من العادات الجميلة عند السودانيين في رمضان تلك الموائد و(العوازيم) إن كانت على مستوى الأشخاص أو الدولة أو المنظمات أو الهيئات، فتحرص كل جهة أن تدعو من تشاء للإفطار معها بغرض التواصل والتراحم وتقريب شقة الخلافة.. فالجهات التي تقيم ذلك الإفطار لها طرقها في ذلك، فمنها من تقيمه في المنازل أو أماكن العمل أو الفنادق أو الصالات.. وتقدم أنواعاً من الطعام في ذلك اليوم، ولكن قد تكون هناك حساسية أكثر من اللازم في إفطارها، من حيث نوعية الصنف المقدم خاصة وأن العديد من تلك الإفطارات يحضرها أو يشهدها أو يُدعى لها الصحفيون كباراً وصغاراً.. ففي اليومين الماضيين أقام الفريق الركن مهندس “عبد الرحيم محمد حسين” والي ولاية الخرطوم إفطاره السنوي بمنزله بحي المطار، وهو إفطار درج على إقامته سنوياً، الإفطار شهده عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين وبعض القيادات، ولم يختلف السيد الوالي في تقديم أصناف الطعام لضيوفه خلال الشهر الكريم، فالوالي من الكرماء، ولكن ربما كان يخشى من الصحفيين إذا قدم إفطاراً (خمسة نجوم)، ولذلك درج في الموسمين تقديم طعام تتسيد مائدته القراصة بالدمعة مع سلطة الروب والشية ودمعة الفراخ.
الوالي ربما أراد من هذا الإفطار المتواضع أن يرسل رسالة للآخرين بأننا وضيوفنا نأكل هذا، ولكن بعد إفطار السيد الوالي بأيام لبينا دعوة للفريق الركن “أحمد أبو شنب” معتمد الخرطوم وهو أول إفطار رمضاني يقيمه لضيوفه، كانت صالة “نسيم شبال” مقراً للإفطار الذي لباه عدد من القيادات على مستوى الدولة أو المحلية، فضاقت الأرض بالضيوف خارج الصالة، مما يؤكد علاقة السيد المعتمد بهذا الكم الهائل من الضيوف، ولكن إفطار السيد المعتمد كان (خمسة نجوم) بحق وحقيقة، فقد تسيدت المائدة العصيدة عند كل منضدة، ولكن الفراخ والشية والسلطات، وأصناف عدة من الطعام كانت على كل منضدة، ربما السيد المعتمد لم يعمل حساباً للقيل والقال أو ما تتناوله الصحف أو الوسائط الإعلامية في مثل هذا الإفطار، فأكرم ضيوفه بطريقته وهو يوم في العام فلماذا التقشف.
وهنا أذكر أن الوالد كان ضمن مجموعة من الأنصار يقيمون غداءً كل (جمعة) لدى أحدهم وكان بين الغداء والغداء شهور وكانوا يحددون نوع الأكل ومن خرج عن ذلك تفرض عليه غرامة، ولكن عندما يأتي علينا الدور كان شقيقي الأكبر “صديق” رحمة الله عليه يتجاوز التحديد ويقدم أشهى أنواع الطعام، من لحوم وفراخ وسلطات وكسرة بأنواع مختلفة من الملاح، بالإضافة إلى التحلية التي تشتمل على الكنافة والباسطة والبطيخ والموز والبرتقال، وغير ذلك من الأصناف.. فكان يقول لي هو يوم بعد كل ستة أشهر أو سنة فلماذا لا نكرم ضيوفنا بطريقتنا وهذا اليوم بالنسبة لنا كان أشبه بالمناسبة، فيأتي جميع أفراد الأسرة أولاً لمشاهدة الإمام “الصادق المهدي” أو “أحمد المهدي” أو كبار الأنصار المدعوين ورغم الغرامات يقولون الغداء عند “حبيب” ولا بلاش. فالسيد الوالي قدم إفطاره بطريقته ولكن إفطار “أحمد أبو شنب” ولا بلاش.