٭ مهووس أنا هذه الأيام «بفركشة» السياسة للعبة الثقافية.. وما بينهما من أمور متشابهات.
٭ ويقال أيضاً إن الثقافة والسياسة أخوات «بنات عم» الظروف.. الأولى دخلت المكتبة بعد أن قلمت أظافرها تقرأ الكتب القديمة للجاحظ وسيبويه وخماروية بينما خرجت الثانية متمردة تحمل السلاح متجهة نحو الغابة.
٭ الثقافة بدأت هزيلة وهي تدفن رأسها في الكتب العتيقة تغذي عقلها بالفكر وبطنها خاوية والغبار العالق يصيبها بالزكام.
٭ بينما السياسة أحلامها تحت رجليها احياناً تدوسها وأحياناً تطاردها مطاردة الوحوش للفريسة لذلك تزوجت من «المصلحة» وانجبت لنا هذا الكم الهائل من المنابر المكتظة بالوعود.. «وأولاد» الكلمات البراقة والادعاء..
٭ لست أدري ما هو التوصيف الذي يستوعب حد الثقافة.. وهل «تحتمل» المرونة التي تتجاوز السذاجة بفرط قيراط..
وهل الاستماع إلى ندى القلعة وإيمان لندن وانصاف مدني يدخل في معمعة الثقافة.. وهل تعاطي القنبلة والنبقة والرمبزا وحجر الصاعقة هو مبرر لكي يقتسموا المعنى قسمة «ضيزي» أم أن هنالك تبايناً نسبياً وهل خروجها بالمطار إلى الخارج حيث شاكيرا.. والليري غاغا.. وريكي مارتن يقصم ظهرها أم «يغرقها» في الدلالات المتناقضة كاطراف المغنطيس وفقاً للذوق «خشم بيوت».
٭ الثقافةالتي دخلت المطبخ حيث المعيشة و«قفة الملاح» يقولون إنها تقود الحياة وليس بالضرورة أن تقودنا السياسة إلى الموت فطريقة التناول من خلال الاشباع المعرفي لا تحتمل الفرز بين الشوكة والسكين واغراق اليد إلى آخر رسغ في حافة السبابة.
٭ الثقافة بمواعينها المنظورة تغرينا بالدخول إلى عوالم العقاد.. وصالونات المازني ومي زيادة والتجاني يوسف بشير والمجذوب ومعاوية محمد نور وحمزة الملك طمبل.. ولكن اضمحلال الذوق إلى مرحلة الاسفاف يجعلنا نعود الى قواعدنا «سالمين وتامين» حيث الأغنيات «الدليفري» التي لا يمكن تعاطيها إلا بنكهة المايونيز والكاتشوب..
ويمكن أن نقول إن ايقاعات التراث في غرب السودان وايقاعات الطنبور في الشمال والدلوكة عند أهل الوسط وقيمة رطانة الهدندوة في الشرق.. كل هذه تعتبر ثقافة تعكس حسن السير والسلوك على درب المباديء والأعراف .
٭ أحياناً يطلقون كلمة الثقافة على النخبة وأن كل من يستمع إلى أشعار بابلوينرودا ويتابع كتابات همنجواي هو الذي يقطع الثقافة «تقطيع» وهنالك من يعتقد بأن الذين يبدأون الكلام بفلسفة من فصيلة برناردشو وموسكو وبيكيه هم المثقفاتية «الجد.. جد» مع أن مسألة استعراض العضلات المعرفية والحشد الهلامي بالكلمات الفضفاضة.. والمتقعرة.. «وعوجة الخشم» تسقط هيبة الاحتفاء .. و«لمعة» الحبور..
٭ وأحياناً القبول يكون بانتهاج خط وسطي الملامح تقوم مرتكزاته ألا تجعل يدك مغلولة على عنقك باستخدام لغة «الراندوك» والدلالات الهجين .. ولا تبسطها كل البسط فتخرج لنا اشراقات صبا نجد.. ومدحشر بالقحطلين تحشرفت شفتاه فخر كالخربعطل..
٭ وحتى نصل لصياغة جديدة في مفهوم ثقافة يرضي بها الجميع من مثقفي الصفوة والسوام والعوام.. دعونا نقتصد في بهدلة الحروف الهجائية.. وجهجهة حروف العلة .. منعاً لالتهابات الحلق.. و«العشرقة» التي تصيب «اللوزتين» في مقتل..
٭ أما السياسة فقد دخلت «اللحم الحي» هذه الأيام.. وصارت منهجاً يقوم على تعليم «الديرتي قيم» في ثلاثة أيام بدون معلم..
وحتى ذلك الوقت دعونا «نعوس» قليلاً .