جلال الدين محمد ابراهيم : مناصب بدون أعباء أو تكليف

شَاع في زماننا هذا تنصيب مسؤولين ووزراء وأصحاب مناصب دستورية و(بلا أعباء أو تكليف) وكثر هذا النوع من التعيينات بصفة خَاصّة في عهد الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني هو صاحب هذا الاختراع المُهلك لخزينة الدولة.
بصراحة أنا لا أعيب على الحكومة هنا لأنّها تسعى لترضية البعض في مُحاولة لكسب أمن البلاد أو كسب السلام، فمن واجب الحكومة أن توفر الأمن للبلاد وأن تفعل ذلك بكل جهد، ولكن أعيب على من يقبل على نفسه أن يتقاضى أجراً مالياً وامتيازات مالية وعينية (عربات وسكن وتذاكر سفر بالدرجة الاولى وعبر صالات كبار الشخصيات وحصانات دستورية ….الخ، وهو لا يعمل ولا يقدم للبلاد والعباد شيئاً وأجره المالي الذي يتقاضاه حرام في حرام لأنّه يفتقد للمقابل الذي لم يُقدِّمه أصلاً وهذا بصراحة لا يرضي المسلم حقاً أن ينال اجرا ما لم يُقدِّمه من عمل من بيت مال المسلمين.
وكيف تقبل بعض النفوس ان تنال أجراً على ما لم تقدم المُقابل من جُهد وعَرق، فهل الترضية السياسية اهم عند البعض من الحساب في حَق هذا الشعب يوم القيامة، وكيف لشخص يقبل أن يكون في منصبٍ (صوري) وليس لديه ما يقدمه للعباد، هذا الوضع لا يقبل به إلا من كان رخيص النفس والمقام وضعيف الإيمان بالله ويجهل كل شيء عن الحفاظ على مال المسلمين.
الأكرم لمن تُعرض عليه تسوية مثل هذه المناصب أن يستحي من رب العالمين وأن يرفضها وأن يجنح للسلم إن كان حتى من المعارضين، فلا معنى ان ينصب شخص في منصب وهو قاعد كما نقول بالعامية (قفة).
وتجد أمثال هؤلاء أكثر الناس كبرياءً وغروراً بالمنصب وبالحصانات الدستورية ويترفع على خلق الله وهو لا يساوي غرزة في نعل من له إيمان وإسلام حقيقي، وغالبا أمثال هؤلاء هم أصحاب سلوكيات نفسية تعاني من شتى الأمراض النفسية والحرمان في الطفولة أو الحياة بصفة عامة ولذلك يجد في مثل هذه الوظائف (بلا تكليف أو أعباء) ضالته التي ترضي غرور نفسه المتشبعة بالحرمان.
مَن يقبل مثل هذا الوضع يحتاج بالفعل لمراجعة اختصاصي علم نفس (سيكاترك) ولا يصلح في المستقبل أن يتولى شأن المسلمين ولا إدارة شئون العامة، فهو يرتضي بمصالحه الشخصية فوق المصلحة العامة وبالتالي لا يُؤتمن على حال العباد.
نقطة ساخنة:-
أقدِّم مقترحاً لكافة الأحزاب والحركات المسلحة اذا كان لهم العزم الحقيقي في تغيير النظام والحفاظ على سلامة البلاد، عليهم اعتماد وإتباع النقاط التالية:-
1- عَلى كُــل الأحزاب أن تذهب إلى مسجل الأحزاب (وتحل نفسها) وعلى كل الحركات المسلحة ان تسلم سلاحها للحكومة وتنهي الحرب وتعود مدنية فقط بدون طلب المشاركة في الحكم!!.
هنا سوف يجد الحزب الحاكم نفسه وحيداً في الساحة ولا معنى لوجوده هو كذلك، وحينها سوف يكتشف بأن كل المعارضة أصبحت هي (الشعب) فيعجل بعمل انتخابات مُبكِّرة حتى لا يفرض عليه التغيير من الشعب، أو قد يترجّى المُعارضة أن تعيد تسجيل أحزابها ليجد من يمتص منه شريان الاستمرار في الساحة، فهذه هي نظرية سحب البساط الأخير، ربما يراها البعض ضرباً من الجُنون والخيال، ولكن عزيزي القارئ تمعّن في هذا الحل وانظر لمسافة عام أو عاميْن من الآن لتشاهد قوة هذه الفكرة.
إنّ نظرية المُنافسة تثبت إذا انسحب الكل من المُنازلة يصبح الحاضر في الساحة هو البطل، ولكنه بطلٌ من ورقٍ في مهب الريح.

Exit mobile version