“رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر» .. رواه أحمد ..!
حنان “ست بيت” من الدرجة الأولى، لا توجد واحدة من جاراتها أو قريباتها تضاهيها في المبالغة بنظافة وترتيب المنزل والتفنن بإعداد الطعام. وقد اعتادت حنان أن تتألق في ولائم رمضان فهي أستاذة في عمل الحلويات بجميع أنواعها، وخبيرة في صناعة مختلف أصناف المحمرات والطواجن والمشاوري والفطائر والشوربات ..!
قدوم رمضان يعني المزيد من الضيوف، الأمر الذي يعني بدوره المزيد من العناية بأناقة المنزل.. لذا كانت حنان حريصة على كل التفاصيل؛ غسل الستائر، تلميع الجدران والأرضيات، تنظيف السجاد و(دعك) و(سهك) البوتوجاز والشواية والمايكرويف.. هذا من جهة ..!
من جهة أخرى – وإلى جانب الآبري الأحمر والأبيض والرقاق – أعدت حنان كعادتها كل ما يمكن إعداده وتجميده في الفريزر من أطعمة.. فقامت بتقشير وفرم كميات كبيرة من الثوم ثم وزعتها في أوعية بلاستيكية قبل تجميدها لتقيها معاناة تجهيز الثوم طيلة شهر رمضان وأيام العيد. بعدها أخذت في سحن عشرة أكياس من شرائح البصل المجفف وتقسيم (عدد اثنين جردل عجينة طعمية) إلى وحدات مناسبة تكفي كل وحدة منها لعمل أقراص طعمية تكفي بدورها لملء (سرويس) كبير ..!
بعد أن فرغت من إعداد وتقسيم اللحوم من بفتيك وكستليتة ودجاج وسمك فيلية، (شوَّحت) حنان كمية ضخمة من اللحم المفروم ثم قسمتها إلى قسمين، وضعت أحدهما في وعاء كبير وأودعته الفريزر حتى لا تضطر إلى طهي اللحم المفروم كل يوم لعمل الملاحات من تقلية ونعيمية وخلافه (إرضاءاً لزوجها الذي يكره الملاح البلدي باللحم المجفف)، ثم أضافت الخضار إلى القسم الثاني قبل أن تبدأ عملية (حشو) سمبوسة اللحم.. وبعد ثلاث ساعات من العمل المتواصل نظرت حنان الى أهرام السمبوسة المتكدسة في صواني كبيرة بابتسامة راضية قبل أن تقوم بتوزيعها إلى كميات متساوية وضعتها في أكياس وأودعتها الفريزر ..!
بعد ذلك أقبلت حنان على سمبوسة الجبن بالجزر فقامت ببشر كميات كبيرة من الجزر والشطة الخضراء قبل إضافتها إلى الجبن واستغرقت عملية الحشو ثلاث ساعات أخرى قبل أن تودعها الفريزر بعد تقسيمها في أكياس بلاستيكية وبكميات متساوية ..!
بعد أن فرغت من تخمير عجين العصيدة وتقسيمه في أكياس متساوية وتجميده في الفريزر، انهمكت حنان في إعداد عجينة البيتزا وفردها وتقطيعها على شكل دوائر، دهنتها بالصوص وزينتها بالجبن والخضار، وضعتها قليلاً في الفرن ثم أخرجتها قبل النضج ..!
بعد أن بردت البيتزا الـ(نص استوا) قامت حنان بوضعها في أوعية بلاستيكية قبل تخزينها في الفريزر.. وبذلك اطمأنت إلى أنها لن تقضي أكثر من ساعتين في إعداد البيتزا خلال نهارات رمضان ..!
وضعت حنان قدراً كبيراً مملوءاً بالسكر والماء على النار وأخذت في تحريكه ببطء واستمرار، وبعد أن تأكدت من نضج (الشيرة) أضافت إليها قطرات من عصير الليمون قبل رفعها من على النار، وبعد أن تأكدت من أنها قد بردت تماماً قامت بتوزيعها في (جركانات) صغيرة وأودعتها الثلاجة حتى تكون جاهزة لـ (تسقية) صواني الحلويات من باسطة وكنافة وبسبوسة وغيرها حال خروجها من الفرن ..!
في اليوم التالي (قَشَّرت) حنان كميات كبيرة من الخضار وقامت بتقطيعه إلى مكعبات صغيرة، ثم انهمكت في توزيعه على أكياس بلاستيكية وأودعته الفريزر ليكون جاهزاً عند عمل شورية الخضار. ثم قامت بـ(سحن) كميات من اللوز والفستق وأضافت إليها بعض الملح والفانيليا قبل أن تضعها في وعاء بلاستيكي محكم الإغلاق وتودعها الثلاجة لحين استخدامها في حشو وتزيين الحلويات المختلفة ..!
بعد الفراغ من كل هذه الأعباء المنزلية (عَجَنت) حنان يعض الحناء ثم (تحنَّنت) حتى لا تقابل رمضان وهي (غبشة) ..!
في مساء اليوم الأخير، وبعد فراغها من تجهيزات رمضان، قالت حنان مخاطبة زوجها – وهي منهمكة في تلميع الحناء التي تخضب أصابع يديها وقدميها بزيت السمسم طمعاً في مزيد من السواد اللامع:
ـ الحمد لله كدا ح نقابل رمضان مستعدين ..!
الزوج بابتسامة ذات مغزى:
ـ نسيت أهم حاجة في تجهيزات رمضان .. تختمي القرآن، وتحافظي على التراويح، و(تقاطعي) سيرة الناس ..!