* لن ننساق خلف من يتحدثون عن أن نواب البرلمان ينالون مخصصات عالية، لعلمنا بأن مرتب نائب البرلمان في السودان يعتبر الأدنى في العالم، لأنه يقل عن خمسين دولاراً في الشهر.
* الزملاء الذين يتولون تغطية جلسات البرلمان كثيراً ما يشاهدون نواباً يحضرون إلى مبنى المجلس الوطني بالأمجاد والركشات.
* حتى رؤساء اللجان ونوابهم، (عددهم أربعة وعشرون)، يحصدون أجوراً تقل كثيراً عن التي يحصل عليها الوزراء الاتحاديون.
* ما من سبيل لإلزام النواب بأداء مهامهم بالمجان، لأن ذلك لا يستقيم عقلاً، ولا يجوز منطقاً، ولو فرضنا على أعضاء المجلس الوطني أن يعملوا بلا مقابل، لما ترشح في الانتخابات إلا الميسورون.
* البرلمان يمثل قوام سلطة تشريعية، تضطلع بمهام رقابية، تتابع بها أداء السلطة التنفيذية، وتقومها، وتردها إلى سواء السبيل متى حادت عن الجادة، بخلاف سلطاته الأخرى المتعلقة بإقرار القوانين وتعديلها.
* يمتلك البرلمان سلطة استدعاء المسؤولين ومحاسبتهم، وله حق سحب الثقة منهم.
* الجزئية الأخيرة تمثل ناب البرلمان الذي يعض به، وسيفه الذي يواسي به من يقصرون في أداء واجباتهم.. ولكن هل كان لبرلماناتنا ناب أو سيف في أي يومٍ من الأيام؟
* هل مارس البرلمان سلطاته، وأدى واجباته، وقيَّم الأداء التنفيذي وقومَّه، بما يتناسب مع المهام الملقاة على عاتقه، كمؤسسة تشريعية ورقابية، ينوب فيها النواب عن الشعب، ويحرسون حقوقه، ويحاسبون من يقصر في أداء مهامه؟
* لدينا مجلس وطني قومي، يضم أكثر من أربعمائة عضو، ومجالس تشريعية في كل ولايات السودان، هل سمعتم في أي يوم من الأيام بأن البرلمان القومي، سحب الثقة من أي مسؤول حكومي، بسبب ضعف أدائه، وفشله في تنفيذ المطلوب منه؟
* هل سحب أيّ من المجالس التشريعية الثمانية عشر، الثقة من أي وزير ولائي بسبب تواضع مردوده، وإخفاقه في أداء مهامه؟
* هل يعقل أن يكون كل من اختارتهم الحكومة لشغل المناصب التنفيذية على مدى السنوات، ناجحين وفاعلين، ويؤدون واجباتهم على أفضل ما يكون، وأن البرلمان القومي والمجالس التشريعية الولائية لم تجد مقصراً واحداً تعفيه من منصبه لتقصيره؟
* ترى هل كان محمد طاهر عسيل، نائب المجلس الوطني عن دائرة عِد الفرسان، مخطئاً حين اشتط في نقد زملائه، وسلقهم بألسنةٍ حداد؟
* ما ذكره عسيل صحيح بأكثر من شاهد، وثابت بأكثر من دليل، لأن المجلس الوطني لا يحاسب، وإن حاسب يترفق ويطبطب ولا يسحب، وحاله كحال المجالس التشريعية الولائية.
* يحدث ذلك لأن السلطة التنفيذية لا تؤمن بأهمية الدور الرقابي للمجلس الوطني، وتعتقد أن نقضه لأي قرار تصدره الحكومة، ومحاسبته لأي وزير أو مسؤول كبير تنتقص من قدر السلطة، وتمس هيبة الدولة.
* ما لم يتغير ذلك المفهوم لن يكتسب البرلمان هيبته، ولن يؤدي دوره، وسينطبق عليه قول عسيل: (ما شغالين حاجة غير تمرير تعليمات الحكومة، وقاعدين يتسلوا ساي)!