«حكومة الخرطوم مسؤولة عن هروب المستثمرين من أراضيها» .. صالح كامل ..!
هل ينص قانون التعدين في السودان على أي تمييز أو تخصيص للمستثمر العربي على الأجنبي مثلاً؟! .. الإجابة هي لا .. هل يشتمل القانون على حوافز تشجيعية (إذا استثينا الحوافز التي يشتمل عليها قانون تشجيع الاستثمار)؟! .. الإجابة هي لا .. هل توجد منفعة حقيقية تذكر من وجود الحوافز التشجيعية في نصوص قانون تشجيع الاستثمار في ظل عدم تضمينها في قانون التعدين؟! .. الإجابة هي لا (مقارنة بالمنافع المرجوة من ثبوت مبدأ الحافز التشجيعي)، لسبب وحيد مفاده أن نصوص قانون التعدين في السودان هي القبلة الأولى لأي مستثمر يشد إلينا رحاله من خارج الحدود ..!
وإذا تكرمت الحكومة ووضعت نفسها مكان المستثمر – غير المحلي – سوف تدرك ببساطة أن حوافز ومزايا الاتفاقيات الجاذبة “خارج نصوص القانون الصريحة” تبقى – من وجهة نظره – وعوداً عائمة في مياه الاحتمال، ويصعب جداً، جداً الاطمئنان إليها في ظل الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد ..!
القانون – أيضاً – لا ينص على مواد قاطعة بشأن تسوية الخلافات، بينما ينص قانون تشجيع الاستثمار على (فض نزاعات الاستثمار عن طريق التوفيق أو التحكيم، أو أن يتم الفصل فيها وفقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية أو أي قانون آخر يحل محله) .. لاحظ معي أن المستثمر القادم من خارج البلاد غير ملزم باستيعاب تشابك وتداخل نصوص القانونين .. ومن البدهي أن يكون قانون التعدين هو قبلته الأولى والأكيدة لاتخاذ قرار الاستثمار في السودان ..!
طقانون تشجيع الاستثمار – نفسه – نص على عدم جواز التمييز بين المال المستثمر بسبب كونه محليا أو عربيا أو أجنبياً، أو بسبب كونه قطاعاً عاماً أو خاصاً أو قطاعاً تعاونياً أو مختلطاً .. وهنا يبرز سؤال منطقي عن دور التمييز الإيجابي .. أي التمييز الحميد القائم على تأليف قلوب المستثمرين ..!
لا توجد في قانون التعدين نصوص تلتزم الدولة بموجبها بالمساهمة في تجهيز البنية التحتية، ولكن الدولة بطبيعة الحال ليست طرفاً محايدا، والتزامها ببعض المشاريع يشكل عاملاً فارقاً في استقطاب رؤوس الأموال الخارجية (ضعف البنية التحتية في مناطق التعدين مثل شح الخدمات الأساسية وبخاصة الطاقة، النقل والمياه وارتفاع تكلفة النقل لمعادن الصادر – الكروم مثالاً – وهذا يؤثر على المنافسة عالمياً) ..!
فضلاً عن كثرة نوافذ الجبايات التي يقصدها المستثمر (جمارك، ضرائب، استثمار، محليات)، أضف إلى ذلك غياب المرونةعن بعض التشريعات القانونية الحالية التي لا ولم تعالج تعارض وتضارب السلطات بين الولايات والمركز فيما يختص بالاستثمار في الثروات المعدنية ..!
عدم استقرار وثبات القوانين والسياسات الاستثمارية في بلادنا يؤثر سلباً علي جذب الاستثمار لصناعة التعدين، ناهيك عن أدواء علاقات السودان الخارجية ودورها السالب – الفعال – في انسياب رؤوس الأموال الخارجية .. الأمر الذي يتزامن وبشكل مؤسف مع غياب الخطط الاستراتيجية الواضحة في هذا الشأن ..!
معظم القوانين في بلادنا تقف في صف الحكومة كتفاً بكتف في مواجهة المستثمر .. فضلاً عن المناخ الإجرائي الطارد الذي اشتكى منه مستثمرون كثر من أصحاب التجارب .. فهل من مذكر ..؟!