لا نعرف ما دار من حديث في اللقاء الذي تم بين مدير الاستخبارات المركزية (CIA) “جون أوين برينان” وبين مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني في بلادنا الفريق أول مهندس “محمد عطا” لا نعرف شيئاً مما دار إلا بقدر ما يقول به أي من الرجلين للصحافة والإعلام، فكبار مسؤولي أجهزة المخابرات يوقنون تماماً أن مهمتهم الأعظم هي البحث والتحليل والتخطيط والمكافحة وتحقيق الأهداف، بعيداً عن الأضواء لأن (الكلام) في رأي بعضهم هو اختصاص آخرين أقل عملاً.
لولا الحوار الذي أجرته قناة العربية، وبثته قبل أيام مع مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) “جون أوين برينان” ما كان لنا لولا ذلك الحوار أن نعرف أصلاً بأن اجتماعاً قد تم بين أكبر مسؤول عن أكبر جهاز استخبارات في العالم، وبين أكبر مسؤول عن جهاز الأمن والمخابرات الوطني في بلادنا، الفريق أول “محمد عطا” وما كان لنا أن نعلم أن هناك لقاءات أخرى قادمة في الطريق لم يتم تحديد موعدها بعد. اللقاءات بين قادة الأجهزة المخابراتية أو الاستخباراتية وتبادل المعلومات والتعاون حول المهددات المشتركة هو أمر متعارف عليه وقديم.. واعتراف مدير (السي آي إيه) بدور السودان في مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في كشف وتدمير منظمات إرهابية، لم يكن مفاجئاً للمراقبين للشأن السوداني العام، لأن الإرهاب لا دين له ولا جنسية، إنما هو رسالة مفخخة تضرب من تصل إليه بلا هوادة أو رحمة.
لكن هذه اللقاءات التي تمت أو التي سوف تتم، هل يمكن أن تحقق فيها أو من خلالها بلادنا اختراقات في مجال تحسين العلاقات مع واشنطن، رغم التعاون المثمر المعترف به من قبل الأمريكيين؟
السودان إلى الآن لا يزال على قائمة الدول الراعية للإرهاب رغم الاعتراف الأمريكي بدوره في الكشف عن منظمات إرهابية وتدميرها.. ورغم السعي الحكومي الرسمي لتحسين العلاقات، ورغم الوفود الشعبية التي توجهت إلى واشنطن.. في الفترات الأخيرة، لكن ذلك كله لم يحرك ساكناً ولا هز جمود الموقف الأمريكي المتشدد في إبقاء السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
لسنا وحدنا الذين نشعر بأن هناك تحاملاً غير موضوعي على بلادنا من قبل الإدارة الأمريكية، فقد نشر الدكتور “بيتر فام” مدير مركز أفريقيا بالمجلس الأطلسي مقالاً بتاريخ الثامن من يونيو الحالي تناول فيه بقاء السودان على قائمة الدور الراعية للإرهاب، على خلفية التقرير السنوي لحالة الإرهاب التي صدرت قبل أيام.. وقد طلب الدكتور “بيتر فام” من وزارة الخارجية الأمريكية أن توفر تقريراً وافياً ومتكاملاً كل عام للكونغرس عن حالة الإرهاب في العالم.. وقدمت وزارة الخارجية بالفعل قبل أسبوع تقريباً، تقريراً عن حالة الإرهاب في العالم للعام 2015م، وكان ملخص التقرير يتضمن إنذاراً بالخطر مع إشارات مثيرة للدهشة ومخالفة للمنطق في تعاملها مع بعض الدول، ومن بينها السودان.
نحاول غداً أن نستعرض ما جاء في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة الإرهاب في العالم، وتقييمها لموقف السودان، وتعليقات الدكتور “بيتر فام” على ذلك التقرير، وتحليله للموقف ورؤيته للنتائج المفترض أن يصل إليها الطرفان.