أصبح للشبكات الاجتماعية دوراً هاماً في الحياة اليومية، على رأس تلك المواقع فيسبوك الذي بات له استخدامات كثيرة للغاية في حياة رواده، فبعدما فاق عدد مستخدميه النشطين شهرياً 1.65 مليار شخص، كان من الطبيعي أن تتعدد استخدامات هذا الموقع الاجتماعي.
البعض يسعى للحصول على الوظيفة من خلال فيسبوك، حتى أنه أصبح وظيفةً في حد ذاته! كذلك تم استخدامه كوسيلة للتعلم، وأداة استثمارية وتجارية وإعلامية، ولا شك أن تأثيره على تكوين ثقافة الأشخاص والتأثير فيهم وفي مشاعرهم كان واضحاً، لذا لم يكن مستغرباً أن يصبح محور اهتمام الباحثين لإجراء أبحاث ودراسات عنه ومن خلاله أيضاً.
عماذا يبحث النساء والرجال في الموقع؟
المنشورات التي يقوم مستخدمو فيسبوك بتحديثها تحدد كثيراً من شخصياتهم وانطباعاتهم وتأثر أيضاً في ثقافات غيرهم، وتؤكد إلى أي مدى يلجأ الأشخاص إلى فيسبوك للتعبير عن مشاعرهم الإيجابية والسلبية، وبحثهم عن السعادة من خلال الموقع.
أجرى مجموعة باحثين تحليلاً لنحو 10 ملايين منشور، كتبها نحو 65 ألفاً من المستخدمين، ليتبين استخدام النساء كلمات أدفأ ومعبرة عن مشاعر إيجابية في العلاقات الاجتماعية، أكثر من الرجال الذين كانت اهتماماتهم مرتبطة أكثر بالسياسة والغضب.
فريق الباحثين قام بتحليل المعلومات بدرجة عالية من الدقة، إذ اهتموا بتحديد جنس وسن كل شخص شمله البحث.
أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة ستوني بروك آندرو شوارتز – أحد الباحثين المشاركين بالدراسة -، أكد أن مهمة تحديد الجنس كانت سهلة في 90% من الحالات، وذلك من خلال تتبع الكلمات التعبيرية والمصطلحات اللغوية المستخدمة.
بدا من خلال الدراسة أن النساء كن يبحثن عن السعادة على فيسبوك، أو أنهن لا يجدن مكاناً أفضل منه للتعبير عنها، إذ أشار فريق الباحثين المتخصصين الذين أجروا التحليل أن النساء كن أكثر ميلاً لاستخدام كلمات “حفل”، “مذهلة”، “أشكر”، و”التعلم”، وتلك الكلمات المعبرة عن العواطف الإيجابية، والمتصلة بالعلاقات الاجتماعية القوية، والتعبيرات مثل “يعجبني”، “كثيراً”.
الرجال هم أيضاً بحثوا عن السعادة، فقد اهتموا بتكرار كلمات مرتبطة بالمنافسة، وألعاب الفيديو، وأيضاً اهتموا بمناقشة الأوضاع السياسية وأداء الحكومات، كما أثبت البحث أن الرجال كانوا يتخلصون من المشاعر السلبية في منشوراتهم، وأكثروا من استخدام تعبيرات كـ “الغطرسة”، “المكر”، وربما التخلص من المشاعر السلبية يعد وسيلة أخرى لإيجاد السعادة.
أظهرت الدراسة أن النساء كن أكثر جرأة في التعبير، أما الرجال فكانوا أكثر حزماً وصرامة، رغم التشابه الكبير في الكلام، والتقارب الذي لاحظه الباحثون في التعبيرات المستخدمة في المنشورات على حساباتهم الشخصية على فيسبوك.
هل الحياة أكثر سعادة دون فيسبوك؟
تعبير الأشخاص عن مشاعرهم، واستخدامهم تلك المنصة الاجتماعية لمشاركة سعادتهم أو صنعها، يأتي على الرغم من أن دراسات أخرى أكدت أن حياة مستخدمي فيسبوك ستكون أفضل وأكثر سعادة دون استخدام مواقع التواصل الاجتماعية، وهذا بالتحديد ما أثبته مركز بحوث السعادة الدانماركي “مايك ويكينغ” في بحثٍ أجراه نهاية العام الماضي.
الدراسة أجريت على نحو 1095 شخصاً بينهم 30 صحافياً، تخلى نصفهم عن استخدام فيسبوك لنحو أسبوع، واستمر النصف الآخر في استخدامه بالشكل المعتاد، وبعد انقضاء المدة تبين أن الأشخاص الذين ابتعدوا عن فيسبوك كانوا أكثر ارتياحاً وتركيزاً وتوازناً من الباقين.
الاكتئاب.. وقلة الثقة بالنفس!
التحذيرات من التأثير السلبي للشبكات الاجتماعي وفي مقدمتها فيسبوك كثيرة للغاية، فقد أوضحت دراسة لمجموعة باحثين في جامعة هيوستن بولاية تكساس، أن هؤلاء الأشخاص الذين يداومون على استخدام فيسبوك باستمرار، حتى تحول الأمر إلى إدمان للموقع الاجتماعي قد يصابون بالاكتئاب إضافةً إلى أضرار نفسية حادة.
التجارب أثبتت إصابة الكثيرين بالاكتئاب بعد استخدامهم للموقع، بالإضافة إلى إصابتهم بالغيرة والحقد، وذلك حينما يتابعون نجاحات وإنجازات أصدقائهم ويقارنونها بحياتهم الخاصة.
وبحسب دراسة أخرى لمجموعة باحثين في جامعة ميسوري كولومبيا، فإن نشر صور منازل جديدة أو سيارات غالية الثمن أو رحلات مكلفة تصيب الآخرين بالغيرة والاكتئاب.
تتولد كذلك مشاعر الغضب والحزن والضجر من الحياة لدى الأشخاص الذين يقارنون أنفسهم بغيرهم، حتى إن قارنوا أنفسهم بالأقل منهم حظاً لمحاولة اكتساب الرضا، ربما يولد ذلك حالة من تدني الاحترام للذات وهو ما يهبط بالمزاج العام لديهم.
هذا بالإضافة إلى إحساس الأسى الذي يتملك بعض مستخدمي فيسبوك نتيجة شعورهم بتضييع الوقت، وقلة الفائدة، ولفتت دراسة أخرى أجراها الدكتور بجامعة ميسوري بالولايات المتحدة روسل كلايتون إلى تأثير موقع فيسبوك السلبي على العلاقات العاطفية، حيث أكد أن الاستخدام الغالب للأشخاص الذين تربطهم علاقة رومانسية يكون لمراقبة شركائهم، والذي سيؤدي إلى مشاعر الغيرة بالطبع بسبب الاتصال بأشخاص آخرين، ولم يستبعد كلايتون، أن يؤدي ذلك للخيانة العاطفية.
كثير من الدراسات أكدت أن الحياة أفضل دون الشبكات الاجتماعية، والتي لا تترك مستخدميها دون أن تصيبهم بآثار سلبية كالاكتئاب وقلة الثقة بالنفس والغيرة وغيرها من المشاعر السلبية، إلا أن البعض ما زال يستخدم فيسبوك كوسيلة لاكتساب السعادة والتخلص من المشاعر السلبية.
هافغنتون بوست