرق الأدنى) الأمريكية بتاريخ 17 مايو 2016 بقلم نات فيرجسون،والمنشور بالداخل في الصفحة التاسعة من هذا العدد، أكد على تغيير كبير في الاستراتيجية الأمريكية حيث تحدث عن سقوط مشروع دولة الحركة الشعبية في جنوب السودان أخلاقياً وسياسياً وعن خطأ السياسة الأمريكية التي ضغطت لفصل الجنوب عن الشمال بناء على قراءة خاطئة لحقيقة الأوضاع في جنوب السودان الذي انزلق إلى واقع مختلف تماماً عما خطّط له من أرادوا فصله عن السودان وأن السياسة الأمريكية الحالية تجاه دولتي السودان بما في ذلك استمرار العقوبات الأمريكية ستفاقم الأوضاع المتردية في الدولتين بما يتعارض مع ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية ولذلك خلصت الدراسة إلى الآتي:-
ا – ضرورة إيقاف فكرة تصدير النموذج الجنوبي الفاسد للشمال وذلك من خلال تفكيك ما يعرف بقطاع الشمال.
2 – رفع الحصار الاقتصادي عن السودان حتى يتسنى له إطعام الجنوب الجائع عبر قرارات تنفيذية من الرئيس أوباما.
3 – إيجاد تسوية سياسية لمشاكل الشمال السياسية في دارفور مع تجفيف الدعم للحركات الدارفورية.
4 -تشجيع الدول الخليجية لدعم الخرطوم اقتصادياً.
المقال أشار إلى حقائق كثيرة أهمها أن أهم القيادات الكنسية كانت ترى أن الانفصال سيكون كارثة على الكنيسة وأن (بقاء الجنوب تحت إدارة الشمال المسلم هو الضمانة الوحيدة لاستمرار تدفق المسيحية في شرايين القبائل الجنوبية) وأن الإدارة الأمريكية اقتنعت بأنها ظلمت الشمال.
لذلك كله أجدني من خلال هذا المقال أخاطب الرئيس البشير مناصحاً بأن الرياح الأمريكية الآن تهب في أشرعة نظامه لكنها رياح لموسم قصير يمتد لعدة أشهر تنتهي بانتهاء فترة حكم أوباما ذلك أن فترة الإدارة الجديدة ستكون كارثية سواء فازت (الديمقراطية) هيلاري كلينتون أو جاء ذلك الجمهوري العنصري البغيض ترامب.
ذلك ما جعلني أختار عبارة now or never كعنوان لهذا المقال لأؤكد أن نظام الإنقاذ الذي قدم خلال فترة حكمه الطويل تنازلات كبيرة (مجانية) من أجل كسب رضا أمريكا وظل يسعى بلا كلل للخروج من قيد العقوبات الأمريكية التي كبدت السودان وشعبه خسائر فادحة وكبحت من انطلاقه في دروب التطور والنهضة، تواتيه اليوم فرصة لن تتكرر مرة أخرى بعد أن غدا الطريق أمامه ممهداً لتحقيق ما استعصى من انفراج وتطبيع ظل محظوراً طوال فترة حكمه.
بلوغ ذلك الهدف الكبير يتطلب التعاطي بحنكة وحكمة ومرونة قد تقتضي تقديم تنازلات (جراحية) ملموسة لا تقارن كلفتها مهما عظمت بما سيحصده السودان من خير وفير سيما وان الرئيس البشير لا يزال يعول على الحوار الوطني للانتقال الى مرحلة سياسية جديدة يسودها السلام والامن والحريات تحت نظام حكم ديمقراطي يتراضى عليه اهل السودان من خلال احزابهم وتنظيماتهم السياسية.
من الجانب الآخر اقول إن من حسن الحظ ان المشهد السياسي بصورة عامة موات تماما للتحرك نحو الحل سيما بعد ان الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والنظامية في جبهة دارفور خاصة.
نواصل