الصديق الحبيب الجنرال يونس محمود..
لك التحايا وشوق لا يحد.. وما زالت أشواقي لمفرداتك لم تفتر.
أنا تدهشني العبارة الأنيقة.. تأسرني المفردة المجنحة.. يطربني الحرف الملون.. أندهش حد العجب.. عندما تسيل بعض الحروف جداول تترقرق.. لا ليس الآن وأنت تكتب بألوان الطيف قوس قزح على الحبيبة مولودة الحبيب مزمل (اليوم التالي).. لا أكاد أخط لك حرفاً رغم أني في اليسار القصي وأنت في اليمين الأقصى.. رغم أنك من سدنة الإنقاذ وأنا بيني وبين الإنقاذ بيد.. دونها بيد.. أنت من الذين بشروا بالإنقاذ.. بل أنت من الذين (دقوا) الأوتاد لتنهض خيمة الإنقاذ.. وأنا في تلك الأيام المفزعة.. كنت أسأل الله في خشوع ابن الفارض وضراعة العدوية أن تعصف هوج رياح بخيمة الإنقاذ.
الجنرال.. يونس.
لا أود أن أعود إلى تلك الأيام العاصفة وأنت تمطرنا بكثافة نيران لا قبل لنا بها من (دغش الرحمن).. بل كنا نتناول شاي الصباح مع كلماتك تلك التي تبدأها بـ (أيها الشعب السوداني البطل).. كنا نتناول كلماتك مع الشاي بديلاً مراً (للزلابية واللقيمات).. لا أود العودة إليها وتذكيرك بها من قبل (الشماتة) أو (التشفي).. فقط أعود إليها لأني أود أن أسألك عن شعورك الآن وأنت ترى أن الزمان صار غير الزمان.. والمكان صار غير المكان.. والإنقاذ صارت غير الإنقاذ ولك أن تسأل ولماذا أنت بالتحديد.. لماذا من كل خلق الله الذين تعهدوا (شتلة) الإنقاذ بالرعاية والسقاية حتى فرهدت وتبرعمت وأزهرت وأثمرت وإن كان ثمرها منذ ذلك التاريخ وحتى الآن في فمي مراً.. بل أشد مرارة من الحنظل.. ولك أجيب يا حبيب فقط لأنك من أصحاب الجلد والرأس.. من أصحاب المشروع و(الوجعة) من الذين كانوا على (الدفة) في أكثر أيام البحر هياجاً واصطخاباً والمركب تشق أمواجاً وأهوالاً وتمر السنوات وتهدأ العواصف ويسكن البحر ويهدأ الموج.. ويندفع إلى المركب سيل من الناس.. منهم المؤلفة قلوبهم ومنهم الطامع وفيهم الحاكم وفيهم (العشمان) وبعضهم انتهازي منافق.. ومنهم من هو على استعداد أن يكون رهن إشارة كل حكومة لا مانع عنده من تغيير جلده كما يغير (قميصه).
الحبيب الجنرال..
هي ليست أكثر من (ونسة) أدخل دهاليزها بقلب قوي وبعد أن هدأت أنفاسك كثيراً وبصمات الحياة الملكية قد زاحمت حد التعادل على شخصك العسكري.. بل صرت أقرب إلى (الملكي) من (العسكري).. فأنت كاتب راتب في اليوم التالي وأمر أكثر أهمية و(أنا زول كورة) وهو أنك كنت رئيساً لنادٍ عملاق في شرقنا الجميل وتحديداً في كسلا الجميلة.
غداً.. بل الأحد تحديداً نبدأ معك سياحة في الإنقاذ و(حوامة) في الوطن.. واتكاء على محطات مخضرة وانتظاراً أحياناً على لظى محطات تعوي فيها الريح وتشوي أشعة الشمس فيها الرجل.. الأحد نتلاقى.