عجيب أمر الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت) فإنها تجذب إليك صيداً ما بحثت عنه ولا كنت تبحث، وتأتي إليك بالمفيد وبالغريب، خاصة إذا ما كان لك بريد إلكتروني واضح ومعلن على الملأ، مثل ما هو في حالنا نحن الذين نتعامل مع الصحافة والكتابة والنشر.
بالأمس تلقيت رسالة غريبة مرفق معها عدة ملفات، مرسلها يقول إنه هو الرئيس المشير “البشير محمود عبد الرحمن فيلي” رئيس جمهورية السودان، وقائد ثورة الإنقاذ الوطني ومعلنها، وذكر في رسالته الإلكترونية أنه الرئيس الأول وما زال، وبعث بصورة من رسالته تلك لشخصي، وصورة إلى جميع رؤساء تحرير الصحف السودانية.
رسالة الرئيس المزعوم أرفق معها ملفين قال إن فيهما اتصالات مع رؤساء دول وقادة وزعماء حول شرعية رئاسته (!)
هذه الرسالة الإلكترونية، وهي من غرائب صيد الشبكة العنكبوتية، نعتبرها مدخلاً للتساؤل حول ضوابط التواصل الإلكتروني وضوابط نشر الأنشطة والأخبار على حوائط التواصل الشخصية والخاصة والعامة، وعدم التفريق بين ما هو جاد وحقيقي، وبين ما هو غير مسؤول وزائف.
تلك واحدة، أما الثانية فهي مشاهدات حقيقية من داخل الأسواق، بعث بها إلينا الأستاذ “حافظ مهدي محمد مهدي” من مدينة كوستي عن الطماطم وجعل لها عنواناً هو (قرب تعال ما تبتعد).. وخاطب الأستاذ “حافظ” في رسالته تلك الطماطم، شاكراً له بعد التحية وقفته مع أكثرية الشعب السوداني، ومساندته شبه الدائمة لموائدهم مع قلة من الأطعمة النباتية الأخرى، مشيراً إلى أن اللحوم (حمراء وبيضاء) إنما هي زائر بعيد الخطى لا يقترب من بيوت أكثر الناس إلا من حين إلى آخر.. وطالب الطماطم، أن يبقى على ما هو عليه، وألا يشكل عبئاً على أرباب الأسر، مشيراً إلى أنه ذهب إلى السوق القريب من منزله، وطلب طماطم بخمسة جنيهات، ليفاجأ بعد قليل بأن بائعة الخضروات وضعت على (القفة) خمس قطع متناهية الصغر من الطماطم، وعند سؤالها عن ذلك قالت إن الأسعار في ارتفاع مستمر.. ويستطرد الأستاذ “حافظ مهدي” ويقول إنه ذهب إلى السوق يوم (الجمعة) الماضي، فوجد أن الأسعار معقولة لكن ليس هناك اتفاقاً في أسعار الكيلو أو أسعار (الكوم).. ووجد أن أحد الباعة يعرض (الكوم) بعشرة جنيهات وفيه خمس قطع صغيرة.. ويطالب بإيقاف هذه الفوضى المتناثرة والمتطايرة التي يدفع ثمنها المواطن المسكين.
وأما الملاحظات فقد وردت إلينا من العديدين، خاصة ما تناولناه قبل أيام حول ما تم تداوله في وسائط التواصل الإلكتروني وينسب للناشطة الكويتية “فجر السعيد”.. ومن أبرز ما تلقيناه حول الموضوع جاءنا من الأستاذ “حسن محمد سالم” المحاضر بجامعة أم درمان الأهلية – كلية التنمية البشرية – مركز دراسات الحاسوب، ونائب مدير عام نقطة التجارة السودانية الأسبق، وقد حملت مادته عنواناً كان (فجر السعيد والغروب الدامي)، قال فيه بعد التحية والسلام، إنه من قراء صحيفة (المجهر السياسي) المدمنين، ومن المداومين على قراءة (بعد ومسافة) أينما كان ينشر، يتابع الأبعاد والمسافات القريبة والبعيدة، واهتم كثيراً، بما كتبناه عن الناشطة الكويتية “فجر السعيد” وقال إن أجمل وصف لها هو ما وصفناها به وإنها تمثل (الجهل النشط).. وأشاد الأستاذ “حسن محمد سالم” بدولة الكويت الشقيقة، وقال إنها بحق أمة الأمجاد والماضي العريق، وتساءل قائلاً: ماذا نقول للذين لهم عيون لا يبصرون بها وآذان لا يسمعون بها..؟ نقول لهم انتهى عهد الإثارة والديماجوجية.. إلى غير رجعة، وأصبح الإعلام علماً ومهنة محترمة ليس فيه أي مكان لمرتزق أو محترف ظهور، وأضاف في رسالته أنه يؤيد ما ذهبنا إليه من رأي في قضية السجل الصحفي، وقال إنه رغم أهميته في عملية تنظيم مهنة الصحافة إلا أنه لم يكن في يوم من الأيام جواز المرور للسلطة الرابعة، ولن يكون، لأن القارئ هو الذي يمنح شهادة التفوق والنجاح للصحفي والصحيفة، والقارئ هو الذي يعطي القبول للصحفي وليس أي جهة أخرى.
وملاحظة مؤسفة نتجت عن لقاء تم بالصدفة المحضة مع ثلاثة من الشباب أمام مكتبي بشارع أبو سن في الخرطوم، جاءوا إليّ وعرفوني بأنفسهم، وذكروا لي أنهم من العائدين من التمرد وأنهم التحقوا بالسلام.
تبادلنا أحاديث طويلة، تعرفت على أحوالهم، لكن الأسى كان يسيطر عليهم ويلفهم وإن حاولوا ألا يظهر ذلك عليهم.. قالوا إن بعضهم ندم على العودة رغم مخاطر الحرب، ورغم القلق والخوف وعدم الطمأنينة، وذلك لأنهم لم يتم استيعابهم في موقع حتى باتوا في ضنك من العيش.
لا تعليق..