في الوقت الذي ترتفع فيه الأعين إلى عنان السماء بحثاً عن (هلال رمضان)، يعد الكثيرون العدة لاحتفال خاص يطلقون عليه (خم الرماد)، وهو احتفال لا يعرف له مصدر أو تاريخ، لكن الناس وجدوا أنفسهم يمارسون طقوسه، ويقوم خم الرماد على تنظيم مهرجان أكل نهار آخر أيام شهر شعبان، كأنه تحسب لجوع يطول شهراً، أو تزويد للأجساد بطاقة كافية لمواجهة عناء أول أيام الصيام.
وتختلف طرائقه حسب الشرائح الاجتماعية، البعض يأكل فيه حتى الثمالة، وهناك طيف ليس بالقليل يشبع نهمه لأطعمة بعينها، خاصة تلك التي يصعب تناولها مع الصيام، فيما يكتفي البعض بمجرد الاحتشاد وينظم البعض حفلات تناول القهوة، أما الشباب فيخمون رمادهم الخاص حسب الأعمار والأجناس والقدرات المادية.
تفسيرات خاطئة
“وهل تباح المحرمات؟” بهذا التساؤل ابتدر مجدي منصور حديثه لـ (اليوم التالي). وأشار إلى أن الشباب لا يقيمون هذا اليوم ولا يتركونه يمر دون أن يلهون فيه، لأن شهر رمضان شهر كريم تترك فيه المعاصي، مضيفاً بأن بعض الناس يفسرون خم الرماد تفسيراً خاطئاً، حيث يقعون في الأخطاء والمعاصي، بحجة أن الشهر الكريم ستغفر فيه ما ارتكبوه من ذنوب في ذلك اليوم. مجدي يبتسم قليلاً. ويواصل حديثه “والله نحن زاتو ماقادرين نحدد انو سجم رماد ولا خم رماد”.
يوم للمرح
آلاء أحمد – طالبة بجامعة السودان قالت: في هذا اليوم نجتمع أنا وصديقاتي وأصدقائي لكي ننظم رحلات إلى الجنائن، ونتناول كل ما نشتهيه، أما ريان إبراهيم فقد كان رأيها مخالفا عن سابقتها، حيث أشارت إلى أن خم الرماد عادة دخيلة على المجتمع السوداني، وغزت هذا الجيل مثلها ومثل أعياد الحب والميلاد، منوهة إلى أن خم الرماد حسب مفهومها هو يوم وقفة رمضان. وقالت إن البعض يخصصه لفعل أي شيء محرم في الشهر الكريم، مؤكدة بأنها ضد هذه العادات والمسميات الغريبة، فمن المفترض أن يستقبل الجميع شهر رمضان بالدعاء والتضرع حتى يغفر الله لنا ما تقدم وما تأخر من الأعمال.
سلوك اجتماعي
إلى ذلك عد الباحث الاجتماعي الصادق حامد الظاهرة قديمة جداً. وأشار إلى أن الهدف منها هو اجتماع الشباب في جو ترفيهي وقضاء وقت لطيف ومرح. وأضاف: ربما يكون المتجمعون موظفين أو طلاباً ويكون التجمع متنوعاً والغرض منه ترفيهيا بحتاً، وليس كما يظن البعض الظنون، فالناس يتوسلون بخم الرماد للحصول على لحظات صفاء قبيل الانخراط في الصيام والعبادة، وهذا برأيي يقوي الروابط الاجتماعية بين الناس وهذه ناحية إيجابية. أما في ما يخص الطعام، فمن المفترض أن يكون الأكل في هذا اليوم خفيفا حتى لا تثقل المعدة بالطعام ما قد يتسبب في إرهاقها. وأردف الصادق: يعد خم الرماد سلوكا اجتماعياً متفقاً عليه بين الناس، وله مفاهيمه الاجتماعية المتعددة من بينها أن يختم الناس أيام الإفطار بأكل أكبر كمية من الأصناف اللذيذة والمشروبات، إضافة للتجمع النهاري الذي قد لا يكون متاحاً في نهار رمضان.
الخرطوم – حسيبة سليمان
صحيفة اليوم التالي