> لم يكن حسام كشباب هذا الجيل في سلوكه ومسلكه، كان فريد عصره، أدباً وأخلاقاً وتديناً، عشق الجندية فأرضعته التهذيب والصبر، عشق الشرطة فصقلته بالضبط والربط، وعشق العمليات فأعطته الانقياد والطاعة وحسن هندام بجمال زيه وفعله.. ما عرف الخنى، ولا الميوعة ولا الخنوع ولا الخضوع.. عمل لرب ودين، وأخلص لعقيدته ووطنه.. جعل الجهاد سبيله.. حمل روحه في يده الأمينة وقدمها للوطن… نعم انهم جنود العمليات شعارهم «بالأرواح نجود لوطن الجدود».. مضى حسام شهيداً.. نعم احترق جسده البض بالملتوف فالمحروق شهيد.. فجمع حسام بين الشهادة في الوطن والحريق. > كان حسام وزملاؤه الأخيار في الدفاع عن العاصمة حتى لا تحترق في مظاهرة الطلاب، فكان الشغب مدبراً للعبور به إلى شوارع الخرطوم حرقاً ودماراً. لكن أنى لهم ذلك وجنود العمليات كالأسود الضارية.. واجهوا اللهيب بقوة وعزيمة لا تلين كانوا لها الوقود، فأكلت النيران أجساد الجنود، التهمتهم النيران وأتت على أجسادهم.. واجهوا النيران بأجسادهم وصدورهم العارية، احترقوا من أجل الوطن.. كانت نيراناً معدة ومدروسة ومخططاً لها من قبل.. احتراق كيميائي رهيب لا يستعمله مسلم البتة، فالمسلم لا يعذب بالنار.. فحرق هؤلاء الفتية كان عملية مدبرة ومكيدة ومؤامرة للنيل من البلاد.. ليس ملتوفاً عادياً أبداً.. كان شديد الاشتعال وشديد الحروق فاحترق جسد حسام بالكامل أو قل تفحم جسده. عاني حسام في هذا الصيف الساخن آثار تلك الجروح الدامية حتى فاضت روحه إلى بارئها.. كانت جراحه غائرة في صيف حارق رغم محاولات الأطباء.. لكن نفذ قضاء الله فيه.. حسام ابن العشرين ربيعاً.. يموت ومواقع التواصل صامتة لا تحرك ساكناً.. والجنود الذين أصيبوا لم يجدوا لهم كاتباً… لكني سأكتب عنكم وأنتم جرحى.. وسوف أكتب حتى تتماثلون للشفاء شفاء لا يغادر سقماً، سوف أكتب لكم وانتم في الميدان.. وسأكتب كيف انكم كنتم أبطالاً في ساحات الغدر.. كيف واجهت صدوركم نيران العمالة والارتزاق.. كيف احترقت أجسادكم.. الخونة فعلوا فعل أصحاب الأخدود… والله من ورائهم محيط. > تقبل الله الشهيد حسام.. ونسأل الله الشفاء للجرحى.. وأن يعودوا إلى الميدان أكثر قوةً وثباتاً… هكذا شرطة ولاية الخرطوم.. وهكذا شرطة العمليات تضحيات بأغلى ثمن. والله المستعان. عبد الشكور حسن أحمد من الوهج: > شكراً الأخ عبد الشكور وأنت تنعي الشهيد حسام للشعب السوداني.. حسام الذي عاهد الله على أن تروح الروح رخيصة من أجل الوطن والمواطن.. إنه القسم المغلظ: «حتى لو ادى ذلك للمجازفة بحياتي»، فكان الملتوف الحارق هو الذي ينتظر حسام وحيد عائلته وسند أسرته الذي كان يعولها بعد أن تقاعد والده للمعاش، بعد أن قدم حساماً شهيداً لوطنه، وليس على لسانه إلا كلمة «الحمد لله أنه لم يمت بملاريا بل راح شهيداً لأجل البلاد والعباد».. وشكراً لقروب أصدقاء ساهرون الذي لبى نداء العزاء لأسرته في داره بقيادة ممثل شرطة ولاية الخرطوم في الإعلام العميد عبد الرحيم عثمان ورفاقه الكرام.. إنه مجتمع الشرطة الذي تربى على الوفاء والمواساة والوقوف بجانب الحق وحماية الوطن.. وإن حسام لن يكون بإذن الله آخر الشهداء في الشرطة طالما هناك للوطن أعداء. «إن قُدِّر لنا نعود».