العصيدة سيدة مائدة رمضان فى ربوع السودان

تهيأت الدول الاسلامية والعربية على استقبال شهر رمضان المبارك , ولكل دولة طبائع وسلوك وعادات وثقافة تعاطى مميز مع الشهر الكريم ,يتبدى فى شكل الحركة وفى شكل الاعداد والتحضيرات والتجهيزات , لان رمضان شهر عبادة وعمل ولونية معينة من الاطعمة والماكولات والمشروبات التى يتناولها الصائمون فى هذا الشهر.

تفرد السودان بتنوع ثقافاته وعاداته لانه قطر كبير رغم انفصال ثلث مساحته (جنوب السودان ) ذات الاغلبية المسيحية والوثنية , وبالتالى يظل معظم سكانه يفطرون (عصيدة) ويشربون (حلومر) ويتسحرون باللبن والتمر والعصيدة ايضا بمختلف الملاح المصاحب لها , وقبل مجىء شهر رمضان تقوم النسوة بتجهيز حاجيات الشهر من دقيق وبهارات ولحم ناشف يسمى( شرموط ) وتحضير الحلو مر هذا المشروب الذى يدخل فى اعداده اكثر من(10) عناصر من عناصر البهارات والبقوليات الداخلة فى صناعته مثل حبوب الذرة العادية التى تزرع (طريقة وضعه على بروش حتى ينبت ويصير لونه احمر) ثم يخلط مع دقيق ذرة ويضاف اليه مجموعة من البهارات والتوابل من اجل اضفاء اللون الاحمر والرائحة الطيبة والمذاق المر حيث يستخدم مع معجون الذرة القرنجال والزنجبيل والهبهان والقرفة ومنقوع الكركدى والكمون الاسود (حبة سوداء) والحلبة والعرديب والبلح .

تتكون مائدة شهر رمضان فى وسط السودان (منطقة الجزيرة الخضراء ) من العصيدة والتى تسمى (اللقمة) مع ملاح التقلية والروب وبليلة (فريك) نوع من الحبوب صغير الحبات اشبه بالدخن له مذاق طيب او من العدسى وهى ايضا نوع من الحبوب كبدية اللون اما الشراب فغالبا ما يكون مشروب الحلو مر والكركدى والنشاء (مديدة ذرة) بينما العشاء قد يتكرر بنفس مكونات الافطار والسحوؤ فغالبا من اللبن والمديدة , ويكون
الافطار فى كل المنطقة خارج المنازل وفى الساحات والشوارع ولاتبقى بالمنازل الا النساء والعجزة والمرضى .

عبدالرحمن كشان من شمال السودان منطقة الجعليين الجبلاب قال ان مائدة افطار شهر رمضان بسيطة وغنية فهى تتكون من عصيدة بملاح تقلية وروب وطبق بليلة عدسى او كبكبى اضافة الى مشروب الحلومر والكركدى والقنقليس .وضمن منطقة شمال السودان ومن ديار الشايقية قالت حاجة محمد امراة خمسينية العمر ان الافطار دائما يتكون من قراصة خفيفة بالتقلية او بالدمعة مع بعض السلطات الحمراء والبيضاء وطبق بليلة اوبيا او عدسى ويكون المشروب الاساسى الحلو مر الاحمر والابيض والليمون ويتكرر كثيرا نفس الطعام فى وجنة العشاء اما السحور فدائما يتكون من الفطير باللبن .

معظم مناطق شمال السودان وتحديدا مناطق المحس والدناقلة تضع القراصة الخفيفة والثقيلة مطعمة بملاح التقلية والروب اضافة الى بليلة الكبكبى والعدسى ويمكن اضافة اطباق اخرى حسب الوضع الاقتصادى الا ان الشكل العام هو ماذكرت ويتكون الشراب من مشروب الحلو مر والكركدى والليمون والبلح الذى لاتخلو مائدة منه فى كل مناطق شمال السودان ويتكرر نفس المشهد غالبا فى العشاء اما وجبة السحور فتتكون من الرقاق واللبن والبلح , وكعادة كل اهل السودان يكون الافطار خارج البيوت .
تمتازمنطقة غرب السودان بثراء أطعمتها وتبدع نسائها فى اعداد اصناف عديدة من الاطعمة وتقول حواء من مدينة الجنينة غرب دارفور ان الافطار غالبا فى كل الموائد الرمضانية لعامة الناس مهما كان مستوى دخلهم تتكون من عصيدة الدخن بملاح التقلية والروب وبليلة العدسى او الكبكبى اضافة الى بعض السلطات الحمراء والبيضاء واما الشراب فيتكون من مشروب الحلومر وعصير القنقليس والكركدى والشعير احيانا بينما السحور يتكون من العصيدة والمديدة (نشاا) من الذرة والدخن .

منطقة كردفان يتكون افطارها من عصيدة بالتقلية او الروب وبليلة عدسى وهى نوع من الحبوب الكبدية اللون مذاقها طيب وتحمل فى بذرتها مواد مفيدة ومغذية اما الشراب فكعادة اهل السودان يتكون من مشروب الحلو مر والكركدى والقنقليس اضافة الى مديدة دخن او ذرة بينما السحور عبارة عن عصيدة فى الغالب بملاح مختلف .

وفى شرق السودان يكون افطار رمضان على الوجه الاغلب مكون من عصيدة من الذرة مع اللبن الرايب وهى مفضلة لقبائل البجة اما سائر قبائل الشرق فتتناول العصيدة مع (التقلية) نوع من الاطعمة الشعبية فى سائر بقاع السودان اضافة الى طبق من البليلة والبلح اما الشراب فيفضلون عصير الليمون والبرتقال لان منطقة الشرق تنتج مثل هذه الفواكه اضافة الى عصير الكركدى والقريب فروت .. اما وجبة العشاء فتتكرر فيها نفس اطعمة الفطور بينما السحور غالبا ما يكون رقاق باللبن وهو نوع من الفطائر الخفيفة والرقيقة او الحليب لوحده لان هناك قطاع كبير من المواطنين يحبذونه .. وكعادة سائر اهل السودان فأن الافطار يكون خارج المنازل فى الساحات والشوارع الكبيرة والفرعية.

يقول رجل الاعمال عيسى بشيرابى ان افطار رمضان فى منطقة المناصير تتسيده (اللقمة) او ما يسمى بالعصيدة وهى من الذرة مع (ملاح التقلية والروب ) وهو طعام من اللحم المنشف يضاف له الروب , وطبق بليلة كبكبى او لوبيا وطبق سلطة روب بالعجور اضافة الى طبق (نشاء او مديدة ذرة ساخنة ) لتلطيف المعدة مثل الشورية ..وهناك طبق الغباشة وهى اللبن الرايب غير الحليب ..اما الشراب فيبدأ بمشروب الحلو مر (الابرى) الاحمر والابيض الذى قل فى السنين الاخيرة اضافة الى الليمون والحلبة والكركدى لانه انتاج محلى بالمنطقة والعرديب.

اما وجبة العشار فغالبا ما تكون (قراصة ) فطيرة شعبية سودانية مع اللحم او ملاح التقلية .. والملحظ الواضح فى كل المنطقة ان الناس جميعهم غنيهم وفقيرهم كبيرهم وصغيرهم يخرجون للافطار خارج البيوت امام شوارعهم ولايبقى بالمنازل الا النساء فقط وكبار السن والمرضى . وهناك عادة فى الافطار يبدأ اولا بتحليل الصيام ثم الاكل ثم الصلاة وبعد ذلك يتناولون المكيفات من شاى وقهوة وبعد اداء صلاة المغرب ينزل الاطفال الى الموائد للافطار بعد الكبار .

فيما سبق يتضح ان السواد الاعظم من السودانيين يتناولون وجبة افطار رمضان (العصيدة او القراصة ) واحيانا الكسرة وكلها تصنع من الذرة والدخن والقمح يضاف اليها اطعمة من اللحم الناشف المقدد او المفروم (التقلية) اومع اللبن الرايب, ويفضلون مشروب الحلو مر ومن تسميته يكون مرا وبعد اضافة السكر يصبح حلوا ..

ومؤخرا دخلت اضافات فى المشروبات مثل القمردين والزبيب وعصير الفواكه (مانجو وبرتقال وجوافة الخ) ودخلت بعض الاطعمة الشرقية الا ان السمة الغالبة للمائدة الرمضانية السودانية لازالت تتسيدها العصيدة وهى ايضا لمستها المدنية قليلا واصبحت بيضاء اللون بعد استخدام دقيق (زادنا) من القمح عوضا عن دقيق الذرة والدخن فى بعض المناطق .

كتب- سعيد الطيب
الخرطوم 6-6-2016م (سونا)

Exit mobile version