تهاطلت دموع الحركة الشعبية بغزارة الأيام الماضية على مقتل ثلاثة أطفال بسبب العمليات العسكرية التي تدور الآن في مسارح القتال.. ونشطت الحركة الشعبية وأتباعها في الداخل والخارج في ذرف الدموع المصنوعة ودموع الفجيعة الحقيقية.. وما بين الدمعتين (فوارق).. دموع الفجيعة هي التي تتسرب من المكلومين والمفجوعين من ذوي الضحايا.. الذين يجدون كامل التضامن معهم وتعزيتهم والمطالبة بوقف الحرب من أجل الحفاظ على أرواح الأطفال والأمهات.. ولكن الدموع المصنوعة التي يطلق عليها (دموع التماسيح) هي ما يذرفها في دور المعارضين بالخرطوم من يستغل فقط قضايا مناطق النزاعات من أجل قضيته الخاصة ومشروعه الذي ندب نفسه له.. كيف تبكي مثلاً “سارة نقد الله” على أرواح أطفال في هيبان وهي الأمين العام لحزب الأمة، ولكنها لم تمسح يوماً دموع طفل في أحياء النازحين بأطراف مدينتها أم درمان؟؟.. والحركة الشعبية التي تبكي بحرقة وألم على صفحات الفيسبوك والواتساب كم قتلت من الأطفال منذ نشوب الحرب قبل خمس سنوات من الآن؟؟.. وعندما تطلق الصواريخ على الأحياء المدنية، فإن الضحايا بالطبع هم الأطفال والأمهات والعجزة.. وحينما تهاجم قرية (حجير الدوم) الواقعة في محلية كالوقي وتقتل بدم بارد سبعة عشر مدنياً من بينهم (7) أطفال إعداماً أمام الأمهات اللاتي تمزقت أحشاؤهن من الداخل وفلذات الكبد يحصدهم الرصاص الباطش!!.. هل أولئك ليسوا أطفالاً مثل أطفال هيبان يستحقون الحياة.
وفي العام الماضي أطلقت الحركة الشعبية في اليوم الأول للانتخابات خمسة صواريخ كاتيوشا على أحياء مدينة كادوقلي، ومن بين الضحايا كانت الطفلة “نورة سومي” التي تبلغ من العمر (4) سنوات.. والطفل “أمجد عرديب” (7) سنوات مزقت شظايا الدانة جسده.. هل هؤلاء مقاتلون أم أطفال ينشدون الحياة.. ومن الذي رفض وقف إطلاق النار؟؟.. ومن وقّع على اتفاق خارطة الطريق الذي من بين أهدافه حماية الأطفال وتوفير الأمصال للتطعيم في مناطق النزاع؟؟.. والسؤال أيضاً من دمر المدارس ورياض الأطفال وحرمهم من حق التعليم.. والحياة.. والاستقرار؟؟
وجاءت مطالبة السودان لمجلس السلم والأمن الأفريقي لإدانة تجنيد الأطفال والزج بهم في أتون الحروب.. منسجمة مع كل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وقال السفير “الزين إبراهيم حسين” نائب رئيس بعثة السودان في أديس أبابا أمام مجلس السلم والأمن الأفريقي الأسبوع الماضي، إن على المجلس حث الجميع على احترام النداءات الخاصة بحقوق الأطفال مثلما فعل السودان الذي ظل يطالب بتنفيذ حملة تحصين الأطفال، ولكن الحركة الشعبية تقف حجر عثرة أمام نيل هؤلاء الأطفال لحقوقهم في الرعاية الصحية الأولية.. وطالب “الزين حسين” الحركات المسلحة بعدم استخدام المدارس كثكنات عسكرية، وشدد على أن السلام من خلال التفاوض ودون شروط ووقف إطلاق النار الشامل هو الحل الأمثل لقضايا المدنيين والأطفال الذين هم ضحايا للحركات التي تم تصنيفها في أفريقيا كحركات سالبة تهدم ما يتم بناؤه ولا تحترم مواثيق ولا ترعى قانوناً دولياً إنسانياً.
الحرص على حقوق الأطفال وحماية أرواحهم يتطلب صدقاً وجدية ورغبة في وقف الحرب أولاً ثم حل القضايا الخلافية من خلال التفاوض.