عندما جاءت الإنقاذ كان يحدوها أمل كبير بتحويل حياة الناس وحل الضائقة المعيشية وإنقاذهم من الحالة التي عاشوها إبان الديمقراطية الثالثة، وصدرت شعارات (نأكل مما نزرع) و(نلبس مما نصنع)، ولكن الحال لم يسر كما رتبت له الإنقاذ، فالحال كان أصعب مما كان عليه إبان الديمقراطية الثالثة بسبب الحصار الذي فرض عليها بسبب التوجه الإسلامي، ولكن ظرفاء المدينة ونظراً للظرف الاقتصادي الصعب قالوا لناس الإنقاذ رجعونا إلى ما كنا فيه الآن. وبعد عشرات من السنين التي استقر فيها الاقتصاد السوداني وعاش الشعب حالة من الرفاهية بفضل القيادات السياسية ذات الخبرات الطويلة، ولكن الإنقاذ لا تريد أن تعيش على حالة واحدة، فنادت بثورة الشباب وعملت على توليها الوظائف القيادية وقامت بإزاحة القيادات السابقة أمثال “عوض الجاز” ودكتور “نافع علي نافع” و”كمال عبد اللطيف” و”أسامة عبد الله” وعدد كبير من القيادات، ولكن أولئك الشباب أعادونا لعهد الإنقاذ الأول فطالب ظرفاء المدينة مرة أخرى بإعادة الحرس القديم أو كما قالوا من قبل رجعونا محل ما كنا فيه، أي أعيدوا لنا الحرس القديم دكتور “الجاز” و”نافع” و”أسامة” وغيرهم، فالوضع في ظل تلك القيادات كان أفضل من عهد أولئك الشباب. فقد ظل سعر جالون البنزين ولفترة طويلة ثابتاً، وكذلك أنبوبة الغاز التي كان سعرها في عهد الدكتور “عوض الجاز” عشرة جنيهات ثم ارتفعت إلى ستة عشر جنيهاً، ولكن في ظل أولئك الشباب ضربة واحدة رفعت سعرها إلى تسعين جنيهاً، والبنزين من ثمانية أو عشرة جنيهات إلى اثنين وعشرين جنيهاً، أما المياه فبدلاً من عشرة ثم خمسة عشر جنيهاً وصل الرقم إلى ثلاثين جنيهاً بزيادة بلغت (100%). ويحاول وزير الموارد المائية والكهرباء المهندس “معتز موسى” رفع قيمة سعر الكيلواط من الكهرباء ويحاول بشتى الطرق أن يقنع البرلمان بالزيادة، كما شهد عهده تدنياً في إنتاج الكهرباء وعادت قطوعات الكهرباء وبرمجتها بعد أن شهدت استقراراً لزمن طويل في ظل الحرس القديم. وكذا الحال بالنسبة للولاة في كل ولايات السودان، فقد شهدت فترتهم أمناً واستقراراً فالشباب هو أمل الأمة وهو الدينمو المحرك لها، ولكن شباب بلا خبرة لا يستطيع أن يقدم أي إنجازات فالخبرة مطلوبة في كل شيء حتى عندما تريد مؤسسة توظيفاً بمؤسستها يكون شرطها أن يكون للمتقدم خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات أو عشر سنوات فالخبرة مهمة جداً، فكان على الحرس القديم أن يدرب جيلاً من الشباب لتولي القيادة، ولكن أن تأتي بشباب عديمي الخبرة والتجربة ونضعهم في أماكن حساسة بالدولة فلن نجني إلا الفشل منهم، وذلك على الإنقاذ أن تعيد حرسها القديم لإدارة دفة الدولة ولتقديم النهج لأولئك الشباب للاستفادة منهم في مقبل أيامهم، فالملوك دائماً يدربون أبناءهم من سن مبكرة لتولي المسؤولية، ولكن نحن نولي شباباً تنقصهم الخبرة ولذلك يكون الفشل حليفهم، فالإنقاذ تراجعت كثيراً عندما أعطت المسؤولية لأولئك الشباب.