هل كانت الخطوط البحرية تستحق هذا المصير؟

عندما يكتب د. أمين موسى الحاج أو سعادة اللواء بحرى نور الدين محمد فرح الخبراء فى مجال النقل واقتصاديات النقل البحرى ماعلينا الا أن نصمت تأدبا ففى حضرة الرجلين يطيب لنا أن نتعلم فلهما كل التقدير.
– د. أمين كتب عن طائر النورس الذى هوى بلغة الخبير العارف ودعانى للذهاب للساحل ومعاينة كيف أن النوارس تنعق الان بكاءا على البحرية .. الدكتور يرسم صورة صادقة ومعبرة عن أحزان الناس والنوارس والأسماك والأصداف والسواحل. كان الساحل كما توقع الدكتور .. حزينا .. كئيبا .. حدقت مليا فى المراسى الأليفة التى كانت تسكنها البواخر الخضر تمهيدا لدخول الميناء فلم أجد أثرا لذلك اللون الحبيب ولم أجد الا بقايا من حطام الباخرة الجاسم وبواخر أخرى وأيقنت أن كل كائن مصيره الى فناء .
– السؤال الذى يطرح نفسه الان من بعد البدء فى تنفيذ اجراءات التصفية هو .. هل كانت الخطوط البحرية تستحق هذا المصير ؟ وقبل الاجابة على هذا السؤال من المهم جدا وفى اطار السلسلة الادارية والعلاقات الهيكلية التى تنظم العمليات الاشرافية فى كل مؤسسات الدولة أن نسأل من هى الجهة التى ترعى الخطوط البحرية السودانية فاذا كانت الاجابة هى وزارة المالية كحامل أسهم الشركة ووزارة النقل من ناحية الاشراف الادارى والفنى .. يؤسفنى أن أقول أنه خلال كل فترات المعاناة التى واجهت الخطوط البحرية لم تجد من وزارة المالية أو النقل دعم يذكر بل أن وزارة المالية فى عام 2003 رفضت تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية باغراض الشركة مبلغ خمس مليون دولار على سبيل ردها وذلك لتمكينها من تأهيل وتأمين بواخرها .. وهذا الرفض كان بمثابة المسمار الاخير الذى دق على نعش الشركة فقد بدأت البواخر فى التراجع والتوقف بسبب المشكلات الفنية التى حاصرتها من كل اتجاه وأحجم الزبائن عن التعامل معها فقاد ذلك الى خسارات هائلة مما اضطر الشركة للتخلص التدريجى من بواخرها الواحدة تلو الاخرى .. وتوقف ما تبقى منها تحت رحمة الاقدار … هذا ماكان من أمر وزارة المالية .. أما وزارة النقل فحدث ولاحرج فهذه الوزارة ماكان يهمها فى معاناة البحرية شيئا فلقد كانت وبرغم ظروفها المتعثرة تطاردها بالطلبات التى تتعلق بسداد الفواتير والنثريات واستحقاقات المأموريات ..فبدأت وكانما العلاقة بين الشركة وهذه الوزارة مبنية على السمع والطاعة العمياء .. أعود للسؤال هل كانت البحرية تستحق هذا المصير .. ودعنى أورد ماجاء على لسان السيد وزير النقل فى مؤتمره الصحفى الذى عقده فى النصف الاخير من مايو الفائت والذى عبر فيه عن الكساح الذى تعانيه مؤسسات النقل اذ قال ان الخطوط الجوية لاتملك طائرة والسكة حديد لاتملك قاطرة والخطوط البحرية لاتملك سفينة .. وبالطبع النقل النهرى تمتلك بواخر نيلية فاقدة الصلاحية وبلا عمل .. ودعونا نقرأ هذا الحديث بافتراضات انه ولو توفرت طائرات وبواخر وقاطرات وسواحب الا انها كلها بلا صلاحية تؤهلها للعمل بسبب عجز مؤسساتها عن صيانتها فاذا كان هذا هو حال كل مؤسسات الوزارة لماذا تتم تصفية الخطوط البحرية وحدها فالاجدر بالوزارة ان يعم الشر بعد ان انعدم الخير فكل هذه المؤسسات فى الهم شرق وحالها جميعا لايختلف كثيرا عن البحرية .. والسؤال الأكثر أهمية هل فشل هذه المؤسسات هو فشل اداراتها ولا اقول العاملين بها فلقد اكد الوزير ان الخطوط الجوية تمتلك عناصر خبيرة لايمكن الاستغناء عنها فى حين تم الاستغناء عن الخبرات الفنية بالخطوط البحرية كانما هم من يتحملون خيبة وفشل الشركة ولماذا لاتتحمل الوزارة فشل وتداعيات هذه المؤسسات وهى من تقوم بالتوصية لتعيين مدرائها وهى التى يقع على عاتقها مهمة الاشراف الادارى عليها .. لماذا لاتمارس وزارة النقل نقدا ذاتيا لاجهزتها وهى ترى مؤسساتها تنهار الواحدة بعد الاخرى .. ولماذا تسكت الدولة عن مكامن الخلل وتكتفى بالوعود الحالمة التى لاتضيف لواقع مؤسسات النقل الا مزيد من التدهور.. فلا تحلموا بعالم سعيد فى هذا القطاع المؤثر الكبير وهذا ما ساعود اليه الاسبوع المقبل باذن الله.

الوان

Exit mobile version