مخطئ من يظن أن نظام ثورة الإنقاذ الوطنى لم يقم بنقلة جبارة فى حياة المواطنين السودانيين . . وان كثير منهم إرتفعت مداخيلهم بصورة لم يكونوا يحلمون بها فى ليلة صيف باردة النسمات . .
ولقد كنت مثلك كثير التبرم من نظام الإنقاذ الوطنى حتى البارحة . . وإذا بالحقائق تتكشف أمام ناظرى بصدفة خير من ميعاد . . كنت قادمآ من منطقة الكدرو متكدرآ بعض الشئ من حرارة الجو وإذا بى ألاحظ ان مؤشر الحرارة بسيارتى قد إرتفع فجأة فأخذت يمينى وتوقفت فى منطقة الحلفاية . . فتحت غطاء المحرك فوجدت ان هناك تسربآ للماء من احد الخراطيش . . فاحضرت المصلاية من صندوق السيارة وكميكانيكى محترف قمت بالشد عليه فتوقف التسريب فورآ . .
كان هناك صبية يجلسون تحت ظل شجرة غير بعيدين . . فذهبت اليهم وبعد تحيتهم سالتهم إن كان يوجد سبيل بالقرب حتى آخذ منه ماء . . فضحكوا حتى خلت نفسى قد القيت نكتة . . ولما بدات ملامح الإستغراب تظهر على وجهى خاطبنى أحدهم إنت جاد يا حاج . . فرددت ببراءة وهى خصلة لى أتقمصها حتى افهم ما خفئ عنى وبعد ذاك أتصرف على سجيتى . . رددت آآى جادى . . مافى سبيل هنا ؟ فتدخل آخر . . أسمع يا حاج الناس هنا بنشترى البرميل بى خمسين جنيه عشان إشربوا وإغسلوا وإستحموا فى زول فاضى لى سبيل ؟
إستدرت راجعآ وانا اتمتم والله مافى طريقة . . هسع عمركم شفتوا زول مهما كان غنى إن شاء الله الكاردينال او جمال الوالى عامل سبيل بتاع موية صحة . . والله إعملوا الناس تجى بى عرباتا تشيل منو . . إتكابسوا عليهو تقول موية زمزم . .
لى خال عليه رحمة الله دايمآما كان يردد مثلآ لم اك أحفل به ولم اساله يومآ عن تفسيره . . كان كثيرآ ما يردد ربنا إن جاب كتالك بجيب حجازك . . صدق خالى فقد جاء حجازى يمتطئ حصانآ يجر برميلآ تتدفق المياه من اجنابه وتوقف غير بعيد من مكان سيارتى أمام منزل فاره يبدو أن صاحبه لم يخطر بباله انه سيجئ يومآ يشترى فيه المياه كساكنى أم صيقعون . . خرج رب المنزل وشريكة حياته تتبعهما حبشية تلبس ملابسآ تبين تقاطيع جسدها الممشوق . . صاح محمد على كما عرفت إسمه لاحقآ بى سرعة آ اخوانا ورانا شغلة البلد كلها عطشانة . . مددت له جالونى الصغير قائلاآ املأ لى دا يا إبني لو سمحت . . فرد التحية باجمل منها كيفن ما بسمح ؟ 5 جنيه يا حاج . . فتساءلت كما تساءل شباب الشجرة بالجد يا ولدى ؟
فاجاب . . نان بهظر . . البرميل دا بى 50 الف واكان مو إت بتشبه اهلنا اقل من عشرة ما بديك نقطة . .
دفعت يا سيدى الخمسة جنيهات وتسامرت مع محمد على . . فعرفت بانه من عصرآ بدرى ببيع 30 برميلآ بسعر 50 للواحد . . عندو عاملين فى الجدول وهو مكان تعبئة المياه يعطى كل واحد مية جنيه . . أكل الحصان حوالى مية و 200 جنيه مصاريف البيت .
بالميت بجدع الكلب يوماتى . . عندك كلب يا محمد على كمان . . المليون ياحاج بنقولو كلب . . تمتمت فى سرى وانا اصب الماء فى اللديتر إنعل ابو الكلب . . الم اقل لك بان ثورة الإنقاد قد زادت مداخيل شعبنا .
الباقر الجيلي