المادة 25 من قانون الفساد .. جدل مستمر

جدل كثيف أحدثته المادة25 من قانون مكافحة الفساد داخل البرلمان الذي كان قد أجاز القانون وأودعه منضدة رئيس الجمهورية توطئة للمصادقة عليه إلا أن الأخير أبدى بعض الملاحظات على المادة 25 منه ومن قام بإرجاع القانون إلى المجلس الوطني مرة أخرى حتى يتمكن النواب من النظر في ملاحظات رئيس الجمهورية وأجرى التعديلات اللازمة أو تمرير القانون بشكله القديم.

أصحاب المصلحة
المادة المثيرة للجدل في القانون المستحدث متعلقة بكيفية محاكمة الأشخاص الذين يتمتعون بحصانات وفقاً لقوانين أخرى ، لاسيما وأن قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991الساري المفعول قد نص على إجراءات مشددة لرفع الحصانة عن المتمتعين بها إذا ما حامت حولهم شبهة ارتكاب جريمة ، بيد أن المادة 25 في شكلها القديم ـ قبل التعديل ـ لم تنص على هذه الإجراءات وأقرت محاكمة المتمتعين بالحصانة كالأشخاص العاديين الشيء الذي رفضه رئيس الجمهورية سداً للذرائع ومنعاً لفتح الباب أمام أي محاولات للنيل من الأشخاص بفتح بلاغات كيدية وتعطيل العمل في دولاب الدولة . لكن نواب البرلمان اتفقوا خلال جلسات مداولاتهم للقانون موضوع النقاش أن المادة لم تكن من صنع عبقريتهم وإنما جاءتهم بشكلها الحالي ضمن مواد القانون المودع من قبل مجلس الوزراء لمنضدة البرلمان أي أن من لهم مصلحة في تشديد المادة ووضع عقبات إجرائية أمام الشاكي في البلاغ ضد أي متمع بالحصانة لم يتشددوا في تلك المادة فمن باب أولى أن يمرر البرلمان بشكله الذي جاءت به من أهل المصلحة في تشديدها إذا ما وضعنا في الاعتبار أن جميع الوزراء يتمتعون بهذه الحصانة التي سكت القانون عن النص عليها .

سد الذرائع
بالطبع أن المادة بشكلها القديم حسبما يرى رئيس الجمهورية أنها ربما تفتح الباب واسعاً أمام مواجهة المسؤوليين ببلاغات كيدية متعلق بالفساد، الرأي نفسه يسانده عضو البرلمان محمد الحسن الأمين الذي نبه في تصريحات سابقة لـ(آخرلحظة ) من خطورة تمرير المادة بهذا الشكل دون حماية المتمتعين بحصانة ما قد يفتح الباب أمام الأهواء والتشفي وملاحقهم ببلاغات جنائية كيدية، لكن المحامي نبيل أديب وفي تصريحات سابقة أيضاً يعتبر أن المادة بشكلها القديم تشكل ضامناً لتحقيق العدالة وأضاف أن قانون الإجراءات الجنائية ينص على البلاغ الأولي الذي يمكن السلطات من التحقق من أن البلاغ سليم وغير كيدي وكان يمكن أن ينص في ذات القانون على مثل هذا الاجراء الذي يتحرى من صدق أقوال الشاكي في البلاغ ومن ثم الشروع في الإجراءات الجنائية وتوجيه اتهامات.

مداولات ساخنة
من تحت قبة البرلمان وبعد مداولات ساخنة بين النواب فقد خرجت المادة بشكل جديد وأكثر تشدداً لاسيما في الشروط الجديدة المضافة إلى متن المادة حيث اشترط المشرع وحتى يتمكن الشاكي في مواجهة أي شخص يتمتع بحصانة بإجراءات جنائية متعلقة بالفساد أن يخطر الجهة المنتسب إليها الشخص وأن يرفق مع الإخطار كل المستندات والأدلة المتعلقة بوجود شبه فساد تحوم حول منتسبها وامهال تلك الجهة لشهر كامل للرد على الاخطار ما يعني عملياً أن البرلمان وضع عقبات إجرائية تشبه إلى حد بعيد تلك التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية وبالتالي تقييد تدوين الشاكي لبلاغ ضد أي شخص متعلق بحصانة بتطبيق الشروط الواردة في نص المادة موضوع التعليق .

تعطيل العدالة
قانونيون ينظرون إلى التعديلات الاخيرة بمثابة وضع متاريس أمام تحقيق العدالة وتعطيل سير الإجراءات. ويقول العجبة محمود المحامي إن مفهوم الحصانة يعني ان يتمتع الشخص بحصانة إجرائية محددة حتى يتمكن من أداء واجبات وظيفته باطمئنان دون الشعور بالخوف من مواجهته بإجراءات جنائية ، والحصانة نفسها نوعان حصانة إجرائية وحصانة موضوعية وكلاهما تمنعان الشخص المتمتع بها من المواجهة بالاجراءات إلا وفقاً لشروط نص عليها قانون الاجراءات الجنائية كتوفير بينة مبدائية أن الشخص ارتكب جريمة في صياغ عمله ومن ثم اتباع الاجراءات المنصوص عليها لرفع الاحصانة كأخذ الإذن اللازم ويضيف العجبة أن المادة ليس مطلقة ولكن هنالك استثناءات عليها أوردها القانون منها إذا ضبط الشخص متلبس بجريمة أو قاده سلوكه الشخصي الى ارتكاب جريمة وفي هذه الحالات لا تحتاج الى رفع الحصانة وانما الشروع فوريا في مواجهة الشخص باجراءات ، وبناء على تلك الحالات يؤكد العجبة ان المادة 25 بشروطها الحالية الخاصة بالاخطار والامهال لمدة شهر تطيل من عمر التقاضي وتعطل إجراءات سير الدعوى الجنائية وهي مدعاة لحماية الفساد ، ويوافق العجبة الرأي زميله حيدر التوم المحامي أن الإجراءات الإدارية لحماية الموظف العام ضرورية في صياغ عمله حتى لا تتعطل أعماله بدعوى كيدية، بيد أنه يرى أن المشرع تشدد في نص المادة وكان ينبغي على البرلمان معالجة المادة باتباع أقصر الطرق التي تحقق العدالة ولا تعطل سير الدعاوي الجنائية.

تقرير:علي الدالي
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version