شمائل النور : مَن يتصدى..؟

قبل فترة تحدث النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح عن أنّ الدولة تُفضل سياسة الصرف على السلام بدلاً عن الصرف على الحرب، وهو ما معناه أنّ الصرف على المَناصب وصرف الوزارات تحت مختلف المُسميات، لكن ذات السياسة حوّلت المسألة أشبه بالتجارة، فالصرف لا يتوقّف فقط على “بند السلام” بالمُقابل فإنّ الدولة أيضاً تصرف على “بند الحرب”.
أصدر عَدَدٌ من الخبراء شهر سبتمبر الماضي تقديرات حول تكلفة الصراع المُسلّح في السودان، حيث إنّ أكثر من 100 مليار دولار هي تكلفة الصراع، ويمضي التقرير الذي نُشر بعدد من الصحف.. السودان استنزف في صراع دارفور ما قيمته 35 مليار دولار أو يزيد، هذا فقط منذ عام 2003 – 2009م، هذا بجانب الصرف على الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، الخبراء الذين تحدّثوا خلال منشط نظّمته جامعة الخرطوم خلصوا إلى أنّ الدولة تصرف ما نسبته 233% من الناتج الإجمالي المحلي.
مُؤشِّر السلام العالمي في أحدث تقاريره يأتي السودان في ذيل القائمة، لكن يكفينا فقط ما نسبته 233% من الناتج المحلي، تصوّروا حجم الحماقة التي نرتكبها، نصرف على الحرب ولو كان ذلك على حساب الوجبة، ليس منطقياً أن يكون الصرف على الحرب بهذا الحجم في بلد يتهاوى اقتصاده كما نراه يومياً وبالمُقابل يتمنّع ساسته عن الحل السياسي وينشطون في استصدار قرارات الحرب، بينما يمتنعون عن جعل وقف العدائيات ممكناً، هذه الأموال المُهدرة التي تلتهمها فوهات البنادق دون مُنتصر هي مُستقطعة من حُر مال هذا الشعب الذي يُموِّل هذه الحماقة قسراً.
إلى متى يظل الوضع هكذا والجميع في خانة المُتفرِّجين، ويكتفون ببيانات الشجب والإدانة والدعوة والمُطالبة، لماذا لا تنتفض قوى سياسية للضغط شديداً لإنتاج واقع جديد، على أقل تقدير أن تتوقّف هذه الحروب التي لم تُحَقِّق نصراً ولا هزيمة، بل حقّقت الموت والتشريد للآلاف ممن صرف على هذه الحرب، هؤلاء من لم يُشارك في اختيار هذا الواقع.. وقف الحرب ينبغي أن يكون أولوية، والأولوية في ذلك أن تكون للإنسان الذي يدفع ثمناً باهظاً لحماقات حكامه.

Exit mobile version