انتشرت بكميات كبيرة بمناطق الاقليم سيارات بوكو حرام.. محاولات لمعالجة الفتق الذي اتسع بدارفور

(س، ح) و(بوكو حرام) هما العباراتان الاكثر تداولا هذه الايام فى دارفور… فإن كانت لديك اموال نصحك الاصدقاء بأن تمتلك “بوكو حرام” وان كنت مسافرا قيل لك اركب “س، ح” وان رأيت عربة فارهة قفز المصطلحان معا الى رأسك فورا فقد اصبحت العبارتان مشهورتان لدرجة ان رئيس الجمهورية المشير عمر البشير خلال زيارته السابقة لدارفور مازح المواطنين في خطابه بمدينة الفاشر، حينما اكد ان الدولة ستقنن من وضع “س،ح” و(س، ح) تعود حكايتها الى بداية الازمة بالاقليم الغربي عندما تم تمليك مجموعات مسلحة تناصر الحكومة عربات دفع رباعي “لاندكروزر” وبمرور الازمة وصولا الى مرحلة انخفاض المواجهات المسلحة وانحسار التمرد باتت هذه العربات منتشرة بكميات كبيرة بمختلف انحاء دارفور لاتحمل لوحات وغير مرخصة يستعملها دائما افراد المجموعات شبه النظامية، وبالتالى فإن عربات (س ح) اختصارا لعبارة “سرقة حلال” اما بوكو حرام فهي الاخرى عربات غير انها ليست مسروقة ولكن استغل فيها التجار الوضع المائع في دارفور وقاموا بادخالها من دول الجوار بكامل اوراقها فقط هي عربات لم تمر عبر القنوات الرسمية ولم تدفع لها جمارك.. هذان النوعان من العربات موجودان الآن في دارفور بكميات كبيرة وموديلات حديثة واسعار زهيدة.

بوكو حرام

في الوقت الذي شرعت الدولة فعليا في تقنين سيارات “س، ح” برزت تجارة لنوع آخر عندما تفاجأت الحكومة بوجود كميات ضخمة من العربات حديثة الموديلات بحوزة المواطنين، وبالتقصي عن مصدرها اتضح انها قادمة من دول الجوار (ليبيا وتشاد وجنوب السودان وافريقيا الوسطى) وقد دخلت الى البلاد بطرق غير شرعية، هذه السيارات يطلق عليها اصطلاحا “بوكو حرام”، وجاء هذا الاسم بالتوقيت مع ظهور جماعة بوكو حرام النيجرية والتي كانت سببا غير مباشر لتهريب هذه السيارات الى السودان وذلك لأنها اسهمت في حدوث اضطرابات امنية بعدد من دول الجوار والتي استغلها مهربون في احضار السيارات الحديثة الى السودان فضلا عن الازمة الليبية التي فتحت الباب واسعا امام المهربين لادخال عربات الى البلاد ايضا بطرق غير قانونية.

أسعار زهيدة

أسعارها الزهيدة شجعت المواطنين بمدن دارفور الكبرى على اقتنائها للاتجار فيها، ويقول بعض مالكي هذه العربات انهم يعملون في بيعها وشرائها ويعلمون أن دخولها الى البلاد لم يكن عبر المنافذ الرسمية وان من بينها المسروقة. لذا فإن اسعارها زهيدة مما جعل الجميع يتسابق لشرائها لدرجة ان الحكومات الولائية والمسؤولين يستخدمون هذه السيارات بدءا من الوالي الى اصغر موظف في الدولة لان اسعارها زهيد وفي متناول اليد مقارنة مع اسعار الخرطوم فضلا عن ان هنالك سيارات تمت جمركتها وترخيصها في نيالا ونقلت الى الخرطوم وتم بيعها.

فروقات السعر

انتشرت هذه الظاهرة بصورة كبيرة وما ان تذهب إلى مدينة بدارفور إلا وتشاهد العربات الفارهة تتجول في شوارع المدن وعندما تسمع عن اسعارها الزهيدة مقارنة مع اسعارها الحقيقية بالعاصمة يتضح فرق السعر الشاسع ، فعلي سبيل المثال فان العربة بوكس دبل كاب موديل 2016 التي خضعت لاجراءات الجمارك يبلغ سعرها 750 الف جنيه، وذات العربة بدارفور من التي دخلت البلاد عبر التهريب لايتجاوز سعرها المائتي الف جنيه.

جولة ميدانية

أثناء تجوالي بعدد من مدن دارفور سألت مواطنين يمتلكون عربات بوكو حرام عن عدم قانونيتها فاعترفوا بهذا الامر واشاروا الى انهم فضلوا الحصول عليها وذلك لاسعارها الزهيدة وان البعض لا يرغب في بيعها لقضاء مشاويره الخاصة بها، رافضين اعتبارها سيارات مسروقة ويبدو انهم مقتنعون بالنظرية التي تشير الى انخفاض رسوم الجمارك بدول الجوار مقارنة بالرسوم السودانية مما يجعل قيمة تلك العربية منخفضة وفي متناول اليد، مؤكدين ان الحصول على سيارة في السودان بذات المواصفات يعد ضربا من الخيال وذلك لاسعارها الباهظة.

الانتربول ينبه

في سياق متصل قال وزير الدخلية ان شرطة الإنتربول ابلغتهم بدخول سيارات مسروقة للسودان من دول الجوار، هذا الحديث يعضد ما قيل حول دخول هذه العربات الى السودان وان الحكومة ستقوم بخطوة ما حيال هذا الملف.

حملات واسعة

بالفعل بدأت حكومة شمال دارفور بحملات تفتيش واسعة عن هذه العربات حيث تمكنت من ضبط أكثر من 37 عربة مسروقة دخلت الولاية عبر الحدود بطرق غير شرعية. وقال ئيس الغرفة المشتركة العقيد ركن عمر عبد الرحمن باشري في تصريحات صحفية إن غرفة العمليات المشتركة بشمال دارفور التي تضم الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية تمكنت من ضبط 32 سيارة مخالفة من بينها سيارات دخلت الولاية بشكل غير قانوني من دول الجوار وسيارات أخرى بلا لوحات الى جانب 7 دراجات نارية مخالفة وأضاف أنه تم توقيف 10 أشخاص بتهمة حيازة مخدرات وذلك في إطار حملات في مدينة الفاشر وأشار الى ان الحملة تهدف فضلا عن حسم ظاهرة تهريب السيارات لإزالة الظواهر السالبة ودهم أوكار الجريمة وحظر حمل السلاح في الاماكن العامة وارتداء الكدمول “التلثم”، وابان ان الحملة ستستمر حتى تزول كل المظاهر غير القانونية.

ضبط وإحضار

من جانبه أكد معتمد الفاشر التجاني عبد الله صالح انه تم التوجيه بضبط السيارات المخالفة ومراقبتها عبر المداخل والبوابات، وأوضح ان السيارات التي تم ضبطها والتي دخلت من دول الجوار ساهمت سلبا في تطور الجريمة وقال المعتمد انه سيتم تحويل السيارات المضبوطة لإدارة الجمارك لإتخاذ الإجراءات القانونية تجاهها، موضحا أن المحلية ستستمر في حملاتها لتعزيز الأمن والاستقرار وناشد المواطنين بالتبليغ عن أي مظاهر سالبة.

وقال وزير الداخلية عصمت عبد الرحمن، الثلاثاء الماضي، إن السلطات الأمنية ستطبق عقوبة قطع اليد على جالبي السيارات من الدول المجاورة إلى دارفور باعتبارهم سارقون وأكد أنه تم حصر وتسجيل آلاف من السيارات التي تدفقت إلى كل ولايات دارفور حتى الآن وأعلن أن الحكومة بصدد تنفيذ “قطع اليد حدّا” على كل شخص يضبط بحوزته سيارة بعد اكتمال إجراءات الحصر التي تجري حاليا باعتباره سارقا.

الصيحة

Exit mobile version