*إذا كانت الفلسفة هي أم العلوم كما درسونا في الكتب فإن السياسة هي أم المصائب كما علمتنا تجارب الواقع السياسي العملية في بلادنا الأفرقية والعربية‘ وفي السودان خاصة.
*عندما نقول السياسة فإننا نعني أهل السياسة ‘ خاصة الذين تولوا زمام أمرنا في هذه البلاد وعلى الأخص الذين تولوا أمرنا بقوة السلاح وليس عبر الإرادة الشعبية الحرة.
* اليوم التاسع عشر من مايو رفع لي ناس الفيس بوك بارك الله فيهم ضمن ذكرياتي طرفهم” كلام الناس” الذي نشر في مثل هذا اليوم من عام 2013 م في ” السوداني” إبان وجودي في السودان‘ حتى لايعيد ذلك المعقب الذي لم أتشرف بمعرفته سؤاله الأغرب عن تغيير “جديد” في أسلوب في كتابتي !!.
*لن أضيف اليوم جديداً لما ظللت أقوله – منذ أن شرع عراب تطبيق سياسة السوق الحر تحت مظلة أسلمة الإقتصاد عبد الرحيم حمدي التي ثبت عملياً أنها أبعد ماتكون عن مقاصد الإسلام السمحة – وأنا أعيد معكم قراءة تقرير هالة حمزة رئيسة القسم الإقتصادي بالسوداني بعنوان”الدولار ينتصر”.
*تقرير هالة حمزة الذي نشر على الصفحة الخامسة بالسوداني الثلاثاء الماضي لاعلاقة له بالسياسة ولا بالحركات المسلحة يانواب المؤتمر الوطني حتى لاتصنفوه ضمن ما اعتبرتموه “عداء الصحافة للحكومة”.
*التقرير الصحفي لم يكن سوى قراء مهنية خالية من الغرض لموازنة 2016م التي سبقتها وعود بعدم وجود أية زيادات في الرسوم والاسعار إلا أن تنفيذها أفرز واقعاً مغايراً لايتوافق مع مرجعياتها.
*لن أتحدث هنا عن تصاعد الدولار الجنوني مقابل طيب الذكر الجنيه السوداني رغم كل الحقن المليارية الخارجية والتصريحات التطمينية‘ إنما سأركز الكلام فقط عن الزيادات المركبة في أسعار غاز الطهي بنسبة 200٪ وفي أسعار المياه بنسبة 100٪‘ وإلغاءالدعم عن سلعة القمح وتعديل سعر الدولار “القمحي” من ٤ إلى ٦ جنيهات‘ وزيادة جديدة على الرسوم الإضافية للأجهزة الكهربائية والمواد البلاستيكية وتعديل فئات ترخيص العربات .. وهدية رمضان المبارك زيادة كبيرة في سعر السكر.
*هذا ما أورده التقرير الصحفي على سبيل المثال لا الحصر‘ فالواقع الإقتصادي أصبح فوق احتمال غالب المواطنين إن لم نقل كلهم‘ دون بصيص أمل في إصلاح إقتصادي حقيقي خاصة مع إستمرار السياسات القائمة‘ والدفاع عنها لمجرد أنها تحقق مصالح أهل الحكم ومن شايعهم‘ مهما كان الثمن الذي يدفعه المواطنون بشرياً وماديا.
*لن ينصلح الحال الإقتصادي مالم تحدث معالجة كلية شجاعة توقف النزاعات المسلحة وفق حل سياسي قومي ديمقراطي لابد من دفع استحقاقاته كاملة غير منقوصة‘ وذلك يستوجب مراجعات حاسمة للأخطاء السياسية والإقتصادية والامنية‘ تشمل ضمن ما تشمل إطلاق سراح كل المعتقلين والمعتقلات وإلغاء القرارات الإدارية الجائرة على الطلاب والطالبات وفتح الجامعات وتهيئة المناخ الصحي للحياة الأكاديمية والفكرية بها‘ وكفالة وتأمين الحريات خاصة حرية التعبير والنشر‘ وتحقيق العدالة وسيادة حكم القانون على كل من يثبت تورطه في جرائم ضد المواطنين‘ واتخاذ خطوات عملية لمحاربة الفساد والمفسدين‘ واستعجال الإتفاق على حكومة انتقالية لفترة زمنية محددة تعمل على تأمين السلام الشامل واسترداد الديمقراطية والشروع في إجراءات قيام إنتخابات حرة نزية.