لم يدر بخلد معلمة من سكان المدينة المنورة وتحديدًا من قبيلة حرب أن يكون زواجها من مقيم سوري، مساء أمس، حديث المجتمع السعودي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تتباين الآراء ما بين مؤيد ومعارض، رغم أن عمر الزوجين متقارب فالزوجة 28 سنة والزوج يكبرها بعامين، وهما ينتميان لديانة واحدة ولمذهب واحد مما لا يمانع إتمام الزواج، إلا أن المعارضين رأوا في هذا الأمر خرقًا للأعراف المتمسكة بزواج المرأة من القبيلة نفسها، أو من البلد أو الجنسية ذاتها، واستندوا على مبدأ تكافؤ النسب.
هذا الارتباط أعاد للواجهة قضية الزواج بالأجانب والعلاقة مع الآخر، والتباين بين الشرع والقانون والأعراف والتقاليد
ووفقا لموقع عين اليوم يقول الصحافي تركي الشهراني: أغلب هاشتاقات تويتر لم تعد معبرة عن الحدث فقط أو انها عفوية ببساطة القارئ ، وقياساً على قصة المعلمة مع زوجها السوري مس الهاشتاق اسم القبيلة في كلمة حربية وأمورًا شخصية واخرى ذات بعد عنصري، وجعل الحياة الخاصة للمقيم السوري والفتاة التي لها كيان اعتباري في المجتمع كونها معلمة مادة مثيرة للجدل وكأنهما ارتكبا جريمة تستحق التشهير.
وأرجع الشهراني تحديد اسم القبيلة في الهاشتاق إلى كسب التفاعل بصورة أكبر، خاصة أن قبيلة حرب تمتاز بتفاعلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أما عن كتابة جنسية زوجها السوري أوضح الشهراني أن هدفه الإضرار بعلاقة المجتمعين خاصة أن الشعب السعودي أكثر الشعوب تعاطفًا مع القضية السورية.
وأضاف الشهراني أن إعلان عقوبات لكل تجاوزات تويتر سواء للأفراد أو للمؤسسات أو حتى الحكومات من الأمور الاعتيادية على مسامع المعتدين والتي ليست كافية لعلاج التجاوزات المخجلة ومن الضروري اتخاذ خطوات عملية ملموسة للحد من الظاهرة، أولًا بتكثيف الوعي عن آثارها؛ لأن البعض يراها مجرد كلمات أو يصنفها على أنها حرية رأي، بينما هي تجريح واتهام واعتداء لفظي يصل إلى استفزاز الرأي العام بالكامل، وثانيًا توظيف فن الكوميديا السوداء لبيان ردة فعل الآخر وتأثير الإساءات اللفظية عليه أو الإشاعات أو التدخلات في حياته الخاصة .
* المجتمع محافظ ومنغلق
من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع التنظيمي في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور مشبب الأسمري أن زواج السعودية بمقيم سوري أخذ حيزًا من الآراء نظرًا لأن المجتمع السعودي لم يتعامل من قبل مع لاجئين بهذا الشكل القريب، إضافة إلى اهتمامه بالجانب الاجتماعي أكثر من الجانب النفسي لكل فرد؛ بمعنى أن ما يحظى بالقبول مجتمعيًا مقدم على رغبة الأفراد المخالفة للقبول الجماعي، كما أن المجتمع السعودي محافظ ومنغلق حتى مع وجود اللاجئين السورين أو اليمنيين بأعداد كثيرة جراء الأزمات.
إلا أن القصة من الطبيعي أن تقابل بالاستنكار وينظر لها بالمنظار القبلي تارة وبالمنظار السعودي تارة أخرى كونه لاجئًا سوريًا، مؤكدًا أن أي ظاهرة غريبة في المجتمع تواجهه في بدايتها بالرفض لتكتسب التكيف والتقبل بالتدريج مع الوقت واختتم حديثه قائلًا: وسائل التواصل الحديثة تساهم في تحويل الآراء تجاه قصص أو قضايا اجتماعيًا إلى أبعاد ذات تدفق نفسي عميق له تأثيره على المجتمع.
* المنظور الديني
بينما يرى الداعية إبراهيم الخلف أن الدين لا يمنع زواج المسلمة من المسلم أيًا كانت جنسيته إذا كان صاحب دين وخلق، والرسول (صلى الله عليه وسلم) وضع قاعدة شروط لاختيار الزوجة في الحديث النبوي الشريف “تنكح المرأة لأربع لجمالها وحسبها ومالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”، أما الزوج فحدد في الحديث النبوي الشريف “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.
وأضاف: فقط تلك هي المواصفات شرعًا، ولكل مجتمع عادات في الزواج وجميعها مقبولة ما لم تنافي الشرع وبما أن ذلك لا ينافي الشرع يبقى الرأي فقط للفتاة ووليها مشيرًا في حديثه لـ ” عين اليوم” أن آراء المغردين فيما يتعلق بقضية المعلمة واللاجئ السوري من باب تدخل المرء فيما لا يعنيه، منوهًا إلى أن تلك التعليقات قد تتسب في تأخر زواج الفتاة مما يعود عليها بالضرر وليس على باقي أفراد القبيلة أو المجتمع، ولا يشعر بالألم والضرر إلا الفتاة ووليها.
بوابة الاهرام