اسماء محمد جمعة : عاهة التعليم

تطوير التعليم يعتبر أهم خطوة لأية حكومة أرادت النجاح لنفسها والخروج بالمواطن إلى بر الرفاهية والأمان ، وأية حكومة لم تبدأ بهذه الخطوة سيشقى بها المواطن ، والتعليم هو الشيء الوحيد الذي لا ينبغي أن يدخل في المزايدة والسمسرة السياسية ، وهذا ما وقعت فيه حكومتنا الحالية.. منذ مجيئها بدأت رحلة انحطاط التعليم التى وصلت اليوم قمتها ،وها نحن نجني حصادها ويصنف وضع التعليم في السودان بأنه الأسوأ في العالم ضمن آخر عشر دول بسبب عدم تخصيص الدولة ميزنية تتناسب مع قيمة التعليم وضرورته الملحة ، ولا شك أن لذلك أثره السلبي العظيم .
حسب علمنا ،فنسبة الميزانية المخصصة للتعليم في السودان بشقيه العام والعالي لا تتجاوز ال6% ، وحتى هذه النسبة لا تذهب الى التعليم كلها ، نتيجة الفساد و99% من ميزانية التعليم يدفعها أولياء الأمور ، فلم يعد هناك فرق بين التعليم الحكومي والخاص من حيث المنصرفات ، ووزراء التعليم على مدار 27 سنة يقفون عاجزون عن فعل شي غير التنظير والتمني والكذب .
أمام البرلمان قبل يومين شكت سعاد عبد الرازق، وزيرة التربية والتعليم العام ورئيسة القطاع، خلال استعراضها بيان القطاع من صعوبة تجويد مخرجات التعليم العام والعالي وعددت آثار ذلك على المجتمع ، كما شكت من التحدي الذي يواجهه القطاع لتحسين ظروف المعلمين وبيئة عملهم، وجعل التغذية المدرسية مشروعا قوميا تساهم فيه الدولة والمجتمع وتخفيف حدة الفقر
كذلك شكت وزارة التعليم العالي من قلة الدعم الحكومي من الموازنة العامة وعدم الوفاء بالميزانيات المجازة، مع ضعف تمويل البحث العلمي وطالبت بزيادة نسبة دعم التعليم العالي من الناتج القومي إلى (5%)، وأيلولة إيرادات التعليم العالي للمجلس القومي للتعليم العالي.
لا ادرى لماذا تشكو الوزيرتان من مشاكل التعليم وهما تعلمان تماما أن التعليم ليس من أولويات حكومتهن وإن كانتا صادقتين وحريصتين على تطور التعليم ما كان لهن ان يقبلن مناصب لا تمنحهن ما يحتجنه من موارد لتمويله ، وهن اليوم كمن يحرسن باب منزل مهجور فيمنحن فقط ثمن الحراسة .
كثير من الحكومات جاءت مع أو بعد هذه الحكومة بزمن طويل ، ولكنها استطاعت في زمن وجيز بفضل حكمة القادة، أن يجعلوا التعليم سببا في نهضة بلادهم ، تركيا وماليزيا يشكلان مثالا حيا أكد أن التعليم ينقذ الشعب من التردي ، فتركيا اليوم تخصص ربع ميزانية الدولة للتعليم ،وأول خطوة فعلها الرئيس الماليزى محمد مهاتير عند مجيئه أن خصص للتعليم 25% من ميزانية الدولة .أين تركيا وماليزيا الآن ؟
لا ادرى لماذا تصر حكومتنا على مخالفة الحقائق التى يفرضها الواقع وتستأثر بميزانية الدولة لصالح القطاع العسكرى الذي تمنحه أكثر من نصف ميزانية الدولة ، وهو قطاع لا قيمة له في تحقيق التنمية والاستقرار وتتجاهل القطاعات الحيوية التى تنعش البلد وتصنع الاستقرار الحقيقي ، وحتى ما تخصصه للقطاعات الاخرى يقع أغلبه في أيادي مفسديها.
التعليم في السودان يواجه كارثة، ولم تعد الحكومة قادرة على إنقاذه مثل بقية القطاعات الاخرى فقد فات الأوان . الآن البلد بحاجة الى نظام يؤمن بما يؤمن به كل العالم في سبيل تحقيق النهضة والتقدم والرفاهية ، أما حكومتنا هذه فهي المشكلة الوحيدة التى تقعد التعليم وغيره .

Exit mobile version