حياة صغيرة شريرة.. إمام الشتائم

وقبل سنوات شن محمد مصطفى عبد القادر، إمام مسجد، هجومًا كاسحًا على الزميل بالانتباهة علي الصادق البصير، وظل يلقبه طيلة الخطبة الشاتمة بالأصلع، ويهدده بأن لو جئت إليّ في مسجدي هنا (سوف أؤدبك)، (وتِرم تِرم يا أصلع)، وعبارات لا تليق بشارع منفلت وأزقة سافرة دعك عن منبر ديني، وهكذا ظل هذا الرجل يهاجم الجميع الصوفية والمسلمين العاديين غير المنطويين تحت مظلات دينية، والصحافة والكتاب والعلماء الأجلاء، لا يتورع وكأن به مسًا من الجنون، هائج كثور في مستودع خزف، يركل وينطح وهو يخور خوارًا عاليًا.
ويحكي الشيخ قصة عن أن أحدهم من رفاعة وصفة بأنه (أكبر لئيم في الدنيا)، ويبدو أن الرجل أعجبه الوصف – فيما بدا وكأنه استنكره – وإلاّ لما حكاه في سياقٍ تفاخري، تلك القصة هي مفتاح الحديث إلى هذا (الشيخ) الموتور، إذ يُحوِّل مِنبره إلى دراما شديدة الركاكة موغلة في الشتيمة مفارقة لروح الدين الإسلامي وجميع الأديان، إذ تدين التنابز والهزو والتشاتم والسخرية والإساءة إلى الناس، وإنما تدعو للإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة.
الحال، إنني لم لأتطرق إلى هذا الرجل، لولا أنه تردى بخطابه وخطبته ومنبره أسفل سافلين، شجعه على ذلك الصمت الكبير إزاء ما يسيء به إلى منابر بيوت الله قبل إساءته للبشر، وهكذا وكعادته أرسل (مولانا الشيخ) شتائمه إلى الدكتور عالم الأحياء والحيوان الجليل والكاتب الساخر والمبدع محمد عبد الله الريح، عندما تحدث الأخير عن أن الضب كائن غير مؤذٍ ولا سام ولا ينبغي قتله، فوصفه بالتافه والمنحط، و…. ولم يوفر من قاموس شتائمه الزاخر المتنوع الميَّال لتوسل لغة شارعية فجة وفاضحة إلا وقذفها في وجه الرجل.
بطبيعة الحال، فإن محمد مصطفى عبد القادر، ومن لف لفه، يمثلون أنموذجًا منفرًا وطاردًا من أئمة المساجد، يحولون منابرها إلى ساحة معركة وشتائم وقذف وتنابز، حالهم كحال بعض السياسيين الذين حطوا من أقدارهم بإطلاق ذلك النوع من التصريحات الغبيّة، وكنا انتقدناهم غير مرّة في هذه المساحة، وهكذا نفعل مع الرجل فهو ليس معصومًا ولا مرسلاً، وإنما ساقته الأقدار اللعينة إلى منبر مسجد ليحوله إلى خشبة مسرح رديء و(مسخوط)، فيما يستغرق المصلون في ضحك هستيري وتهامس وتغامز ودموع، إنه مسرح الرجل الواحد بامتياز، لكنه مسرح مبتذل ورخيص ومسيء للإسلام والمسلمين ولأئمة المساجد، لذلك ينبغي التعامل معه بنوع من الجدِّية والحذر، وعلى الجهات المسؤولة أن تضطلع بدورها إما بإعادة الرجل إلى جادة الصواب وإما بإقصائه عن المنبر، وإلا فإنه إن تُرك يسدر في غيه ويستسهل شتيمة خلق الله والإساءة إلى كل ما ومن هو مختلف عنه.
على أي حال، إن كانت ثمة نصيحة نزجيها له، فإننا لا نملك إلا أن نذكره بأن الإنسان لن يعيش في هذه الحياة إلا وقتًا قصيرًا (حياة صغيرة)، لذلك عليك أن تحياها بخير وسلام ومحبة وأن تخالق الناس بخلق حسن، عوضًا عما تفعل، وإلا لن تجد أحدًا يصطنت إليك أو يسمع منك.

Exit mobile version