محمد لطيف : هل حقاً كانت ناجحة.. زيارة الرئيس

(كمبالا 12 مايو 2016 ـ رفضت الحكومة الأوغندية، طلبا لمنظمة العفو الدولية دعت فيه كمبالا للقبض على الرئيس السوداني عمر البشير، وتسليمه للمحكمة للجنائية الدولية، بعد أن وصل صباح الخميس للمشاركة في تنصيب الرئيس يوري موسفيني. ونقل موقع (KFM) الخميس، عن وزير الدولة للعلاقات الدولية في أوغندا أوكيلو أوريم، أن بلاده لا يمكنها توقيف الرئيس البشير.
وأضاف: “نحن لا ندعو الرئيس البشير ليتم القبض عليه، في الواقع نحن نذهب لرؤيته يغادر بسلام”.
وكانت مدير منظمة العفو الدولية لشرق أفريقيا والقرن الأفريقي موثوني وانكي دعت في بيان صدر بعد ظهر الخميس، أوغندا للوفاء بالتزاماتها الدولية وإلقاء القبض على البشير الذي يواجه اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب انتهاكات وجرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور)..
نعم هذا هو الوجه المشرق أو الجانب الناجح في الخبر رغم أن المسؤولين السودانيين لم يتطرقوا إليه أصلا.. تحدثوا فقط عن أن الرئيس ذهب إلى هناك واستقبل استقبالا حافلا وشارك في مراسم التنصيب وعاد إلى بلاده.. والواقع أن مسؤولينا لو أدركوا فالمكسب الحقيقي من هذه الزيارة هو الموقف اليوغندي الحاسم الذي جاء كرد فعل لفعل صدر عن منظمة العفو الدولية ولإبراز قيمة الموقف اليوغندي ودلالاته فقد كان حريا بنا أن نشير إلى الموقف الآخر الذي جاء الموقف اليوغندي ردا عليه.. سيما وأنه لم يعد مسكوتا عنه محاولات العديد من الأطراف استغلال سيف الجنائية الدولية للوصول إلى تحقيق أجندة سياسية لم تكن مخفية أصلا.. بل هي في رأي البعض مشروعة أيضا ولكن يظل الخلاف حول آلية التنفيذ.. فكل ملم بتعقيدات قضايا السودان يدرك أن تنفيذ قرار الجنائية في حق الرئيس ليس حلا لأزمات السودان.. إن لم يكن مدخلا لتناسل أزمات من نوع آخر.. ولسبب من هذا ظل العقلاء والحكماء يتحدثون عن حلول على شاكلة منهج الحقيقة والمصالحة.. أو التعافي الوطني.. وهو نهج لو أخذ به يمكن أن يكون أشد إيلاما على النظام من أي إجراء تتخذه الجنائية الدولية ولكنه سيحقق أهداف الاستقرار والتسوية العادلة وعدم إلغاء أي طرف لصالح الطرف الآخر..!
هذا جانب.. ونعود إلى السؤال الأساسي: هل كانت الزيارة ناجحة..؟ بالطبع يمكن أن يأتي من يتصدى لنا بالقول إن الزيارة قد حققت أهدافها.. حسنا.. فماذا عن ذلك المساس بالسيادة الوطنية.. والذي تمثل في انسحاب ممثلي الدول الغربية بمن فيهم ممثلو الولايات المتحدة وكندا من قاعة الاحتفال فور وصول الرئيس..؟ فهذا مظهر سالب ووجه سيء من وجوه الرحلة.. والصمت عليه وتجاهله لا يعني أنه لم يحدث قط.. بل في كثير من المواقع الإعلامية فإن خبر المطالبة والانسحاب كان هو الحدث.. وليس زيارة الرئيس.. فكيف يمضي الأمر وكأن شيئا لم يحدث؟.. وهذه ليست هي المرة الأولى على أي حال.. ولن تكون الأخيرة بالطبع.. طالما ظلت الدولة تحني رأسها وتلوذ بالصمت في كل مرة.. يتوقع المراقب مجرد احتجاج في الحد الأدنى.. أو حتى مجرد بيان.. أو حتى تصريح صحفي في ذات لحظة الحدث.. أي شيء يعبر عن رفض هذا المسلك.. أما إذا كانت الدولة راضية بهذا السلوك تجاهها فهذا أمر آخر.. ولعل السعة والانتشار الذي تمارس به سفارات هذه الدول وبعثاتها في الخرطوم لأنشطتها ما يؤكد أن الدولة راضية عن ما يحدث هناك..!

Exit mobile version