محجوب عروة : اﻟﻌﺮب واﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ

ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻭﻳﺴﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺮء ﻟﻠﻘﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺼﺪﺭ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻣﺼﺮ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻷﺧﻴﻪ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻭﻳﺪﻣﺮ ﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﻭﻳﺒﺪﺩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺑﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻘﻮﻯ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﺎﻓﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺌﻮﻭﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ، ﻭﺗﺼﺒﺢ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﺓ ﻭﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺑﻞ ﺗﻘﺼﻒ ﺑﻄﺎﺋﺮﺍﺗﻬﺎ ﻟﺘﻘﺘﻞ ﻣﻮﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﻭﺗﻨﺴﻒ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻟﺘﺠﻌﻠﻬﺎ ﻗﺒﻮﺭﺍﻟﻸﻁﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎء ﻭﺍﻟﻌﺠﺰﺓ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎء، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺑﺸﺎﺭ ﺍﻷﺳﺪ.. ﻧﻌﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮﻯ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺂﺳﻲ ﻳﺘﺄﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﺆﻻء ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻮﺍ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻭﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﺮﺻﺎﺹ ﻭﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺷﺌﻮﻧﻬﻢ ﺑﺪﻳﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻁﻴﺔ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻟﻠﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻻﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻷﺣﺎﺩﻱ ﻭﺍﻗﺼﺎء ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺗﻬﻤﻴﺸﻪ ﻭﻛﺴﺮ ﻋﻈﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻧﺮﻯ ﺷﻌﻮﺑﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻭﻣﺘﻤﺪﻳﻦ ﻭﺗﻘﺒﻞ ﺑﺴﻠﻄﺔ ﻭﺳﻴﺎﺩﺓ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﺗﺨﺘﺎﺭ ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻻ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﺬﺧﻴﺮﺓ.. ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺴﻤﻰ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻴﺎ ﺃﻣﺔ ﻗﺪ ﺿﺤﻜﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﻻﺗﻬﺎ ﺍﻷﻣﻢ.. ﺍﻵﻥ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﺑﺎﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻫﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺑﻞ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺟﺎء ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻁﻞ ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (ﻅﻬﺮ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﺑﻤﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ)، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺎﻧﺸﺎﻫﺪﻩ ﻣﻦ ﻓﺴﺎﺩ ﻭﻫﻮﺍﻥ ﻭﺿﻌﻒ ﻭﺗﺨﻠﻒ ﻭﺗﻤﺰﻕ ﻭﺗﺸﺮﺫﻡ ﻭﺍﺧﺘﺮﺍﻗﺎﺕ ﺃﺻﺎﺑﺖ ﺃﻋﺮﺍﺏ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ﻫﻮ ﺑﻤﺎ ﻛﺴﺒﺖ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻔﺮﻁ ﺟﻬﺎﻻﺗﻬﻢ ﻭﺿﻌﻔﻬﻢ ﻭﺗﺨﻠﻔﻬﻢ ﻭﻓﺴﺎﺩﻫﻢ ﻳﻌﺰﻭﻥ ﻭﻳﺒﺮﺭﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻬﻢ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﻭﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻔﺸﻠﻬﻢ. ﻭﻟﻌﻞ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﻟﻸﺳﻒ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﻥ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ ﻭﺿﻌﺘﻬﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻓﻲ (ﺍﻟﺠﻴﺘﻮ) ﻋﺎﻣﻠﺘﻬﻢ ﺑﻘﺴﻮﺓ ﻟﺴﻮء ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﻭﺟﺸﻌﻬﻢ ﺃﻻ ﻭﻫﻢ ﻳﻬﻮﺩ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻓﺄﺻﺒﺤﻮﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﺟﻬﻮﻥ ﺑﻞ ﻳﺘﺤﻜﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻻﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ –ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ- ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ ﻟﺘﺒﻘﻰ ﺩﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺍﻻﺣﺘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﻗﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﻤﺪ ﺃﺭﺟﻠﻬﺎ ﺑﻞ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﺎ ﻷﻋــﺮﺍﺏ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺟﺎﻫﻠﻴﺘﻬﻢ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻬﻮﺍﻥ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﺃﻧﻈﻤﺘﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺆﺫﻥ ﺑﺨﺮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﺫﻡ ﻓﻬﻞ ﻳﺎﺗﺮﻯ ﻧﻌﻴﺪ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺳﺎﻳﻜﺲ–ﺑﻴﻜﻮ ﺭﻏﻢ ﻣﺮﻭﺭ ﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻢ ﻧﺴﺘﻔﺪ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ ﻭﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻰ ﺯﺭﻉ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺗﺨﻠﻔﻬﻢ ﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻠﺘﻴﻦ ﻭﻣﻮﺿﻊ ﻣﻮﻟﺪ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﻣﺴﺮﻯ ﻭﻣﻌﺮﺍﺝ ﺭﺳﻮﻟﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ.. ﻣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻋﺮﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؟

Exit mobile version