* لم يزل قائد أسطول الأغنية السودانية الراحل محمد أحمد سرور ينام نومته الأخيرة بين عدد من شجيرات ذابلة ، منسياً في إحدى المدن الأثيوبية دون أن يجد واحداً منا يقرأ على قبره الفاتحة ليستريح من سفر بلا عودة ، قلت أخاطب نفسي ما ذا لو أقدمت وزارة الثقافة في الإتيان برفاة هذا الفنان العملاق ليدفن بين أهله وأحبابه في قبر يجاور قبر أليف أيامه الشاعر سيد عبد العزيز ، هي أمنية ولكني اعتقد أنها بعيدة المنال.
* نظر رسام إيطالي شهير إلي وجه زوجته وقد احتلته التجاعيد من كل جانب وتهاوت الضفائر السوداء فصارت بيضاء من غير سوء ، ذات صباح قال لزوجته إنه سيرحل إلى جزيرة صغيرة يمضي بها أياماً ليكمل لوحة استعصى عليه إكمالها ، وهناك التقى بفتاة يتمنى الصباح أن يكون لها وجهاً فأخذ يرسمها بكل مشاعره بعد أقل من الشهر أكمل اللوحة، إلا أنه فوجئ أن الوجه الذي أمامه على اللوحة كان وجه زوجته وهذا يؤكد لنا أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح أما جمال الملامح فإنه مجرد دعوة تنتهي مباشرة بعد انتهاء تناول الفاكهة.
* أثناء جلسة جمعت بيني وبين المفكر الراحل محمود محمد مدني قال لي إن أكثر ما يؤلمه في هذه الدنيا أن يرى أحباباً له في الحياة يتعرضون لصفعة خادم اسمه الهوان وقال إن مثل هذه الصفعة كم جردت فارساً من كبريائه فكسرته وكم زفَت عروساً إلى جلاد قتلها بعينيه وكم جعلت من أصحاب المراكب المحملة باللؤلؤ يبيعون أيامهم للبحر بلا ثمن ، وأضاف أن هؤلاء إن صبروا على بلواهم لنالوا بذلك غفراناً ينفعهم في (يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون).
* أشاحت الملكة اليزابيث بوجهها حين اكتشفت أن الصحن الذي أمامها يحمل قطعاً من أجنحة للحمائم فاعتذرت عن تناول العشاء مما جعل ذلك الوجيه العربي الذي قبلت دعوته للعشاء اثناء زيارتها لإحدي المدن العربية يدخل في حرج أمام ضيوفه من النافذين ، يبدو أن هذا الرجل لم يكن يعلم أن من يكسر ريشة لحمامة قد يعرضه ذلك للعقاب تحت طائلة القانون البريطاني ، قلت لنفسي : ترى ما الذي سيحدث لهذا الرجل لو أبصرته الملكة وهو يضع سكيناً على عنق حمامة بيضاء ، أنا أؤكد أنه لو كان يحمل الجنسية البريطانية لصدر أمر بنفيه إلى صحراء ليس بها ظل ولا ماء.
* شعرت والدة المخترع الأمريكي توماس أديسون بآلام حادة في صدرها فقرر لها الطبيب إجراء عملية جراحية عاجلة ، وبما أن الوقت كان ليلاً لم يكن أمام الطبيب إلا أن يعمل على إجرائها صباحاً ، ومنذ تلك الليلة أخذ أديسون يفكر في اختراع مصباح كهربائي ، مرت السنون وهو يواصل تجاربه في معمله البسيط دون أن يعبأ بفشل أصابها مئات المرات ، ظل أديسون يصر على اختراع هذا المصباح ليقدمه هدية لوالدته ، فنجح بالفعل فأضاءت المصابيح باختراعه ، بل عمت الدنيا.
هدية البستان
يا راجياني وما نسياني ياما الغربة بتتحداني
وأنا بتحدى الزمن الجائر لو في حبك يتحداني