إذا كان والي غرب دارفور قد نفى وجود جنجويد بولايته حسبما أشرنا بالأمس، فإننا نحاول اليوم إثبات وجود جنجويد آخر (غير جنجويد دارفور) يماثلونهم في الفظاظة والفظاعة، أولئك هم جنجويد المحليات، ولكن قبل أن نأتي على سيرة هؤلاء الجنجويد اسمحوا لي بتحية خاصة ومخصوصة ومختصة ومخصصة ومبنية على الاختصاص، يستحقها معتمد بحري اللواء الركن حسن محمد حسن إدريس، لموقفه النبيل مع ضعفاء محليته (ستات الشاي وأطفال الدرداقات)، الذين كفَّ عنهم أذى جنجويد محليته…
من أخبار الأمس أن عدداً من أصحاب المحلات التجارية بالخرطوم تقدموا بشكوى لوزير الحكم المحلي حسن إسماعيل، مفادها أن بعض موظفي الوحدات الإدارية يأخذون جبراً من محلاتهم كميات من الدقيق والأطعمة بسبب تباطئهم في إكمال بعض الإجراءات الإدارية والمالية.. هذا الخبر الجديد يؤكد أن هذه الممارسة القديمة المتعسفة ما زالت على حالها القديم ومنظرها البئيس.. مجموعة من عمال وموظفي المحلية يهبطون من عربتهم ويغيرون على المحل التجاري، يطالبون صاحبه بفظاظة وغلظة بدفع رسوم وجبايات هي كل يوم في شأن ولها مسمى جديد.. إما أن يدفع صاحب المحل فوراً وكاش داون أو (يشيلوا ما يريدون من عدة)، سواء كانت جوال سكر أو دقيق أو غير ذلك من بضاعة أو يغلقون المحل ويشمعونه بأقفال يحملونها معهم.. أو يصادرون منه (الميزان) حتى يتوقف عمله.. ولا حيلة لصاحب المحل المقهور غير أن يدفع حالاً وهو صاغر، أو أن يخوض عملية شاقة ومرهقة من (المساسقة) لاسترداد رهائنه من البضاعة المأخوذة منه قسراً، ومثل ذلك وأسوأ منه يفعله جنجويد المحليات مع ستات الشاي على مدار اليوم والساعة، يهبطون سراعاً وخفافاً من (دفاراتهم) الشهيرة ويغيرون عليهن كما يغير الجند في معركة فاصلة وحاسمة ضد أعداء أشداء غلاظ، يصادرون البنابر والكوانين والكبابي، ويعودون ثقالاً بتلك الغنائم يملأون بها دفاراتهم ويحتجزونها كرهينة أو الأحرى كغنيمة في حوش واسع، وبذات أسلوب (يا تدفع يا نشيل العدة)، ليس أمام ست الشاي الغلبانة إذا ما أرادت استرداد عدتها إلا أن تبدأ عملية (مساسقة) مرهقة لاستردادها بعد دفع (المعلوم) من إتاوات ورسوم لا أعرف لها مسمى غير (رسوم استرداد العدة).. وبعد.. هل هناك بربكم إهدار لحق المواطنة وتمريغ لكرامة المواطن أكثر من ما يفعله هؤلاء الجنجويد، ولا نعني بالجنجويد فقط من ينفذون هذه الحملات الانكشارية، بل نعني قبلهم من يقفون وراءها ويصدرون تعليمات الغارات…