محمد عبد القادر : أدوية (فشنْك).. بلاغ إلى النائب الأول!!

تحت وطأة الحمى (السهراجة)، التي ظلت (تهرس) عظامه لأربع ليالٍ حسوما، لم ينسَ الصديق ضياء الدين بلال، وهو(يِكَتْكِت تحت البطانية) تدوين ملاحظاته الصحفية، واهدائنا موضوعاً خطيراً يصلح أن تتعامل معه الصحف بجدية ومسؤولية، وهو ملف الأدوية المغشوشة.
كتب ضياء الدين في أحد قروبات الواتساب (بخصوص الأدوية الفشنك أربعة أيام والحمى تهرس صباح مساء، لا ملاريا ولا التهاب في الصدر، أخذت أربعة أدوية مع البندول، والحمى في محلها. جارة لنا؛ عادت من أمريكا، أعطتني حبتي بندول أمريكي، الحمى راحت، لم يبقَ إلا الفتور والإعياء الخفيف، أربعة أدوية قبرصية وهندية لم تنجز ما أنجزه البندول الأمريكي)؟!.
بين مصدّق ومكذّب كنت أتلقى الأخبار عن الأدوية المغشوشة، واستمع لروايات عديدة حول أشخاص لم تلازمهم العافية إلا بعد أن استبدلوا عقارات صرفوها في السودان بأخرى استجلبوها من الخارج.
هل تعلم عزيزي القارئ أنه، ومنذ العام 2007م لم يتم سحب دواء من صيدليات السودان رغم أن المعمل القومي أصدر عشرات الشهادات لأدوية غير صالحة للاستخدام الآدمي ـ حسب الموقع الإلكتروني للمجلس ـ ولكن على أرض الواقع لم يتم سحبها رغم كثرة الحديث المتداول بشأن عدم كفاءة الأدوية الموجودة في الصيدليات.
طبعاً في ذلك الوقت، كانت الادارة العامة للصيدلة تتبع لوزارة الصحة، وتدير ملف الدواء في السودان، وبها إدارة السلامة الدوائية، المسؤولة عن الفحص العشوائي للأدوية بعد التسويق.
أما الآن؛ فحدّث ولا حرج، بعد أن آلت ادارة تسجيل ورقابة الأدوية للأمانة العامة للمجلس القومي للأدوية والسموم، بموجب تعديل القانون. وانفردت بمبانيها الخاصة خارج وزارة الصحة، وتحكم في ادارتها مستوردو الأدوية، واختلط الحابل بالنابل في سوق الدواء، وضعفت سيطرة وزارة الصحة على ادارة الملف. فبات الحديث جهاراً نهاراً عن ضعف مواصفات الأدوية في السوق، دون أن يحرك أحد ساكناً بالطبع.
أسوأ ما يشهده سوق الدواء الآن، هو غياب الاشراف المباشر من وزارة الصحة على سوق الدواء، ودخول تجار لا صلة لهم بالصيدلة.
لن نتصور أن يكون المجلس القومي للأدوية والسموم حاسماً في مكافحة الغش، طالما أن المنتسبين المؤثرين في أدائه هم المستوردون وأصحاب الشركات والتجار. يفحص معمل استاك القومي عشرات الأدوية، ويفتي بعدم مطابقتها، ولكن نسبة تنفيذ سحبها من الصيدليات صفر.
ما لم يخرج المستوردون من إدارة الشأن الدوائي، خاصة؛ في الجوانب المتعلقة بالأسعار والمواصفات، فإن حال سوق الدواء في السودان لن ينصلح. وفي الخاطر السؤال التقليدي الذي يدور في ذهن كل مواطن حول عدم تأثير انخفاض أسعار الأدوية في الأردن بنسبة 70% على سوق الأدوية في السودان، يحدث هذا رغم الإخطار الذي ورد من السفارة السودانية بعمّان بشأن تخفيض أسعار (563) نوعاً من الدواء.
سعادة النائب الأول لرئيس الجمهورية، الفريق أول بكري حسن صالح؛ نرفع إليك الأمر، وأنت المملك بملف الدواء، ليس هنالك أسوأ من أن تفقد الثقة في العقاقير الطبية، ونتجرع السموم و(العلاجات الفشنك).. لماذا تظل سمعة الأدوية المعروضة بصيدليات السودان في الحضيض؟! أي ترد وغياب للضمير أكثر من أن تمكن ضعاف النفوس.. وعبر القوانين.. والمجالس المتخصصة من بيع الدواء المغشوش للمواطن..!!
سعادة النائب الأول: لابد أن تعود سيطرة الدولة الكاملة على الدواء.. الآن هيبة الحكومة غائبة تماماً في هذا المجال. من المهم جداً أن يكون وزير الصحة هو المسؤول الأول عن الدواء. في أجواء السودان، ومناخه الساخن والمتقلب، لابد من زيادة فاعلية المعمل القومي في فحص الأصناف عشوائياً. ونظراً كذلك لسوء ظروف التخزين. كما نتمنى أن تقود كل هذه الخطوات لضبط مواصفة الدواء الذي يدخل البلاد، ومراجعة قيمته المتصاعدة، وفقاً لأسعار الدواء عالمياً.. فمجلس يديره المستثمرون لا أعتقد أنه سيفعل مثل هذه الخطوات.

Exit mobile version