تمر اليوم الذكرى السابعة والأربعين لانقلاب مايو 1969م، بقيادة الراحل “جعفر نميري” ومجموعة من الضباط الأحرار الذي جاءوا إلى سدة الحكم بغرض تخليص البلاد من الطائفية البغيضة، حسب وصفهم في بياناتهم الأولى، ولكن النظام المايوي الذي حاول أن يستمد عمله من القومية العربية والناصرية بقيادة الراحل “جمال عبد الناصر” لم يهدأ نظام حكمه من الاضطرابات والانقلابات المتتالية.
الرئيس الراحل “جعفر نميري” لم يركز في حكمه، فبدأ يتخبط فلو جعلها عسكرية صرفة ربما قدم الكثير للوطن، لكن ظل يتنقل هنا وهناك، مرة مع القومية العربية والضباط الأحرار ومرة مع اليسار وأخرى مع اليمين، إلى أن ترنح حكمه وسقط في هاوية سحيقة.
النظام المايوي ورغم تخبطه استطاع أن يقدم إنجازات ما زالت بائنة للعيان مثل البرلمان أو مجلس الشعب، كما كان يطلق عليه، وقصر الشباب والأطفال وقاعة الصداقة ومصانع السكر وطرق الخرطوم مدني وبورتسودان، حاول أن يقدم الكثير، لكن الساسة لم يتركوه أن يعمل فظلت المؤامرات والدسائس على حكمه من داخل النظام ومن خارجه الدول المعادية له بجانب الساسة السودانيين.
(47) عاماً من الحكم المايوي، تاريخ من عمر الشعوب، ولكن إذا راجعنا أنفسنا مقارنة مع من حولنا من الأنظمة العربية والأفريقية نجد أنفسنا في المؤخرة وما قدمناه طوال تلك الفترة لا يقارن مع الدول التي جاءت من بعدنا، الإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان.. ما زالت مشاكل المياه والكهرباء تشكل معضلة لكل نظام حكم جاء إلى السودان، ما زلنا ننتظر صنابير المياه بالليل والنهار، وما زال المواطنون يتضجرون من انقطاع المياه بالأحياء الطرفية وحتى في وسط الخرطوم تنعدم المياه ناهيك عن مواطني الولايات الذين يسيرون المسافات الطويلة للحصول على “جردل” ماء.. أما الطرق فحدث ولا حرج.. صحيح لا ننكر أن هناك أعمالاً كبيرة قد تمت في مجال الطرق، لكن إذا قارناها بالطرق الداخلية نجد البون شاسعاً مقارنة مع معظم عواصم الدول العربية والأفريقية.
أنهك النظام المايوي بالإضرابات والاضطرابات والمحاولات الانقلابية إلى أن سقط في انتفاضة (رجب/أبريل) 1985م، وظن البعض أن حكومة ما بعد سقوط النظام المايوي ستكون أفضل فخرجت الجماهير تهتف بـ(رأس “نميري” مطلب شعبي)، وجرت المحاكمات لسدنة مايو إلى أن تكشف للمواطنين من بعد ذلك أنهم ظلموا “النميري” والنظام المايوي وبدأ الحنين إليه عبر أناشيده الوطنية (أنت مايو الخلاص يا جداراً من رصاص.. أب عاج أخوي يا دراج المحن.. حارسنا وفارسنا جيشنا ومدارسنا).. هكذا هو الشعب السوداني، يبكي على الماضي.. ذهب حكم “عبود” فقالوا ضيعناك وضعنا وراك.. وكذا الحال مع مايو.. ولا ندري ماذا بعد الإنقاذ!!