قبيل ايام، لمحت بوستراً بإحدى شوارع العاصمة القومية يطلق عبره الفنان محمد عبد الجليل اول حفل جماهيري له بحديقة القرشي، واصدقكم القول بأنني توجست قليلاً من خطوة محمد عبد الجليل تلك، خصوصاً وهو يضع فئة دخول للحفل (30) جنيهاً، ذلك الرقم الذي يضعه الغالبية العظمى من الفنانين_اصحاب الجماهيرية_ فيما يزيد آخرون ذلك الرقم زيادة طفيفة لاتتجاوز الـ(10) جنيهات.
بوستر إعلان حفل محمد عبد الجليل كان في نفسه (تحدياً) مبكرا لمدي قبول ذلك الشاب في الوسط الفني، خصوصا بعد ان اعلن إنسلاخه في وقت سابق من فرقة عقد الجلاد، واختار ان يصدح وحيداً متزوداً بموهبة حقيقية ونادرة، ومعتمداً على نفسه وإمكانياته فقط، في الوقت الذي يسارع فيه الكثيرون من ابناء جيله من الفنانين لـ(كسير التلج) وتقديم فروض الولاء والطاعة للقنوات الفضائية ولبعض مالكي مفاتيح الميديا في بلد (تتصالح فيها المصالح).
قلت من قبل، واكرر اليوم ان الفنان الحقيقي هو من ينجح في إقناع الجمهور بموهبته وبفنه دون الحاجة لإستخدام اي مؤثرات او علاقات، وهذا بالضبط هو النهج الذي يسير عليه محمد عبد الجليل والذي اكد لي في الكثير من المناسبات التي جمعتنا سوياً بأنه يريد الوصول الي الجمهور عبر (قلوبهم) وليس عبر بوابات اخرى، وهو ماتحقق بالفعل خلال حفله الجماهيري الاخير بحديقة القرشي والذي نبضت فيه قلوب كل الحاضرين حباً وعشقاً وولهاً بذلك الشاب صاحب الإحساس المختلف والوعي الكبير.
مئات الشباب احتلوا باحة مسرح حديقة القرشي وهم يرددون بصوت واحد اغنية (مات الهنا)، والعديد من اغنيات (جاليلو)-كما يحب ان يطلق عليه جمهوره- الخاصة ليؤكدوا لذلك الشاب بالدليل القاطع ان صبره ورهقه وسهره الليالي في سبيل الوصول الي قلوبهم لم يضع هدراً، وبانهم سيظلون خلفه حتي الوصول الي قمة العرش، وهو حلم ليس ببعيد المنال عن (جاليلو) والذي تتفوق موهبته علي عشرات المواهب (البلاستيكية) داخل الساحة الفنية.
اصدقكم القول، بانني واحد من معجبي وجمهور عقد الجلاد الذين كانوا يدخلون لحفلات تلك الفرقة من اجل الاستمتاع بما تقدم من فن نظيف واغنيات مذهبة، وكنت احد المعجبين جداً بـ(صولات وجولات) محمد عبد الجليل داخل تلك الفرقة، وكنت من اكثر العاشقين لإحساسه العالي والرفيع، وبعد مغادرته للفرقة ظل إحترامي لعقد الجلاد كما هو لم يتغير، لكن تغير في دواخلي (احساس الحضور)، ذلك الاحساس الذي اعاده لي جاليلو بمسرح حديقة القرشي وهو يتسلطن طربا ويتدفق موهبة.
جدعة:
لن اطلب من اي شخص ان يقف او يدعم محمد عبد الجليل، فهو لايحتاج اصلا لذلك، تكفيه قدراته المختلفة، ويكفيه ذلك الجمهور الذي يحبه لحد الجنون والذي قال كلمته خلال الحفل الاخير واعلنها بوضوح عبر حضوره الكبير.
شربكة اخيرة:
عزيزي محمد عبد الجليل…تهانينا…(فات الكتير وفاضل قليل).