فشلت البرتغال للمرة الثانية على التوالي في تسجيل أول انتصار لها باليورو، بعد تعادل سلبي أمام النمسا، في مباراة شهدت استمرار الأداء المخيب للأمال من جانب كريستيانو رونالدو، النجم الكبير الذي لم يسجل أي هدف في البطولة، وأضاع ضربة جزاء كانت كفيلة بإنهاء كل شيء في الدقائق الأخيرة، ليضع رفاقه في موقف محرج بالمجموعة الأخيرة.
منتخب قوي
يؤكد البعض أن جنسية رونالدو ظلمته، لأن المنتخب البرتغالي أقل بكثير من قدرات وإمكانات النجم الكبير، لكن حقا برازيل أوروبا أفضل في هذه النسخة من البطولة الأوروبية، فالمدرب فرناندو سانتوس لا يُهزم بسهولة، وفاز في كل مبارياته خلال مرحلة التصفيات، ولأول مرة منذ فترة ليست بالقصيرة، صعدت البرتغال بسهولة إلى النهائيات دون ملحق أو خلافه.
وبالعودة إلى تشكيلة الفريق، يضم المنتخب مجموعة من أصحاب الخبرة كناني، كواريزما، موتينهو، وبيبي، رفقة المواهب الشابة مثل أندريا جوميش، جواو ماريو، ولاعب دورتموند الجديد جيريريو، دون أن ننسى الدكة القوية مع ريناتو سانشيز وإيدر والبقية، مع قيادة كاملة للكبير كريستيانو رونالدو في الخط الأمامي، وبالتالي تعتبر هذه التوليفة هي الأقوى بمراحل في مجموعة تضم منتخبات المجر، آيسلندا، والنمسا.
صحيح أن النمسا قدمت تصفيات رائعة لكن الفريق أقل من مستوى التطلعات، ويقدم كرة قدم منقوصة وضعيفة، خصوصا مع تواجد ألابا في المركز 10 كصانع لعب، بينما تفتقد منتخبات المجر وأيسلندا إلى عاملي الخبرة والنضج بعد غياب طويل عن المشاركات الدوية، لذلك لا حجة على الإطلاق بالنسبة لكريستيانو ومنتخب بلاده، إنها المجموعة الأسهل -نظريا- في اليورو.
تسديدات طائشة
سيطرت البرتغال على الكرة في معظم فترات مباراة النمسا، ولعب الفريق بنسبة استحواذ قاربت الـ 60 %، مع خطة لعب قريبة من 4-3-3، بتواجد لاعب ارتكاز واحد هو كارفاليو، أمامه أندريا جوميش على اليسار وموتينهو على اليمين، مع الضرب في الثلث الهجومي بالثلاثي السريع ناني، كواريزما، وكريستيانو رونالدو.
اعتمد سانتوس على فتح أكبر قدر من الفراغات في المنطقة الحمراء، بالتحديد المنطقة التي تفصل دفاعات الخصوم بمنطقة ارتكازه، من أجل الاستفادة من تسديدات هجومه وقوتهم في القطع تجاه منطقة الجزاء، لذلك يلعب نجم فالنسيا جوميش دور البطل في هذه الخطة، لأنه يتحرك باستمرار كريشة تكتيكية بين العمق والأطراف، لإجبار ارتكاز النمسا على مقابلته وترك مناطقه، حتى يحصل رونالدو وناني على المساحة المطلوبة للتهديد.
لذلك تترجم إحصاءات المباراة جانب رئيسي من طريقة لعب البرتغال، حيث سدد الفريق 23 كرة على مرمى النمسا، لكن 6 فقط بين خشبات الثلاث، في دلالة واضحة على غياب التركيز، وانعدام التعاون بين مثلث الهجوم، العامل السلبي الوحيد الذي يواجه المدير الفني حتى الآن، فرونالدو كمثال سدد في البطولة 20 تسديدة، سجل 0 هدف!
أسباب العقم
تعالت أصوات المحللين في سكاي لتؤكد أن رونالدو لم يعد اللاعب القادر على هزيمة منافسيه بالمراوغة، والمتابع الدقيق لكريستيانو هذا الموسم، سيجد أن البرتغالي تحول شيئا فشيئا إلى نسخة المهاجم القناص، والذي ينتظر الفرص داخل وخارج منطقة الجزاء، من أجل ترجمتها إلى أهداف، فاقدا ميزة الاختراق والمراوغة، إلا في بعض المباريات القليلة مع ريال مدريد أمام بعض الفرق.
صحيح أن كريستيانو سجل أهداف عديدة هذا الموسم، ولا يزال هو الرقم 1 في مدريد، إلا أنه استفاد كثيرا من تحركات بنزيما وقوة بيل، وخلال معظم المباريات الحاسمة في الشامبيونزليغ، لم يظهر الدون بالصورة المناسبة، ليترك التحكم والسيطرة إلى رفاقه، مع الاكتفاء بالتسجيل من تسديدة أو ضربة جزاء، كما حدث في مباريات مان سيتي وأتليتكو مدريد.
مشكلة البرتغال الوحيدة في هذه البطولة هي النزعة الفردية الواضحة في الثلث الهجومي، فسانتوس يلعب بكواريزما على الطرف، مع تبادل المراكز بين ناني وكريستيانو في العمق، لكن لا يوجد أي تعاون حقيقي بينهم، ويظهر الانعزال واضحا بين الهجوم وبقية خطوط الفريق، لذلك كلما جاءت الكرة إلى أحدهم، يفكر الأول في المراوغة على الخط، بينما يلجأ الثنائي الآخر إلى التسديد من أي مكان بالملعب.
ورغم حصول الفريق فقط على نقطتين، إلا أن الطريق سهل إلى الدور المقبل، فالمجر في النهاية ليس بالفريق الكبير، وتحقيق الفوز على أحفاد بوشكاش أمر ممكن، في حالة وضع الثلاثي الهجومي بالطريقة الصحيحة، عن طريق قيام ناني بالتمركز أكثر في العمق كرأس حربة، حتى يسمح لرونالدو بالقدوم من الخلف إلى منطقة الجزاء دون رقابة، مع استغلال قدرات كواريزما الفردية في الاختراق المفاجئ للدفاعات المتكتلة، إنها متلازمة السهل الممتنع كما يبدو حتى هذه اللحظة!
العربي الجديد