جلال الدين محمد ابراهيم : الدولار .. وإذا فار التنور

إنتشر خبر يفيد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وغسيل الأموال، وإن كان الخبر لا يهمني مصداقية الخبر من عدمها هنا، لكن خبر مثل هذا حتى لو فرضنا إنه إشاعة يفترض أن يذهب بالدولار إلى أقل من (سبع جنيهات ) دا لو في دولة لها من يفهم مدلولات الخبر اقتصادياً .
وإذا فرضنا أن الخبر حقيقي ( وبإذن الله هو كذلك)، فهذا يفترض أن يذهب بسعر الدولار إلى ما هو أقل من فرضية الإشاعة، لكن نحن في السودان معظم العقول إلا من رحم ربي ممن يتاجرون في الدولار عقولهم عقول سماسرة لا أكثر .
ولذلك في السودان لو ارتفع ميزان الصادر وقل ميزان الوارد، فهذا لا يعني شيئاً لبعض الجهلاء من تجار الدولار وبعض البنوك كذلك، فالعقلية لدى البعض تشبعت بمفهوم تدمير اقتصاد البلاد واقتصاد ( الهلع ) وبالتالي معظم الشعب لا يعرف سياسة المقاطعة للسلع ولا يعرف كيف يطبق هذه السياسة في من يسعى لتدمير اقتصاد الشعب وهلاكه وإفقاره، وتجويع الشعب لديهم هدف نبيل بكل أسف! ! .
يلزمنا نشر ثقافات مختلفة، ثقافات يحارب بها الشعب جشع بعض الجهلاء في السوق ولا نحتاج لحكومة أن تعطي أمراً بالمقاطعة للسلع بما فيها الدولار، ولكن هنالك فئة خبيثة لا تترك أموالها على الإطلاق في البنوك بالعملة المحلية بل تخزنها في شكل ( دولار ) وبالتالي هذه الفئة يلزمها مقاطعة قوية في السوق لينهار الدولار في يدها وتعض أصابع الندم .
مصيبتنا في السودان هي ( الأنا- الأنوية المفرطة) وقانون ( أنا ومن بعدي الطوفان) هذا القانون الذي يعتمده البعض من أبناء هذا الشعب لا علاقة له بالإسلام من قريب ولا بعيد فهو قانون فئة من الناس جاهلة بأبسط قواعد الدين الإسلامي. والمصيبة تجده مطبقاً في أكثر الأحيان لدى البعض ممن يدعي التمسك بالدين .

مطلوب تدخل الحكومة بقوة في مثل هذه الأسواق بل مطلوب كذلك نشر ثقافة تقلب الموازين الفكرية الجاهلة في مثل هذه الأسواق فعندما يصبح المنتج الصيني أفضل من الألماني في السوق وقيمته أعلى سعراً من الألماني أعلم بأنك وسط بؤرة من الجهل الفني والاقتصادي .
معظم وسائل الإعلام بكل أسف لا تخدم غرضاً في نشر التوعية للمجتمع ويكتفي البعض بنقل ما يدور كخبر أو تعليق على خبر، بينما مهمة الإعلام الحقيقية هي قيادة المجتمع نحو رؤى اجتماعية، اقتصادية، ثقافية، صحية، تعليمية، وفكرية متطورة .

وبكل أسف هنالك ما يعرف باسم إعلام (الشمارات) وهو ما يعرف عالمياً باسم (الصحافة الصفراء ) هذا النوع من الإعلام يعتبر هادماً للشعوب لأنه يبيث فكر نشر ما لا يفيد في ارتقاء الشعوب فكرياً أو اجتماعياً ولا يبث النضوج الفكري بين شريحة الشباب بصفة خاصة ويأخذ ضعاف الفكر ويجرهم إلى هاوية لا نهاية لها، وهو إعلام إلهاء أكثر منه من أن يكون إعلام تصحيح مسارات مجتمع أو حتى نقل أخبار جادة، وتجده يهتم بسفاسف الأمور وفوضى يقدمها للشعوب إلا من كان جاهلاً بكل معاني القيم الإنسانية لدفع الإنسان إلى ما هو مفيد .
لو صح خبر قرار رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وغسل الأموال على تجار الدولار أن يستعدوا لهبوط عنيف للدولار، هذا إن كان بينهم من يعرف معنى الاقتصاد، أما إذا واصل الدولار الارتفاع فهذا دليل بأن البلاد يتحكم في سوقها أغلبية من الجهلاء ومن أغنياء الغفلة والجهالة ووقتها نطالب الحكومة أن تتدخل وبقوة قبل أن يفور التنور! ! !

Exit mobile version