جدل حول مواقيت الصلاة في مصر

تشهد الساحة المصرية جدلا متصاعدا حول مواقيت الصلاة، خاصة موعد صلاة الفجر، التي يقول البعض إنها تُصلَى قبل وقتها بأكثر من 20 دقيقة، بينما أعلن معهد الفلك القومي ووزارة الأوقاف المصرية، أنهما يجريان دراسات ستنتهي العام المقبل، للتأكد إن كانت مواقيت الصلاة في مصر صحيحة من عدمه.

وأمس الأربعاء، أصدر مفتي الجمهورية، شوقي علام، بيانا صحافيا أكد فيه أن توقيت أذان الفجر المعمول به في مصر وسائر بلدان العالم الإسلامي، هو التوقيت الصحيح شرعيًّا وفلكيًّا، واستنكر التشكيك في التوقيت، والادعاء بأنه متقدم على وقته الحقيقي، أو أنه مبني على تقويم وضعه عالم غير مسلم، ومن ثم التشكيك في صلاة المسلمين وصيامهم.

وأكد المفتي “أن دعوى بدء الفجر من درجة 15 أو نحوها، هي دعوى باطلة مخالفة لِمَا تقتضيه الأحاديث النبوية من أن النبى كان يصلي سُنة الفجر، ثم يغفو إغفاءة يسيرة ثم يقوم إلى صلاة الفجر ويطيل القراءة فيها، ومع ذلك فإن النساء كنّ يخرجن بعد الصلاة لا يُعرَفْنَ من الغلس، وهو: ظلمة آخر الليل ولا يكاد الرجل يعرف صاحبه، أي: بسبب الظلمة. وهذا كله لا يتفق بحالٍ مع هذه الدرجة المدَّعاة، وإنما يتصوَّر مع ما عليه العمل في مصر وسائر البلاد الإسلامية”.

وأضاف أن هذه الدعوى تخالف الآثار عن الخلفاء الراشدين والصحابة والسلف من أنهم كانوا يقرؤون بالسور الطوال والآيات الكثيرة، ولا تطلع عليهم الشمس، وأكد أن ما تتضمنه هذه الشائعات من اعتماد أهل مصر على أحد الفلكيين غير المسلمين في جعل درجة 19 ميقاتًا لأذان الفجر، هو كلام مجانب للصواب، فإن اعتماد هذه الدرجة علامة على طلوع الفجر الصادق، هو عمل أهل مصر قاطبة منذ سالف الأزمان، كما نص عليه رئيس المؤذنين بالجامع الأموي في دمشق، العلامة الفلكي علاء الدين أبو الحسن بن الشاطر، في كتابه “النفع العام في العمل بالربع التام”، ومؤقت الجامع الأزهر بالديار المصرية، العلامة الفلكي سبط المارديني، في كتابه “الدر المنثور في العمل بربع الدستور”.
كما لفت المفتي إلى أنه أضيف إلى ذلك، إقرارُ هذه الدرجة من علماء مصر طيلة هذه العقود، حيث كان علم الهيئة من العلوم المقررة في الأزهر الشريف، ولم ينكر ذلك أحد من أهل العلم والفتوى في مصر على مدى قرن من الزمان.

بدوره، أكد رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية، حاتم عودة، في تصريحات صحافية، أن المعهد يجري بحوثه بالتنسيق مع دار الإفتاء وهيئة المساحة منذ عام 2015، للتحقق من مواقيت الصلاة التي أثيرت بلبلة حول عدم صحة مواقيتها في مصر ودول عربية، وأنه ينتظر أن تنتهي عام 2017.

وأكد “عودة”، في مداخلة تلفزيونية مع قناة محلية، مساء الاثنين الماضي، أن الدراسة التي تستمر عامين، وسيتم الانتهاء منها عام 2017 “ستكشف نتائجها مدى دقة مواقيت الصلاة، في جميع أنحاء البلاد”.

وكان الداعية السلفي عبد الرحمن لطفي، وبعض علماء المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، تحدثوا مؤخرا عن أن صلاة الفجر يؤذَن لها في توقيت خاطئ داخل مصر، منذ قرن، بسبب خطأ في عدم تحديد الوقت الصحيح لانخفاض الشمس تحت خط الأفق، وهو الأمر الذي يوضح وقت الفجر، ويستطيع من خلاله الباحثون التمييز بين الخيط الأبيض من الخيط الأسود كما ورد في القرآن.

وكتب لطفي، عبر حسابه على “فيسبوك”، أسماء عدد من العلماء الذين قالوا إننا نؤذن للفجر قبل وقته بأكثر من عشرين دقيقة، بحسب قوله، منهم: الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق، والشيخ محمد حسان، والشيخ رشيد رضا، ومن علماء الفلك: الدكتور محمد أحمد سليمان، والدكتور عيسى على عيسى، والدكتور أسامة رحومة.

منذ 2014
ويعود السجال المتصاعد حاليا إلى عام 2014، حيث تناقلت وسائل إعلام مصرية أحاديث مشككة في مواقيت الصلاة، ونقلت صحيفة محلية تحت عنوان “100 سنة بنصلي الفجر غلط”، تأكيدات الباحث في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، بقسم الشمس والفضاء، الدكتور ياسر عبد الهادي، أن “أداء صلاة الفجر في جميع البلاد العربية غير صحيح، طبقا لدراسات فلكية نفذها المعهد منذ فترة طويلة، وأنه منذ عام 1908 وضع باحث وفلكي إنجليزي مواقيت الصلاة ولم تتغير الحسابات الفلكية الخاصة بمواقيت الصلاة منذ ذلك الوقت، وظلت ثابتة لأكثر من قرن، رغم أنها لا تتناسب مع الحسابات الفلكية الجديدة”.
وتابع “أثبت المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن الزاوية التي تم حساب موعد صلاة الفجر بواسطتها خاطئة تماما، وذلك وفقا لبيانات أحدث الأجهزة العلمية والمعتمدة دوليا”.

وأشار إلى أن الدراسات الحديثة أوضحت التفاوت بين المواقيت المدونة في النتائج الرسمية لصلاة الفجر وبين المواقيت التي نؤدي فيها الصلاة، وذلك طبقا للعوامل المختلفة المؤثرة على طول الشفق، مثل اختلاف البيئات والتضاريس والعوامل الجوية المختلفة.

وأردف “الدراسات ذهبت إلى أن الفرق بين موعد صلاة الفجر الحقيقي طبقا للدراسات الحديثة والدراسات القديمة 32 دقيقة، وأنه تم إرسال نسخة من الدراسة للجهات المعنية، ومنها الأزهر الشريف، ولكن الرد تلخص في جملة واحدة: “اصبروا لا نريد إثارة البلبلة”.

نفي رسمي
في المقابل، نفى المتحدث باسم دار الإفتاء المصرية، إبراهيم نجم، صحة ما ذكره بعض علماء المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية حول وجود خطأ في توقيت صلاة الفجر. وقال، في تصريحات صحافية، إن التوقيت الذي يؤدي فيه المصريون صلاة الفجر صحيح تمامًا، مشيرا إلى أن كل الآراء التي قالت إن التوقيت خطأ، هدفها إثارة البلبلة، ولكن هذا لم يمنع دار الإفتاء من المشاركة في مشروع معهد الفلك للتحقق من مواقيت الصلاة الصحيحة.

كما انتقد عضو مجمع البحوث الإسلامية، الدكتور محمد الشحات الجندي، “المزاعم” التي تقول إن صلاة الفجر تُصلى قبل موعدها بنحو 20 دقيقة، وقال إنه “كلام باطل لا أساس له من الصحة، كما لا يوجد عليه دليل”، مضيفًا: “مواقيت الصلاة تمت بناء على ضوابط ووفق الرؤية الشرعية”.

العربي الجديد

Exit mobile version