في سبعينيات القرن الماضي حكى لنا صديق عن تجربة مع ضابط شرطة تستحق الذكر. جاءه مستعجلاً جداً وعليه أن يقوم بأعمال كثيرة لينقذ والدته وكانت البداية استخراج الجنسية على أيام الجنسية الخضراء التي كان يطبع عليها بالآلة الكاتبة (إلى أولادنا أحمدوا ربكم ما شفتوا الآلة الكاتبة ولا ماكينة الرونيو وحبرها ذو الرائحة النفاذة) فما كان من الضابط إلا وأن أمسك الجنسية ووضعها في الآلة الكاتبة وختمها وسلمها له وقال له اذهب سنقوم بباقي الإجراءات بعدين. يعني بدأها بالمقلوب وأنقذ أمه.
مثل هذا الضابط نريده اليوم في مطار الخرطوم الخميس القادم.
والقصة يا سادتي عندي تستحق سيارة مكتوب عليها (سيارة إسعاف زراعي) مثل التي تحمل المرضى بل تحمل مريضاً واحداً وتفتح لها الطرقات. سيارة الإسعاف الزراعي (هذا أن لم نكبرها ونطالب بطائرة إسعاف زراعي) هي لإنقاذ (يا أخي ما في كلمة غير دي) هي لانتشال مئات الأفدنة وتحييها.
مشروع الرهد الزراعي يسقى بثمانية طلمبات الآن تعمل من هذه الثمانية طلمبتان فقط يعني 25% من طاقته ثلاث طلمبات حملت لورش كنانة لتتم صيانتها هناك. وطالما هي بأيدي سودانية الله اعلم متى تخلص وأسباب التأخير كثيرة يمكن الخراط تحدث له حالة وفاة ويقعد في الفراش 3 أيام أو ممكن يكون عنده طهور حفيد ولابد من الوقوف بجانب ود الطهور. وهكذا.
الثلاث الأخيرة تنتظر قطع غيار من الخارج مولتها وزارة المالية مشكورة بمبلغ 530 ألف يورو وتكون وزارة المالية مخطئة خطأً كبيرة إذا حسبت أن دورها ينتهي بدفع المبلغ. ما لم تصل هذه القطع في أسرع وقت تكون وزارة المالية قصرت.
الذي يخشاه المدير الزراعي عبد العظيم عبد الغني هو بيروقراطية التخليص في المطار وخوفه من هذه المرحلة لا يقل عن فرحه بتمويل المالية. ماذا لو عوملت قطع غيار هذه الطلمبات كما تعامل الضابط أعلاه مع الجنسية بأن تؤخذ من الطائرة مباشرة بسيارة مكتوب عليها إسعاف زراعي تنطلق لمشروع الرهد مباشرة وبعد ذلك يباشر الموظفون والمخلصون الورق ورقة طالعة ورقة نازلة، الشهادة ما جاءت، التقديرات ما ضربوها لسه، ما وصلنا سعر دولار الجمارك، امش تعال بكرة. فليحدث كل ذلك بعد وصول قطع غيار الطلمبات بأثر تقدمي (على وزن أثر رجعي).
إنقاذ الموسم الزراعي بالرهد متوقف على هذه الطلمبات ولك أن تحسب الخسائر المترتبة على ذلك مقارنة بما تنتظره الجمارك من رسوم. لو كان الأمر في الهند (وطبعا الهند لا تستورد قطع غيار بل تصدر) لو كان الأمر في الهند لاستقبل وزير الزراعة هذه القطع بنفسه في المطار وليس ليتصور معها ولكن ليستعجل وصولها إلى الرهد.
أسأل الله أن يجد ما نكتب من يشعر بالأمر مثل شعورنا وبه وأن تصل هذه القطع في نفس يوم الخميس إلى رئاسة مشروع الرهد وليباشر المختصون تركيبها يوم الجمعة لا توقفهم إلا الصلاة.