سودابت …أزمة النقابة .. أم نقابة الأزمة

عقب مجزرة فصل الـ18موظفاً بشركة سودابت للبترول في العام 2015 تلاحقت الأحداث داخل الشركة وبشكل متصاعد ، حتى علت بعض الأصوات تطالب بتغيير نقابة الشركة بيد أن مطالبتها ذهبت أدراج الرياح لأن النقابة يحكمها قانون يحدد كيفية تكوينها وإجرائها لجمعية عمومية ، لكن لازالت ساحة الشركة تشهد تحركات كبيرة من قبل بعض العاملين الناقمين على النقابة ، في وقت يحاول فيه نافذون في الحكومة إخماد ثورة العاملين الداعية للإصلاح النقابي داخل الشركة .
في التحقيق أدناه نكشف عن خلافات كبيرة ضربت الجسم النقابي للشركة وتداعيات قائمة جديدة فُرضت على العاملين رغم صدور قرار بتجميد النقابة القديمة بسبب استقالة معظم أعضائها احجتاجاً على ظهور أسماء مفصولين ضمن القائمة المتفق عليها .

قتل الفتنة:
الشركة الحكومية ضربت جسد نقابتها خلافات عاصفة في الأيام القليلة الماضية ولم تفلح كل الوساطات من كبح جماح رياح التغيير العاتية التي يقودها بعض العاملين بعد أن حاولت بعض الأيدي النافذة أن تعبث بالنظام المتبع ففطن العاملون إلى أن عقرباً تسعى لتوجيه لدغات سامة على جسد نقابتهم الحديثة فأحضروا النعل لها ثم قبل حدوث الفعل وجهوا ضربات موجعة لكنهم لم يفلحلوا في قتل (الفتنة) التي كانت نائمة وأيقظها آخرون من داخل وخارج الشركة من الذين حاولوا أن يعبثوا بالنقابة ويمرروا بعض الأجندة الشخصية بطريقة ماكرة ويبقون على نقابة غصباً عن إراداة القواعد المفترض لها الغلبة في ذاك التكوين النقابي لإنتاج جسم شرعي منتخب من العمال ويعتبرونه مرجعيتهم في كل مسألة خاصة بالعمل وصوتهم المطلبي الذي يحميه من تغول الإدارة العليا على حقوقهم ،لكن يبدو أن بعضاً من الذين هُددت مصالحهم حاولوا الالتفاف على القانون .

النقابة المباركة:
ظلت الشركة كما حدثني مصدر من داخلها بلا نقابة للعاملين فيها رغم أنها شركة حكومية ، وبعد مطالبات رضخت السلطات إلى تكوين نقابة للشركة, واتفق العاملون فيها على إنشاء جسم نقابي يرضي الجميع مكون من عدد24 عضواً من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة طيلة فترة عملهم في الشركة ، تم تنفيذ الاتفاق حرفياً ووسط تهليل وتكبير تكونت النقابة المباركة ، لكن فيما يبدو أن تكوين النقابة بشكلها الذي خرجت به الى الناس ظل محل عدم رضاء من بعض الأيادي التي كانت تراقب الموقف من بعيد, وحسب محدثي فإنه وعلى نحو غير متوقع ظهر في كشف المكتب التنفيذي اثنان من الموظفين السابقين في الشركة كأعضاء في النقابة ،الأسماء رسمت الدهشة في وجوه العاملين لدرجة أن بعضهم وضعوا اياديهم على روؤسهم من هول المفاجأة لأن القرار الذي تم به فصل من ظهرت أسماؤهم يعتبر من أشهر قرارات الفصل في الشركة حيث سربت نسخة منه الى وسائل الاعلام ونشر في الصحف بعد أيام من صدوره فالقرار رقم 20/2015صادر من ادارة الشركة في 16ابريل 2015والذي أعفي بموجبه 7 من العاملين بالشركة في اطار سياساتها الرامية لتجويد الأداء وترتيب البيت الداخلي وبموافقة وزير النفط حينها ـ مكاوي ـ ورئس مجلس الادارة ، ثم شرع 16 من أعضاء النقابة في ملاحقة السلطات الاعلى منهم بالمسألة والاستفسار عن سر الدفع بالشخصيين محل دهشة العاملين بلا رد مقنع من الادارة ، بل وظهر كشف آخر من 15 شخص يمثلون نقابة الشركة من بينهم بعض الاسماء التي أعلنتى انسحابها من القائمة الاولى .

حسابات مالية:
ولم يكتفِ محدثي بالكشف عن حقيقة الاثنين المفصولين من الشركة وظهور اسميهما ضمن أعضاء النقابة, بل ذهب إلى كشف المزيد من الحكايات الغريبة وقبل ذلك نبهني الى أن النقابة تم تجميدها بخطاب من اللجنة العليا لانتخابات عمال السودان بسبب أزمة المفصولين وآخرين لم يتم اختيارهم من الأساس ، فغرابة أمر النقابة تكمن في انها ومنذ تاسيسها لم تقدم أي تقرير ومالي ولم تتم مراجعة حساباتها ولا إقامة جمعية عمومية لكن يبدو أن النقابة مسنودة من قبل قطط سمان تدافع عن بقائها لأكبر فترة ممكنة.

تجميد النقابة ولكن …
صدر خطاب اللجنة العليا لانتخابات نقابات عمال السودان ومختوم بختمها وموقع من قبل مولانا تاج الدين إدريس رئيس اللجنة المشار إليها يقضي بتجميد النقابة بسبب انسحاب أكثر من 16 من عضويتها, وأستند خطاب التجميد على نصوص القانون حيث ذكر أنه وبعد اكتمال الاجراءات الاولية للهيئة الانتخابية للفرعية أتضح أن عدد المرشحين 13 دون الحد الادنى المنصوص عليه في المادة 3/13من النظام الاساسي للنقابة العامة لعمال الطاقة والتعدين والري وعليه فقد قررت اللجنة تجميد النقابة في فرعية سودابت ، فالسبب الرئيسي في التجميد تم وفقا لانسحاب عدد من المرشحين احتجاجا على الاسماء التي ظهر على نحو مفاجيء في القائمة المجمدة ، لكن العاملين تفاجؤا بقائمة أخرى مكونة من 15 شخص من مكتب مسجل عام تنظيمات العمل يقول في خطاب أعتمادها انها مجموعة فازت عن طريق التزكية من غير اجراء اي انتخابات أو مخاطبة العاملين باجراء انتخابات جديدة واخطارهم بفك التجميد ، الامر كان في مجمله مستفز للعاملين وصور لهم ان مؤامرة ما دُبرت بليل ما دفعهم الى الاسراع في الدفع بطعن ضد القرار وايداعه منضدة مسجل عام تنظيمات العمل ، لكن المسجل رفض الرد على الطعون المقدمة من قبل العاملين بالشركة رغم تقديم أكثر من طلب استعجال للبت في الطعن . يقول محدثي ان وجه آخر أكثر غرابة ان القائمة جديدة أحتوت على أسماء بعض الذين تقدموا باستقالاتهم عن المكتب المجمد السابق ودفع المستقيلون بصورة من استقالاتهم الى مسجل عام تنظيمات العمل لكنهم تفاجأ بعض المستيلين بورود أسمائهم من جديدة في قائمة الـ14.

رئيس مفرغ
والاغرب من ذلك كما ذكر لي محدثي ان رئيس الهيئة الفرعية لنقابة سودابت الجديد هو نفسه مفرغ من قبل الشركة للعمل في الدفاع الشعبي لمدة ثلاثة سنوات ومع ذلك تم اعتماده رئيسا للنقابة بالشركة رغم مغادرة صفوفها والعمل في جهة أخرى خارج (حوش الشركة) . لكن لربما انتهى تفريغ رئيس النقابة او ربما هنالك ما يتيح للرجل ان يتولى المنصب النقابي وهو خارج أسوار الششركة ومن على البعد يدير نقابة بكاملها ، المهم ان واقعة التفريغ حدثت ولا يعلم محدثي ان كانت انتهت مدته أم لا .

صفيح ساخن
توقع محدثي أن الأمور بالداخل ليست على ما يرام وان كثيراً من الرمال تتحرك من تحت أقدام أعضاء النقابة الجدد بسبب الغضب عليهم من قبل العاملين وربما تنفجر الأوضاع في أي وقت ويصل الأمر إلى وسائل الإعلام بشكل أعنف إن لم يجد الطاعنون في قرار مسجل تنظيمات العمل رداً على طعنهم الذي أودعه منضدته علاوة على ملاحقتهم للمسجل بعدد من طلبات الاستعجال دون الرد عليهم, وقال إن الأوضاع داخل الشركة الآن على صفيح ساخن لأن بعض العاملين يعتقدون أن أيادٍ خفية لها مصلحة في بقاء النقابة بالشكل الحالي تريد ان تثبت أقدامها وتزلزل الأرض تحت أقدام الرافضين بملاحقتهم ربما إدارياً في الأيام القليلة القادمة .كما فعلت مع مدير الشركة الذي استقبل نبأ اقالته على نحو مفاجيء لم يكن في حسبانه .لانه كان يعلم علم اليقين أن ساعة مغادرته لمنصبه قد حانت ولكن ليس بالإقالة وانما بهاية عقده مع الشركة ، لكن يبدو ان القائمين على الامر قد تعجلوا في يومين واصدروا قرار الاقالة استناداً على وقائع الأزمة الحالية التي تشهدها الشركة.

تحقيق :علي الدالي
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version