نجاحات عديدة تحسب للسيد وزير الصحة الاتحادي “بحر إدريس أبو قردة”، وتواصل دولي مع المنظمات العالمية والأممية انتهى باتفاقات أو تجديد اتفاقات لتنفيذ عدد من البرامج الصحية التي تصب لصالح خدمة المواطن.. وقد أشرنا قبل أيام قليلة إلى اتفاق الصندوق القومي للإمدادات الطبية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والخاص بتوفير أدوية مستوردة من بعض الشركات الأجنبية مقابل السداد بالعملة المحلية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتسيير أعماله في السودان واعتماد سعر الصرف الرسمي للدولار في عملية السداد.. وقد وقع نيابة عن حكومة السودان وزارة التعاون الدولي ووزارة الصحة الاتحادية.
في ذات يوم نشر المادة رن هاتفي مساء وظهر اسم السيد الوزير على شاشة الهاتف، وبعد الرد على المحادثة وتبادل التحايا، قال لي السيد الوزير إنه اتصل عليّ قبل قليل لكنني لم أرد على الهاتف في وقته، وإنه أراد أن يعرب لي عن شكره على ما كتبته عن الوزارة والصندوق وما تحقق لبلادنا من مكاسب جراء ذلك الاتفاق.. وقال السيد “أبو قردة” إن هذا الأمر يستحق أن يحظى بأكبر قدر من الاهتمام، ولا بد من شكر الإدارة الشابة والفتية للصندوق القومي للإمدادات الطبية، ممثلة في مديره العام الدكتور “جمال خلف الله” ومعاونيه لأنهم قدموا درساً وطنياً عظيماً تمثل في هذا الإنجاز الذي بموجبه يتم القفز من فوق أسوار الحصار والمقاطعة التي تضرر منها المواطن السوداني كثيراً.
وتحدثنا بعد ذلك في عدة أمور عامة، لكنني أكبرت متابعة السيد الوزير لكل ما ينشر عن وزارته والمؤسسات التي تتبع لها، وهو رجل يستحق الاحترام، وأزعم أنني أعرفه منذ وقت بعيد، قبل أن يتمرد ويحمل السلاح، وبعد أن تمرد وبعد العودة لأحضان الوطن من جديد، وهو رجل صادق في تعامله ومعاملاته رغم أننا اختلفنا حول بعض القضايا، لكن ذلك الاختلاف لم يؤثر على استقامة العلاقة القائمة على احترام الرأي والرأي الآخر.
{ محادثة وحادثة
في ذات اللحظات التي كنت أحادث فيها السيد الوزير ظهر على شاشة الهاتف رقم الدكتور مستر “علاء الدين يس” مدير مستشفى حاج الصافي بالخرطوم بحري عدة مرات، وعندما أكملت محادثتي مع الأخ “أبو قردة” عدت إلى رقم مستر “علاء الدين” عدة مرات إلا أنه لم يكن هناك رد على الاتصالات، ووجدت العذر للأخ والصديق مستر “علاء الدين” وقلت إنه لا بد وأن يكون مشغولاً بشأن يتصل بالعمل في مستشفى حاج الصافي، الذي تحول في عهده من مستشفى أقرب للمراكز الصحية إلى مستشفى ينافس المشافي الخاصة، ويضم كل التخصصات تقريباً، وأصبح نموذجاً يحتذى ومضرباً للمثل في النجاح بإمكانيات الدولة التي يعتقد الكثيرون أنها محدودة، في حين أن الإرادة والخيال والقدرة على التنفيذ هي المحدودة لدى الكثيرين ممن نوكل لهم أمر إدارة مثل هذه المؤسسات العلاجية.
قلت بيني وبين نفسي إن مستر “علاء الدين” سيعاود الاتصال مرة أخرى، لكن مفاجأة محزنة ومؤسفة كانت بانتظاري في اليوم التالي إذ علمت أن بعض أهالي إحدى المريضات ثاروا على الطاقم الطبي في غرفة العمليات بمستشفى حاج الصافي في ذات اللحظات التي كان يطلبني فيها مستر “علاء الدين” والتي كنت أحاول أن أطلبه فيها. وعلمت أن السبب هو وفاة مريضة داخل غرفة العمليات خلال عملية أجريت لها، وعندما تم إبلاغ أهل المريضة المتوفاة بالأمر، حدث ما حدث وتم تدمير غرفة العمليات وتحطيم عدد من الأجهزة، وتم الاعتداء على الجراح ومساعديه وعلى عدد من العاملين بالمستشفى.
منذ خمس سنوات– حسبما علمت– لم تحدث حالة وفاة واحدة داخل غرفة العمليات بمستشفى حاج الصافي، لكن إرادة الله شاءت أن يحدث الذي حدث ويتبع ذلك الدمار الذي لحق بغرفة العمليات والإصابات التي لحقت بالأطباء والطاقم الطبي في غرفة العمليات. قطعاً ليس من واجب الطبيب منع الموت عن المريض، ولا إطالة عمره، بل إن المطلوب منه هو تخفيف آلام المريض ومعالجة المرض بالمتابعة والعقاقير أو الجراحة إن استدعى الأمر، ولكن في مثل حدوث وفيات فإن المطلوب تقديم تقرير كافٍ ووافٍ عن أسباب الوفاة، ومطلوب من أهل المريض المتوفى قبل ذلك الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره، لا متابعة الانفعال والانجراف وراء ردة الفعل.
بعد الإطلاع على ما حدث تمنيت لو أنني علمت به في حينه حتى أحاول معرفة الرأي الرسمي للسيد الوزير في مثل هذه الأحداث والحوادث المؤسفة، رغم أن ذلك حدث في مستشفى حكومي يتبع لوزارة الصحة بولاية الخرطوم، لكن معرفة آراء قيادات العمل الصحي في مثل هذه الأحداث أمر مهم.. وكنا ننتظر بياناً توضيحياً من وزارة الصحة بولاية الخرطوم حول الحادث وأسبابه وتداعياته وتفادي وقوع حوادث أخرى في المستقبل.. ليت البروفيسور “مأمون حميدة” أجابنا أو أي من منسوبيه لأن ما حدث خطير.