الحبيب الجنرال يونس محمود..
وتلال من التحايا وأطنان من الاحترام وبحاراً من السلام.. واليوم أمر وغداً أمر.. واليوم سلاماً ووداعاً..
واليوم ندخل في (الغريق) اليوم نلامس اللحم الحي.. ونطلب منك في أدب من غير (شماتة) ودون (سادية) أن تستدعي كل (خطبك) أو كل أحاديث الصباح.. نستدعيها و(نلمها) في شريط واحد.. وأن تجلس وحدك في غرفة موصدة الأبواب مغلقة النوافذ وأن تسمع وحدك كل أحاديثك تلك التي كانت تتفجر من راديو أم درمان.. لتعرف كيف كانت الإنقاذ وكيف جاءت الإنقاذ لتمسح أي شيء في الوطن لتستبدله بمشروع كانت ديباجته وفصوله وفقراته هو حديثك.. لتعرف يا حبيب أن الإنقاذ وحسب (حديث الصباح) قد جاءت هجمة هائلة على البلاد.. بل عاصفة مزمجرة من كل الجبهات وعلى كل الأصعدة أشد ضراوة من هجمات الحلفاء على النازي.. تلك التي كانت في (النور ماندي) وإمطار برلين بالقنابل والزحف من كل الجبهات على أرض (الدوتشي).
ويا لهول تلك الأيام المفزعة.. لقد جئتم وأطفالنا يرددون في مرح وحبور.. نحن إن أشرق صبح نترك النوم ونصحو.. ونحيي أبوينا.. فرضا الآباء فتح.. ثم نمضي ونصلي إن تقوى الله ربح.. وما هي إلا أيام وتقتال الإنقاذ البراءة والطفولة في الأطفال فصاروا يرددون في هدير.. في إيدنا رشاش.. في إيدنا خنجر.. وأنا ماشي نيالا.. أهي أهو أهي.. حتى نحن فقد كنا نغني في حلم نبيل.. عاشه كلمينا ميري ذكرينا.. كل سنوكي أحسن يبقى مسطرينا.. وفجأة رزم الفضاء بالأناشيد فلترق منهم دماء ولترق منا دماء ولترق كل الدماء.. ذلك أم روسيا وأمريكا التي قد دنا عذابها.. وتتبدل الأيام يا جنرال وتتعافى الإنقاذ في نظرنا وتترجل من صهوات تلك الخيول المجنونة.. وتشفى في ذاك الجن الكلكي.. وتحاول ما أمكنها الانضمام مرة أخرى إلى منظومة العالم المضئ المسالم المتحضر.. وها هي روسيا هي السند والأمل والرجاء في مجلس الأمن الدولي.. وها هو غندور يحاول جاهداً في صبر ومثابرة أن يبني جسراً من التواصل مع اليانكي طوبة.. طوبة.. في (طولة بال) أكثر من قماري سيد خليفة وهي تبني عشها قشة.. قشة.. أما أكبر مفاجآت الدنيا والتي هي عجيبة من عجائب الدنيا السبع تلك التوأمة بين المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي الصيني وسبحان الذي لا يتغير.. أتمنى يا صديقي وبما أنك وللعجب وللدهشة ما زلت إنقاذياً.. أتمنى يا حبيب أن تكون عضواً في أي وفد يقوم بزيارة إلى (بكين) و(موسكو) وتكون من ضمن فقرات الزيارة زيارة ضريح (ماو) و(لينين) ووضع باقات من الورود على الضريحين.. آمين يا رب العالمين.
صديقي الجنرال.. الآن وبعد أن استمعت إلى كل أحاديثك تلك وعدت القهقري إلى تلك الأيام.. ثم عدت مسرعاً إلى الإنقاذ اليوم.. هل ما زلت (إنقاذياً).. وهل تعتقد أن مشروعكم أو مشروعك قد ذبح.. وهل تعتقد أن إنقاذ اليوم هي نفس إنقاذ حديث الصباح الذي يعده ويقرأه علينا المقدم يونس محمود.
بكرة نتلاقى ونودع سيادتكم