:: صاحبنا لم يفعل شيئاً غير فصل التيار عن جسد جاره و وضعه على فراش، ثم أخبر الجيران بأنه وجد جارهم ميتا إثر صعقة كهربائية..ومع ذلك، ظل يتباهى في صالون العزاء عندما يسألوه عن تفاصيل الحادث : ( أنا لحقتو في أخر لحظة، أنا جازفت بحياتي عشانو، والله أنا ما قصرت مع المرحوم، أنا ..، أنا.. )، فقاطعه أحدهم باستياء : ( ياخ قوم لف، هو الزول مات يعني انت عملت ليهو شنو عشان تقدنا كدة ؟)، فرد غاضباً : ( علي الطلاق لو ما لحقتو كان مات ليكم أكتر كدة)..!!
:: والناس في بلادنا، تراهم في الأسواق يتماوجون ويتهامسون مع أنفسهم كما السكارى، وما هم بسكارى ولكن الغلاء أفقدهم الوعي والإتزان..ومع ذلك، تتباهى وزارة مالية ولاية الخرطوم – لصحف الأمس – بتوزيع كميات محدودة من السًكر عبر بعض المنافذ، وبداية التوزيع بأربعة مساجد وهي مسجد عبد الحي يوسف بجبرة و مسجد النور بكافوري و مسجد الصائم ديمة بالفتيحاب و مسجد بشرق كبري المنشية.. وعليه، في طول البلاد وعرضها، ومن حلفا لأبيي و من الجنينية لطوكر، من لا يصلي في هذه المساجد أو يقطن بجاور المنافذ الأخرى، فالحكومة غير مسؤولة عنهم ..ومع ذلك، سوف يأتي تقرير القضاء على الغلاء على شاكلة : ( على الطلاق لو ما وزعنا السكر في المساجد الأربعة كانوا ماتو أكتر من كده)..!!
:: ونخطئ لو سمينا توزيع كيمة محدودة من السكر لفئة محدودة بالخرطوم ب ( آداء الواجب)، بل هذا نوع من ( خطة لتيق).. وقد يصلح نهج الترقيع هذا حين يكون بالثوب ثقباً أو ثلاثة، ولكن عندما يكون حال الثوب بشكل شباك صيد الأسماك فلا يصلح الترقيع ما أفسدته السياسات العامة التي تتقن ( فن الثقب).. لقد أقبل شهر الصوم بكل السودان، وليس بتلك المساجد والمنافذ فقط، و رغم أن حياة الناس ليست محض ( أرطال سكر)، نجاري مالية الخرطوم في ( نهج اللتيق)، ونذكر الحكومات الأخرى – وخاصة المركزية – بأن سعر جوال السكر قد يتجاوز في بعض الولايات مبلغ الخمسمائة جنيهاً.. فماذا هم – سكان الولايات – فاعلون ؟.. هل يتوافدوا إلى تلك المساجد ؟؟
:: الحلول الشاملة هي الأفضل، وليس التخدير والترقيع..وسعر السكر – مدعوما كان أو مضافا اليه – لايطاق، ولا يتناسب مع دخل السواد الأعظم من المواطنين..ولذلك، كان ولايزال ويظل سؤالهم : ماهي الأسباب؟، وهل هناك مسؤول – غير هذه الحكومة – عن الأسباب؟، فالإجابة – بيانا بالعمل – هي الحلول الشاملة لغلاء السُكر، وليس ترقيع (ح نوزع في المساجد).. وليس السكر فقط، بل قيمة كل شئ – عدا المواطن – بلغ وضعا يستدعي فعل شئ يحفز الناس على الإنتاج..ولا يدري أحد من الذي عليه أن يفعل هذا الشئ المحفز على الإنتاج؟، فالحكومة – المسؤولة عن الأفعال – لا تفعل من السياسات غير ما تحفزها على المزيد من الإستدانة و الإفقار ثم (الشحدة)..!!
:: ثم الإحتكار ..نعم آفة السكر – وغير السكر – هي الإحتكار..فالتحرير الاقتصادي – كان ولايزال – محض شعار وضجيج، نسمع به ولانراه في واقع الحياة.. وليس من العقل – ولا العدل – ألا يخلق التحرير الاقتصادي – الشايلين حسو – تنافسا في التصنيع والاستيراد والعرض بحيث يكون المواطن هو المستفيد الأول من هذا التنافس.. سياسات الحكومات الرشيدة هي التي تحتكر السلاح فقط وتطلق سراح (ما دون ذلك) للمجتمع وشركاته، ولكن سياسة الحكومة – بسم الله ما شاء الله – تحتكر (ما دون ذلك) وتطلق سراح السلاح للمجتمع وحركاته وعشائره، فكيف نرجو نهوضاً يتجاوز ( خطط الترقيع).. ؟؟