يأتي إعلان نتيجة امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام غداً الاثنين في ظروف استثنائية وهي ظروف ربما تكون دبلوماسية من الدرجة الأولى وتتعلق بالعلاقات بين الدول سيما بعد اكتشاف حالات غش تورط بها طلاب أردنيون وآخرون مصريون وربما أحدثت حالة الطلاب الأردنيين خدشاً ولو طفيفاً في العلاقات بين الأردن والسودان بعد التصريحات التي أدلت بها حكومة الأردن عن امتحانات الشهادة السودانية وقامت خلالها بالتشكيك فيها وربما لم تكن هذه الحادثة الأولى على امتحانات الشهادة السودانية التي أثارت ضجة فقبلها ملأت البلاد ضجيجاً حادثة مدرسة الريان الشهيرة كحادثة وصفت بأنها حالة احتيال من الدرجة الأولى حملت نتيجها لوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم إبان استوزار د.عبد المحمود النور كما حملت النتيجة لإدارة التعليم الخاص، ألا أن الحادثة الأولى كان لها أثرها البالغ على الطلاب الجالسين لامتحانات الشهادة السودانية لهذا العام وعلى أسرهم بعد الإشاعات التي تناولتها وسائل الاتصال المختلفة والأسافير حول إعادة امتحانات الشهادة السودانية ورغماً من أن الوزارة التزمت الصمت ولم تدلِ بأي تصريحات تطمئن الطلاب وأسرهم إلا أنه وبعد تحديد الوزارة موعداً لإعلان النتيجة والمحدد غداً الاثنين تنفس الطلاب وأسرهم الصعداء.
قلق الأسر وإن كان القلق لدى الأسر قد وصل أوجه ويتصاعد خلال اليوم وصباح الغد عند أسر الطلاب الممتحنين بهدف الاطمئنان على نتائج الطلاب إلا أن أسر طلاب مصريين متهمين بتسريب امتحانات الشهادة السودانية يعيشون قلقاً من نوع آخر خاصة بعد ما استعجلوا حكومتهم للإفراج عنهم بعد أن أكد حزب الوفد المصري لقضية حبس طلاب الثانوية العامة بالبلاد والبالغ عددهم 22 طالباً وشدد الحزب على الاستمرار في المطالبة بالإفراج عن الطلاب المستمر احتجازهم مطالباً وزارة الخارجية المصرية بسرعة إنهاء أزمة المحتجزين، وعد مراقبون الخطوة بأنها وسيلة ضغط على الحكومة السودانية للإفراج عن المحتجزيين الأجانب سيما أن الحكومة السودانية حددت موعداً مضروباً لإعلان نتيجتها ويبدو أن تحديد هذا الموعد أكد أن النتيجة ليست لها أي علاقة بمجريات التحري بالمحاكم مع الطلاب الذين تورطوا في حالات غش خاصة أن وزارة التربية دائماً تعلن نتيجة الامتحانات بعد أن يطلع عليها رئيس الجمهورية وبذلك يكون الأمر أقرته رئاسة الجمهورية.
حالة غش
كانت وزيرة التربية والتعليم العام د.سعاد عبد الرازق قد صرحت في وقت سابق في مجلس الوزراء والبرلمان بأن الحادثة تعتبر حالة غش نافية أن تكون عملية تسريب لامتحانات الشهادة السودانية وبذلك أوصدت الباب لأي حديث عن إعادة الامتحانات الأمر الذي أقرته الحكومة والجهاز التشريعي على حد سواء وأصبح الأمر يتعلق حسب المراقبين والتشريعيين باللوائح والقوانين المتعلقة بحالات الغش خاصة أن حالات الغش في الامتحانات تحدث سنوياً لكن في الأمر ثمة غرابة وهي أن يتم اعتقال الطلاب الذين مارسوا حالات الغش خاصة أن اللائحة ليست بها أي إشارة إلى اعتقال من يمارس حالة الغش. تقصير حكومي
ويبدو أن مشاكل النتيجة لم تنتهِ عند حد الغش فقط بل طالتها مسألة الحقوق التي برزت بشدة بعد أن احتفل المعلمون العاملون في أعمال الكنترول وتفأجاوا بأن حقوقهم منقوصة، الأمر الذي دعا إلى تجمهر نحو 1000 معلم كانوا عاملين في أعمال الكنترول أمام وزارة التربية والتعليم العام احتجاجاً على عدم صرف مستحقاتهم التي قامت الوزارة بنقصها قيمة مليون جنيه للمعلم وفي وقت أكد فيه رئيس نقابة العاملين بالتعليم العام عباس حبيب الله وجود خطأ صاحب العملية الحسابية لمستحقات المعلمين إلا أن المعلمين أكدوا أن استحققات المعلم 3.5 مليون جنيه فيما قالت الوزارة إن الحسابات تؤكد أن مستحققات المعلم 2.5 مليون جنيه وأكد المعلمون عدم وجود أخطاء وأن الوزارة كانت قد تعمدت نقص قيمة استحقاقات المعلمين، وأوضح حبيب الله في تصريح لـ(الصيحة) أن الوزارة قامت بمراجعة الحسابات التي كان فيها خطأ وقامت بإرجاع الحسابات إلى وضعها الطبيعي مؤكداً صرف المعلمين لاستحقاقاتهم كاملة بعد تعديلها ضوابط منقوصة، وأكد خبير تربوي لصيق بالامتحانات- رفض الافصاح عن هويته- لـ(الصيحة) أن امتحانات السودان لها ضوابط عديدة منها ضوابط تتعلق بالتخزين وحركة الامتحانات إلا أن إدارة الامتحانات لم تطبق تلك الضوابط الأمر الذي أدى الى انفراط العقد ووصول الامتحانات الى أيدي الطلاب المصرييين والاردنيين.
مؤكداً أنه في العهد السابق كان تنقل الامتحانات حتى إلى المراكز الخارجية في مظاريف مشمعة بالشمع الأحمر والآن تنقل الامتحانات بالحقيبة الدبلوماسية، مشدداً على عدم وجود تفعيل اللوائح غير أن العاملين في مجال الامتحانات والكوادر الأخرى مثل السواقين والكتبة لم تجرِ عليهم التحريات الجنائية اللازمة والتأكد من عدم إجراء مخالفة جنائية الأمر الذي لم يعمل به من جانب الامتحانات وهذا ما دعا إلى تورط سائق وكاتب سودانييْن في عمليات الغش وهما ما زالا رهن الاعتقال، هذا بخلاف ما تجريه الوزارة حيال التأكد من اختيار المعلمين بكفاءة وعناية شديدتين. ولوح الخبير إلى أن السائق الذي تم اعتقاله تم تعيينه في أعمال امتحانات الشهادة السودانية وفقاً لوساطات ومجاملات وتزكيات بعينها، الأمر الذي أدى إلى انفجار الوضع بالامتحانات وظهور حالات الغش غير أن السائق والكاتب الذي ثبت تورطهما لم يتعدّ عملهما بالامتحانات عامين وتساءل المصدر عن ما هو معنى أن تكرم معلمة لفضحها حالات الغش سيما أن الغش يحدث سنوياً ويتم اكتشافه عبر المعلمين ولم يتم تكريمهم من قبل، معتبراً أن في الأمر ثمة غرابة!.
الخرطوم: ابتسام حسن
صحيفة الصيحة