كانت فرصةً جيدةً، توفرت أمس، بمنزل والي الخرطوم الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، بحيِّ المطار، في الدعوة السنوية لتناول الإفطار، ومناقشة بعض الهموم العامة، الخاصة بالولاية.
أكثر ما لفت نظري في إفادات الوالي عقب الإفطار، أنه تقبَّل الانتقادات والملاحظات الصادرة من الصحفيين بصدرٍ رحبٍ، مع تقديم اعترافات موضوعية بالأزمات والمشكلات.
أغلب المسؤولين يتعاملون مع مثل هذه الانتقادات عبر أساليب تقليدية، تقوم على إنكار الأزمات وتبسيطها، أو تجميل الواقع بادعاءات ومزاعم برَّاقة وخادعة.
لم تعد هذه الطرق التقليدية المُتكرِّرة مُجديةً في الإقناع، ولا فاعلة في رسم صورة جمالية لواقع مأزوم.
الوالي اعترف بوجود أزمات مُتعلِّقة بالحد الأدنى للمياه والنظافة، وفتح الباب لتقديم مقترحات من الحضور للإسهام في إيجاد حلول استراتيجية وناجعة.
واهمٌ من يظن أن بإمكان حكومة الولاية توفير معالجات جذرية للمشكلات المُزمنة، في مدى زمني محدود؛ ولكن في المقابل من الضرورة توفير مؤشرات جادة، بأن حكومة الولاية تسير على الطريق الصحيح، وفق منهج سليم، يَسهلُ من خلاله رصد ومتابعة ما تحقَّق بالنسب والأرقام والمواقيت الزمنية.
أكبر ما يُمثِّل مصدر قلق للمتابعين، انعدام الثقة في أقوال الجهات الحكومية ووعودها، حينما تُصرِّح بالتزامات تقطعها على نفسها، وتتصدَّر مينشتات الصحف، وتعجز عن الإيفاء بها في الحيِّز الزمني المُحدَّد.
الوالي قال إن السبب الأساسي في عدم تحقيق الوعد بأن يأتي هذا الصيف بلا قطوعات مياه؛ هو تأخر الالتزامات المركزية بدفع الجزء الأكبر من ميزانية المشروع، وهو أربعمائة مليون جنيه.
التأخير في استلام المبلغ المُحدَّد، جعل موعد انتهاء مشاريع المياه لجعل الصيف بلا قطوعات، هو موعد البداية!
الوقت المُحدَّد لاكتمال المشاريع، كان في مارس الماضي، لكن البداية تمت بعد شهرٍ من ذلك في إبريل، لذا تأخر الإيفاء بوعد صيف بلا قطوعات!
في صحف الأمس، أطلق مدير هيئة المياه الباشمهندس خالد علي خالد، وعداً جديداً بأن يتم إنهاء أزمة القطوعات بالعاصمة خلال (72) ساعة!
ذات المدير صرَّح قبل أشهر، في المجلس التشريعي، بعد إجازة المجلس لزيادة تعرفة المياه قائلاً: (سنكون في هذا الصيف عند حسن ظن المواطنين في تقديم الخدمات)!
سأُخبركم بأمرٍ يبدو مثيراً للسخرية والاستياء: قبل عشرة أيام استلمت وعداً شخصياً من مدير هيئة المياه عبر مكالمة هاتفية، بأن مشكلة المياه بمنطقتنا السكنية منطقة الشجرة ستُحلُّ خلال (48) ساعة فقط!
انتهت الـ(48) ساعة، واكتملت عشرة أيام وأكثر، ولا تزال المنطقة بلا مياه، لا ليلاً أو نهاراً، رغم افتتاح محطة الشجرة الجديدة والاحتفال المراسمي بالحدث.
من يُصدِّق أن أغلب المنازل المُجاورة للمحطة الجديدة، لم تزر المياه مواسيرها إلى هذه اللحظة؟!
على مدير المياه ترك عادة التَّطمين بالساعات، واختيار سعة زمنية أخرى، ربما المناسب لها الأسابيع أو الشهور، حتى لا يُسهم في توسيع فاقد الثقة بين المواطن والحكومة.
حينما قدم الأستاذ حسين خوجلي في لقاء منزل الوالي مقترحَ ترك العاصمة بكل مشكلاتها وأزماتها والذهاب بعيداً لإنشاء عاصمة جديدة، علَّق الزميل الهندي عز الدين ساخراً: (طيب العاصمة الجديدة دي حتصلها الموية متين؟)!